البث المباشر

معالم الاسلام المحمدي النقي

الثلاثاء 28 مايو 2019 - 13:56 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة من الله وبركات، معكم في ثامنة حلقات هذا البرنامج ننظر فيها الى إحتجاجات سيد الشهداء ومصباح الهدى الإمام الحسين – صلوات الله عليه – من زاوية بيانها لمعالم الإسلام المحمدي النقي وإعانة أجيال المسلمين في كل عصر على تميزه عن النسخة المشوهة التي روجها طواغيت بني أمية ومعهم أئمة الضلالة والنفاق، وهي نسخة تروجها إمتدادات الشجرة الملعونة في كل عصر لا سيما في عصرنا الحاضر.
يشاركنا في لقاء اليوم مشكوراً سماحة الشيخ باقر الصادقي تابعونا على بركة الله..
"بَرِئْتُ اِلَى اللَّهِ وَ اِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَاَتَقَرَّبُ اِلَى اللهِ ثُمَّ اِلَيْكُمْ بِمُوٰالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ ،وَبِالْبَرائَةِ مِنْ اَعْدائِكُمْ وَ النّاصِبينَ لَكُمُ الْحَرْبَ وَبِالْبَر ائَةِ مِنْ اَشْياعِهِمْ وَاَتْباعِهِمْ ، اِنّى سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَ وَلِىٌّ لِمَنْ والاكُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عادٰاكُمْ".
إخوتنا الأعزة الكرام.. لقد تجمعت قوى فلول الجاهلية الأولى وكتل النفاق في الشام، ومبدأ الجميع العودة الى عهدهم القديم وضلالاتهم وزعاماتهم الهمجية، وذلك لا يتسنى لهم إلا بتحطيم الإسلام وقتل رموزه معنوياً واجتماعياً ودينياً، فإن لم يفلحوا انتقموا انتقاماً عسكرياً حربياً، وهذا ما شرع به أبوسفيان وهيأ له وهيج نزعات التسلط في قومه يوم صرخ: تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الصبيان للكرة، فوالذي يحلف به أبوسفيان لا جنة ولا نار! وسار إبنه معاوية على سيرته، وقد أعلنها ابتداءً صريحةً قبيحةً قائلاً: وهذا ابن أبي كبشة يعني سيد الكائنات الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – ما رضي حتى قرن إسمه باسم الله، فيصاح به كل يوم خمس مرات على المآذن.. لا والله إلا سحقاً سحقاً، لا والله إلا دفناً دفناً! ومع هذه التخرصات الجاهلية، كان من نفاقه أن يحج ويزور قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وليخدع الناس أولاً أنه الخليفة للنبي، وليثبت السلطة الأموية من بعده بأخذ البيعة لإبنه يزيد من أهل مكة والمدينة، وإذا بمعاوية يصفع باحتجاج حسيني حازم، ذكره ابن قتيبة الدينوري في كتابه (الإمامة والسياسة)، أن أباعبدالله الحسين عليه السلام قال لمعاوية: "كأنك تصف محجوباً، أو تنعت غائباً، أو تخبر عما كان احتويته لعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد في ما أخذ من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحما السبق لأترابهن، والقينات ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً ودع عنك ما تحاول".
وتمر الأيام والأشهر، ويهلك معاوية وينصب مكانه يزيد وقد ورث مهمات أبيه التي لم تنجز بعد، وهي قتل الإمام الحسين صلوات الله عليه في البدء في قلوب الناس، أو إبعاده عنهم، وإبطال وصايته النبوية وخلافته المحمدية بأخذ البيعة منه، ولكن ابن أميرالمؤمنين علي سلام الله عليه هو صاحب الحجج الكبرى، أقنع بها الناس من خلال بياناته، وأحرج المتسلطين الغاصبين من خلال احتجاجاته.. يروي – أيها الإخوة الأحبة – الخطيب الخوارزمي الحنفي في كتابه (مقتل الحسين عليه السلام)، وابن أعثم في مؤلفه (الفتوح)، وكذلك ابن نما الحلي في (مثير الأحزان)، أن الحسين عليه السلام لقيه مروان بن الحكم فقال له: أطعني ترشد! قال عليه السلام له: "قل" قال مروان: بايع أميرالمؤمنين يزيد، فهو خير لك في الدارين.
هكذا يتكلم طريد رسول الله، مع وصي رسول الله! يعطيه الفتوى والنبوءة معاً، فما كان من سيد شباب أهل الجنة إلا عبارات متحسرة على الدين.. وقد تقمصه الجاهليون والمنافقون والمنحطون، وعلى المسلمين.. وقد خضعوا وانساقوا للمجرمين الظالمين! فقال صلوات الله عليه لمروان:
"إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد!" قال السيد ابن طاووس في كتابه (الملهوف على قتلى الطفوف) بأن الحسين سلام الله عليه قال لمروان بن الحكم:
"ولقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه! وقد رآه أهل المدينة فلم يبقروا، فابتلاهم الله بيزيد الفاسق!!".
أجل – إخوتنا الأكارم – هذا هو منطق الإمامة، فيه الحكم الإلهي، والتبليغ النبوي، والحجة البالغة على الناس أجمعين، إذ آل أبي سفيان استسلموا لرسول الله صلى الله عليه وآله في فتح مكة، فوقعوا أسارى في يديه الكريمتين، فما كان من نبي الرحمة إلا أن عفا عنهم وأطلقهم، وتلك مقولته المشهورة: "إذهبوا فأنتم الطلقاء"، وجميع المسلمين يعلمون أن الطلقاء لا يحق لهم أن يحكموا أو يتزعموا أو يتسلطوا، فضلاً عن أن يتوارثوا السلطة غاصبين ظالمين مفسدين!
وهذا الإحتجاج الحسيني أورده الشيخ الصدوق – أيها الإخوة الأفاضل – أيضاً في (أماليه) على هذا النحو، أن سيد الشهداء الحسين صلوات الله عليه قال لمروان:
"قد علمت إنا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحق الذين أودعه الله عزوجل قلوبنا، وانطلق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله عزوجل ولقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله هذا؟!".
أيها الأخوة والأخوات والرواية المتقدمة تنقلنا للحديث عن آثار ملحمة الامام الحسين وعموم احتجاجاته صلوات الله عليه في تعريف أجيال المسلمين بمعالم الاسلام المحمدي النقي وتمييزه عن الاسلام المزيف الذي صنعه طواغيت بني امية ومن حالفهم من الأئمة المضلين. وهذا مايحدثنا به ضيف حلقة اليوم سماحة الشيخ باقر الصادقي الباحث الاسلامي من ايران، نستمع معاً.
الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين. عظم الله أجوركم بمصابنا وبإمامنا أبي الشهداء أبي عبد الله الحسين وجعلنا الله وإياكم من الآخذين بثاره على يد مولانا الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. كان دور الامام الحسين عليه السلام واضحاً في إبراز صورة الاسلام المحمدي الأصيل الذي حاول بنو أمية أن يزيفوا هذا الاسلام من خلال ممارساتهم اللاأخلاقية ولكن موقف الامام الحسين وإحتجاجات الامام الحسين وخطابات الامام الحسين كانت واضحة للدفاع عن شريعة جده المصطفى صلى الله عليه وآله، شريعة الاسلام المحمدي الأصيل. ولعلنا نتلمس من خلال بعض الخطابات والرسائل التي خطبها وأرسلها الامام الحسين الى بعض مواليه وشيعته الصورة واضحة في إبراز حقيقة اولئك القوم. لعل من هذه الخطابات كان يقول الامام الحسين عليه السلام "ألا إن هؤلاء" إشارة الى بني امية والذي يمثلهم يزيد بن معاوية "قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود وإستأثروا بالفي وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله" في الحقيقة هذا نص واضح لايحتاج الى تفسير لأن ممارسات الحزب الحاكم الأموي الذي يمثله يزيد وأعوان يزيد كان هدفهم حرف الاسلام المحمدي الأصيل الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله من خلال تعطيل الحدود ومن خلال إظهار الفساد، من خلال ترك طاعة الرحمن، الإستئثار بالفي، تحليل الحرام وتحريم الحلال. كان هذا نصاً واضحاً من النصوص. مثلاً في خطاب آخر الامام عليه السلام يقول "ألا ترون أن الحق لايعمل به والى الباطل لايتناهى عنه. ليرغب المؤمن في لقاء الله فإني لاأرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما". خطاب واضح، الامام الحسين عليه السلام يضع النقاط على الحروف ويبين ماعليه هؤلاء. او في وصيته التاريخية التي جعلها عند اخيه محمد بن الحنفية يبين منها سبب الخروج، قال في جملة الكتاب والوصية "إني لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً ولاظالماً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله أريد أن أمر بالمعروف وأنه عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي فمن قبلني بالقبول الحق فالله اولى بالحق ومن رد عليّ أصبر" أصبر ليس بمعنى أني أضع يدي بيد الظالم يزيد بل أصبر على حرارة السيوف، أصبر في ساحات القتال لمواجهة الشر ومواجهة الباطل. وهذا ما قام به الامام الحسين عليه السلام. حينما كتب كتاباً لأهل البصرة كان يبين فيه ماعليه الحزب الحاكم من حرف الاسلام المحمدي فمن جملة كتابه لأهل البصرة والذي كتبه من مكة ولما كان الامام الحسين في مكة بعدما خرج من مدينة جده. قال لهم "فإن السنة قد أميتت والبدعة قد أحييت" يعني الحزب الحاكم الذي كان يمثله يزيد قد أمات سنة النبي صلوات الله عليه يعني حرفوا الاسلام المحمدي الذي جاء به النبي صلى لله عليه وآله والبدعة قد أحييت وهذه حقيقة واضحة من خلال كتابات وخطابات الامام الحسين عليه السلام.
المحاور: كانت هذه مستمعينا الكرام مشاركة سماحة الشيخ باقر الصادقي فشكراً له وشكراً لكم وأنتم تتابعون حلقة اليوم من برنامجكم الاحتجاجات الحسينية تستمعون لها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامي في ايران.
كانت هذه مستمعينا الأكارم مشاركة سماحة الشيخ باقر الصادقي، فشكراً له وشكراً لكم وأنتم تتابعون حلقة اليوم من برنامجكم (الإحتجاجات الحسينية) تستمعون لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
هكذا – إخوتنا الأحبة – أطلقها أبوعبدالله الحسين عليه السلام حججاً متتالية عن أدلة شرعية، وبراهين عقلية منطقية، محتجاً على الجاهلين والمتجاهلين، وعلى الغافلين والمتغافلين، وعلى المنافقين والمتغالطين، يلزمهم سلام الله عليه بما ادعوه من مبادئ الإسلام وأحكامه وشرائعه الإلهية الحكيمة، كذلك يلزمهم بما شاهدوه وعايشوه من وقائع ومواقف يذكرهم بها مقرونة بالبيان والدليل والحجة القاطعة.. فقد هلك معاوية وإبنه يزيد مخمور يتقلب في حي النصارى بحوران، فكتب إليه بالخبر، فجاء الى دمشق ليجلس على كرسي أبيه يأخذ بيعة مجددة من الناس أخرى تؤكد إذلاله لهم، ثم كتب الى عماله في البلاد يخبرهم بهلاك أبيه، ويقرهم على عملهم، وقد ضم العراقين: الكوفة والبصرة الى عبيدالله بن زياد بإشارة من سرجون النصراني مولى أبيه معاوية، وكتب الى واليه على المدينة الوليد بن عتبة: ..إذا ورد عليك كتابي هذا، فخذ البيعة لي على أهل المدينة، ثم أرفق كتابه ذاك بصحيفة صغيرة فيها هذه العبارة – كما ينقلها الخوارزمي في المقتل -:
خذ الحسين، وعبدالله بن عمر، وعبدالرحمن بن أبي بكر، وعبدالله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً، ومن أبى فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه!.
وهنا – أيها الإخوة الأعزة – بلغ الأمر أن كان من الناس الخذلان، ومن السلطة تأجج روح الإنتقام لبدر وحنين، ورفع الأمان، وقد فزع بنو أمية من أن يكون قبالها احتجاج يصدع صوته في الآذان، أو تظهر حجج تخبر عن عدم شرعية حكمهم وتسلطهم على رقاب المسلمين، فكان هنا لابد من المواجهة، لا سيما ويزيد يطالب بالبيعة، ويخير بينها وبين ضرب الأعناق، وقد بدأت المعركة – إخوتنا الأكارم – بالألسنة، واقتضى الحال ألا تنتهي إلا بالأسنة..
أجل، بدأت بالإحتجاجات، انتهت بالحجج البالغات، فلا السلطة ارعوت، ولا الإمامة تنازلت، فكانت كربلاء.. وكانت واقعة كربلاء:

ورام ابن ميسون على الدين إمرةً

فعاثت بدين الله جهراً جرائمه

فقام مغيثاً شرعة الدين شبل من

بصمصامه بدءاً أقيمت دعائمه

أراد ابن هند – خاب مسعاه – أن يرى

حسيناً بأيدي الضيم تلوى شكائمه

ولكن أبى المجد المؤثل والإبا

له الذل ثوباً والحسام ينادمه

أبوه علي، وابنة الطهر أمه

وطه له جد، وجبريل خادمه

فصال عليهم صولة الليث مغضباً

وعساله خصم النفوس وصارمه

فحكم في أعناقهم نافذ القضا

صقيلاً.. فلا يستأنف الحكم حاكمه

الى أن أعاد الدين غضاً ولم يكن

بغير دماء السبط تسقى معالمه

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة