البث المباشر

قصص من سيرة الاولياء

الأحد 13 أكتوبر 2019 - 09:07 بتوقيت طهران
قصص من سيرة الاولياء

إذاعة طهران- من اخلاق الاولياء: الحلقة 34: الشيخ رجب خياط وتذوق أشعارالموعظة والعرفان, السيد الفشاركي وشدة مراقبة النفس ويونس بن عبيد وصدق النصيحة للمسلمين

والصلاة والسلام على خاتم الانبياء محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الافاضل ـ كان الشيخ العارف رجب علي الخياط "رحمه الله" يميل الى الاشعار العرفانية والاخلاقية الى حد كبير وكانت مواعظه في معظم الاوقات تتخللها اشعار تربوية وكان يعير اهتماماً فائقاً لاشعار حافظ الشيرازي وثنائيات "طاقديس" وكان يبكي عند سماع شيء من تلك الاشعار وكان يقول: "تعبيراً عن اعجابه": (لو كان في المدينة كتاب طاقديس للملا احمد النراقي لاشتريته بكل ما املك).
قال الدكتور حميد فرزام: تعرفت على الشيخ منذ عام 1373 هـ.ق وما كنا نجلس معه مجلساً الا واسمع منه اشعاراً جميلة ذات مغزى عميق، وقد سألته مرة عن سبب اهتمامه بالشاعر الايراني الكبير حافظ الشيرازي فقال: ان لحافظ باعاً طويلاً في الجانب المعنوي واجد في شعره بيان الحقائق المعنوية وبعد الذوق العرفاني، وعندما كان الشيخ يريد تنبيه او تحذير احد فانه كان يستشهد بشعر حافظ. وكان يشبه الدنيا بالعجوز وكان في بعض المواقف يلتفت في مجلسه الى احد محبيه ويقول له: اراك قد ابتليت بهذه العجوز مرة اخرى. ويستشهد ببيت شعر لحافظ بهذا المعنى، وكان يفصح عن تلك الاقوال باسلوب المزاح، يقول الدكتور فرزام: كان سماحة الشيخ يلقي الاشعار بلحن وصوت جميل فكان من خلال قراءته لتلك الاشعار الاخلاقية يحدث تغييراً عميقاً في قلوب اصحابه، كنا في عصر احد الايام برفقة الشيخ في دار احد محبيه، وكانت في الدار صالة واسعة فجلس هو قرب الباب وانشد قصيدة معروفة لحافظ تبدأ بالبيت التالي الذي ترجمته:
من ذا الذي يفي لنا تكرماً ويحسن لحظة واحدة الى مسيء مثلي. قرأ عدة ابيات من تلك القصيدة بصوت عذب فبكى وابكى الحاضرين.
مستمعينا الافاضل ـ القصة التالية من القصص الدالة على قوة التقوى في التغلب على الهوى حيث لا يسلم منه احد حتى العلماء الاتقياء، لذلك جاء في القرآن الكريم: (وما أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي)، والرحمة الالهية تكون من نصيب الذين يمارسون التقوى بيقظة الروح وبصيرة العقل.
نقل الشهيد الورع الشيخ القدوسي(رض) عن الشيخ مرتضى الحائري عن والده المرحوم آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري ان استاذه التقي المرحوم آية الله العظمى السيد محمد فشاركي وهو من افاضل تلامذة المجدد الشيرازي الكبير "طيب الله ثراه" قال: في الليلة التي انتقل فيها المجدد الشيرازي الى رحمة الله تعالى ذهبت الى المنزل فشعرت بنسبة من النشاط والحيوية في قلبي... تأملت في زوايا نفسي فلم اعثر على سبب لهذه الحالة الغريبة.. كيف يكون هذا والحال اني في عزاء رجل عظيم كالمجدد الشيرازي استاذي ومعلمي الذي رباني فقد كان فقده اليماً على قلبي وقلوب المؤمنين ما لي اجد في قلبي هذه الذرات من الحيوية والنشاط، ان المجدد الشيرازي كان قمة في العظمة اذ جمع في شخصيته الرسالية "العلم" والتقوى والفطنة والذكاء ومثله نادراً جداً في مراجع الدين. والى جانب ذلك ـ والحديث مازال للمرحوم آية الله الفشاركي ـ كان في الفهم السياسي للاحداث انساناً متميزاً ذا حواس متحفزة وذاكرة قوية وصفات حميدة اخرى ولقد خسر العالم الاسلامي قائداً كهذا المرجع، فلم تداخلني البهجة القلبية؟ جلست اتدبر حالي واتأمل في نفسي ما الذي تغير فيَّ؟ اين العطب الروحي الحاصل عندي؟! بعد هذه التأملات قلت لنفسي: لعلك تفكرين في الزعامة والمرجعية التي ترثينها بعد استاذك؟
نعم ـ مستمعي الكريم ـ ان المرحوم آية الله السيد الفشاركي الذي كان مرشحاً للمرجعية العليا بعد وفاة استاذه توصل الى هذا الاحتمال بان استلامه للزعامة قد يكون السبب في ذلك النشاط السار الذي شعر به في قلبه، فخرج من المنزل الى الحرم الشريف لامير المؤمنين علي(ع) وتوسل حتى الصباح بالله تعالى بحق محمد وآل محمد كي يبعد عنه "آفة المرجعية" ما دام قلبه مال اليها.
وهكذا رفض السيد محمد الفشاركي(رض) ان يتسلم الزعامة الدينية في محاولة منه لتأديب نفسه وترويضها ولانقاذ المرجعية من خطر الهوى وحب الذات، فهنيئاً له ولامثاله من العلماء الربانيين الذين مارسوا الجهاد الاكبر طاعة لله ولرسوله فاكرمهم الباري تعالى وجعلهم مع أهل بيت النبوة قدوة للعالمين.
روي انه كان عند يونس بن عبيد حلل مختلفة الاثمان "والحلة كل ثوب جديد" قيمة بعضها اربعمائة درهم وقيمة بعضها الآخر مئتان، فخرج يوماً الى الصلاة وخلف ابن اخيه في الدكان، فجاء اعرابي وطلب حلة باربعمائة فعرض عليه من حلل المئتين فاستحسنها ورضيها واشتراها فمضى بها وهي على يديه فاستقبله يونس وهو عائد من صلاته فعرف حلته فقال للاعرابي: بكم اشتريت؟
فقال: باربعمائة، فقال يونس: لا تساوي الا مئتين فارجع حتى تردها.
فقال: هذه تساوي في بلادنا خمسمئة فقال له: ارجع فان النصح للمسلمين خير من الدنيا بما فيها ثم رده الى الدكان ورد عليه مئتي درهم وخاصم ابن اخيه في ذلك وقال له: اما استحييت اما اتقيت الا وهو راض بها! قال: فهلاَّ رضيت له بما ترضى لنفسك؟!
وختاماً: ايها الاحبة الكرام ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة