البث المباشر

في ذكري مولد العقيلة الحوراء

الإثنين 29 إبريل 2019 - 14:56 بتوقيت طهران
في ذكري مولد العقيلة الحوراء

هي العقيلة التي عنها روي

الحبر ابن عباس وعنها كتبا

عامان من بعد شقيقها الحسين

قد ولدت أهلا بها ومرحبا

ميلادها طلّ بنور شمسها

ضياؤها عمّ فأخفي الكوكبا

وبشر النبي لما ولدت

وهو علي المنبر يلقي الخطبا

فقال سماها الاله في السما

بزينب لما تقاسي النوبا

فأمّ دار إبنته فاطمه

مهيناً لها بها مرّحبا

وله الحمد متصلا متواتراً والصلاة والسلام علي خير النبيين الصادق الأمين وآله الطيبين.
أزكي الصلوات والتحيات علي عقيلة الهاشميين بضعة الرسول ووريثة البتول عزيزة المرتضي وشقيقة المجتبي وسلوة الحسين مولاتنا الصديقة الصغري زينب الكبري بنت أمير المؤمنين.
السلام عليكم ورحمة الله أطيب التهاني والتبريكات نقدمها لكم ونرفعها بأسمكم الي مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه) بهذا اليوم الخالد والمناسبة السعيدة. ها نحن نعرفكم أحباءنا أولا بفقرات هذا البرنامج وهي:
- عن قصة الولادة المباركة وعنوانها هو: إختار الله للوليدة إسماً
- وفقرة أخري عنوانها: من سيرة العالمة غير المعلمة
- وفقرة أخري عن الأخلاق الزينبية عنوانها: نفحة من أخلاق البضعة النبوية
- ثم حكاية موثقة من الكرامات الزينبية عنوانها: ومسحت عيني بطرف مقنعتها

*******

نبدأ بأولي فقرات البرنامج وعنوانها هو:

إختار الله للوليدة إسماً

في السنة السادسة للهجرة المحمدية المباركة أي في العام الذي شهد غزوة الحديبية وصلحها ونزول بشارة سورة الفتح وفي العام إتخاذ رسول الله (صلي الله عليه وآله) للخاتم الذي أخذ يمهر به رسائله. وفي العام الذي أرسل (صلي الله عليه وآله) رسائله الشهيرة لملوك العالم يدعوهم للإسلام. هذا العام شهد بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) حدثا مباركا جليلا فقد ولدت الصديقة الصغري زينب الكبري بنت البتول وأمير المؤمنين وشقيقة السبطين سلام الله عليهم أجمعين.
كانت ولادتها سلام الله عليها بعد ولادة أخيها الحسين (عليه السلام) بعامين علي قول أغلب المؤرخين. أما يوم ولادتها فهو غرة شهر شعبان علي رواية وفي الرواية الأشهر في الخامس من شهر جمادي الأولي. وقد ذكر المؤرخون أنه طلب من أبيها أن يسميها عند ولادتها فقال (عليه السلام): ما كنت لأسبق رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فطلب من رسول الله أن يسميها فقال (صلي الله عليه وآله): ما كنت لأسبق ربي تبارك وتعالي، وعندئذ هبط الأمين جبرائيل يقرأ علي النبي من ربه السلام ويقول له: سمِّ هذه المولودة زينب، فقد اختار الله لها هذا الإسم ولا يخفي عليكم أن في تسمية الله جل جلاله مباشرة لهذه الصديقة دلالة واضحة علي سمو مقامها وعلو مرتبتها سلام الله عليها وهذا ما أجمع عليه العدو والصديق لما ظهر من كثير مناقبها وهو أقل القليل مما لم يظهر. وهذا القليل الذي ظهر، أظهر للعالمين أنها قد حازت من الصفات الحميدة ما لم تحزها إمرأة بعد أمها الصديقة الكبري فاطمة عليها السلام ولذلك لقبت بعقيلة بني هاشم.
وهذا اللقب هو من أشهر ألقابها عليها السلام بعد لقب الصديقة الصغري، وكان حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه إذا حدّث عنها قال: حديثتني عقيلتنا زينب بنت علي، أي سيدتنا فمعني العقيلة لغة السيدة كما أن معني العقال في الرجال السيد. وتنبئك عن مقاماتها الألقاب الفاضلة التي لقبت بها سلام الله عليها، وقد ذكر المؤرخون منها الألقاب التالية: العارفة الفاضلة الكاملة، عابدة آل علي، والموثقة وعقيلة الطالبيين، والعالمة غير المعلمة، والحوراء، وسبطة رسول الله أما كناها عليها السلام فهي أم كلثوم كناها بذلك رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وأم الحسن.

مليكة الدنيا عقيلة النسا

عديلة الخامس من أهل الكسا

رضيعة الوحي شقيقة الهدي

ربيبة الفضل حليفة الندي

ربة خدر القدس والطهارة

في الصون والعفاف والخفارة

بل هي ناموس رواق العظمة

سيدة العقائل المعظمة

ما ورثته من نبي الرحمة

جوامع العلم أصول الحكمة

سر أبيها في علو الهمة

والصبر في الشدائد الملمة

ثباتها ينبئ عن ثباته

كأنّ فيها كل مكرماته

بيانها يفصح عن بيانه

كأنها تفرغ عن لسانه

*******

تابعوا البرنامج بالفقرة الروائية التالية وعنوانها هو:

من سيرة العالمة غير المعلمة

نشأت سبطة رسول الله زينب الكبري في كنف النبوة وأدركت خمسة أعوام من حياة جدها المصطفي (صلي الله عليه وآله) يزقها الحكمة زقاً، ودرجت في البيت الذي شاء الله أن يذهب الرجس عن أهله ويطهرهم تطهيراً.
رضعت لبان الوحي من إمها الصديقة الكبري الزهراء البتول صلوات الله عليها وغذيت بغذاء الكرامة من كف الوصي الأعظم (عليه السلام) فنشأت نشأة قدسية طاهرة.
وصفها مولانا الإمام السجاد (عليه السلام) فقال: أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة.
يدل علي ذلك ما روي أنها سلام الله عليها كانت في بعض أيام صباها جالسة في حجر أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يلاطفها فقال لها: يا بنية قولي: واحد.
فقالت: واحد.
فقال لها: قولي إثنين فسكتت.
فقال لها: تكلمي يا قرة عيني.
فقالت: يا أبتاه ما أطيق أن أقول إثنين بلسان أجريته بالواحد جل جلاله، فضمها صلوات الله عليه الي صدره وقبّل ما بين عينيها.
وفي رواية أخري، أنها سلام عليها قالت لأبيها سيد الوصيين: أتحبنا يا أبتاه؟
فقال (عليه السلام): وكيف لا أحبكم وأنتم ثمرة فؤادي؟
فقالت عليها السلام: قد علمت يا أبتاه أن الحب لله تعالي والشفقة لنا!
وروي في كتاب بلاغات النساء أن أحمد بن جعفر الهاشمي قال: كانت زينب بنت علي عليهما السلام تقول: من أراد أن لا يكون الخلق شفعاؤة الي الله فليحمده، ألم تسمع الي قولهم سمع الله لمن حمده؟ فخف الله لقدرته عليك وإستح منه لقربه منك.
والصديقة الصغري (سلام الله عليها) هي من رواة الحديث عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) ومما روته عنه قوله عن إخيها الحسين عليهم السلام أنه الإمام ابو الأئمة تسعة من صلبه أئمة ابرار تاسعهم قائمهم، وقوله (صلي الله عليه وآله) في أبيها (عليه السلام): يا علي، إنك وشيعتك في الجنة.
كما روت عن إمها الصديقة الزهراء (عليها السلام) خطبتها الفدكية العظيمة وروي عنها من الصحابة ابن عباس ومن الائمة الإمام السجاد (عليه السلام) وجملة من الفاطميات. وكان لها مجلس في بيتها في الكوفة تعلم النساء القرآن وتفسيره الحق.
قال ابن الأثير عنها في كتب أسد الغابة في معرفة الصحابة: كانت زينب إمرأة عاقلة لبيبة جزلة وكلامها ليزيد حين طلب الشامي إختها فاطمة من يزيد مشهور وهو يدل علي عقل وقوة جنان ووصفها ابن حجر في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة بأنها سبطة رسول الله ونقل كلام ابن الأثير المتقدم، وقال مثل ذلك السيوطي في رسالته الزينبية وقال عنها النيسابوري في رسالته العلوية: كانت زينب في فصاحتها وبلاغتها وزهدها وعبادتها كأبيها المرتضي وأمها الزهراء عليهم السلام.
أما عمر ابو نصر فقد قال في كتابه (فاطمة بنت محمد صلي الله عليه وآله): وأما زينب بنت فاطمة فقد أظهرت أنها من أكثر آل البيت جرأة وبلاغة وفصاحة وقد إستطارت شهرتها بما أظهرت يوم كربلاء وبعده من حجة وقوة وجرأة وبلاغة حتي ضرب بها المثل وشهد لها المؤرخون والكتاب. ونقل الجاحظ في كتاب البيان والتبيين خطبتها في الكوفة وقول راويها: ورأيت زينب بنت علي فلم أر والله خفرة أنطق منها كأنما تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين فأومأت الي الناس أن أسكتوا فسكنت الانفاس وهدأت الأجراس، فأي هيبة إيمانية بعد هذه وهي أسيرة بأيدي الأعداء؟!

عقيلة اهل بيت الوحي بنت

الوصي المرتضي مولي الموالي

شقيقة سبطي المختار من

قد سمت شرفا عالي هام الهلال

حكت خير الأنام علا وفخرا

وحيدر في الفصيح من المقال

وفاطم عفة وتقي ومجدا

وأخلاقا وفي كرم الخصال

ربيبة عصمة طهرت وطابت

وفاقت في الصفات وفي الفعال

فكانت كالأئمة في هداها

وانقاذ الأنام من الضلال

وكانت في المصلي اذ تناجي

وتدعو الله بالدمع المسال

ملائكة السماء علي دعاها

تؤمن في خضوع وابتهال

روت عن أمها الزهرا علوما

بها وصلت الي حدّ الكمال

مقاما لم تكن تحتاج فيه

الي تعلّم علم أو سؤال

ونالت رتبة في الفخر عنها

تأخرت الأواخر والأوالي

فلو لا أمها الزهراء سادت

نساء العالمين بلا جدال

*******

كانت هذه الأبيات للشيخ جعفر النقدي رضوان الله عليه وبها ننقلكم الي فقرة أخلاقية من هذا البرنامج الخاص بذكري ولادة مولاتنا زينب عليها السلام عنوان الفقرة هو:

نفحة من أخلاق البضعة النبوية

قال ابن عنبه في كتاب أنساب الطالبين: زينب الكبري، إمتازت بمحاسنها الكثيرة وأوصافها الجليلة وخصالها الحميدة وشيمها السعيدة ومفاخرها البارزة وفضائلها الظاهرة.
وقال مؤلف كتاب جنات الخلود عنها سلام الله عليها: كانت في البلاغة والزهد وحسن التدبير والشجاعة شبيهة أمها وأبيها.
فعن زهدها روي عن مولانا الإمام السجاد زين العابدين (عليه السلام) من أنها عليها السلام ما إدخرت شيئا من يومها لغدها أبداً.
وعن كرمها روي في مصادر الفريقين أنها بعد أن عادت الي مدينة جدها (صلي الله عليه وآله) بعد أسر بني أمية، لم يكن لديها شيء تهديه للرسول الذي سايرهم من الشام الي المدينة لحسن صحبته لهم، فعمدت الي تقديم سوارها وسوار إختها فاطمة بنت علي عليهما السلام لهما.
وعن بلاغتها فنكتفي بالإشارة الي خطبها البليغة في الكوفة والشام والي نقل قولها في مدح إبيها أمير المؤمنين (عليه السلام):

إمامي وحّد الرحمان طفلاً

و آمن قبل تشديد الخطاب

أما عبادتها صلوات الله عليها فقد قال المؤرخون أنها كانت كأمها الصديقة الكبري فاطمة الزهراء (عليها السلام) تقضي لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن وماتركت تهجدها السحري في حل أو سفر تقيم نافلة الليل وتدعو للمؤمنين وإلتزمت بذلك حتي في ليلة الحادي عشر من محرم سنة إحدي وستين للهجرة، تلك الليلة الرهيبة التي شهدت فاجعة عاشوراء الرهيبة.
كما روي العلامة شريف الجواهري في كتاب مثير الأحزان عن فاطمة بنت الحسين سلام الله عليها قالت: وأما عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في محرابها ليلة العاشر من المحرم تستغيث الي ربها فما هدأت لنا عين ولا سكنت لنا رنة.
ويكفي في باب عبادتها (سلام الله عليها) ما نقله الفاضل النائيني البروجردي عن بعض كتب المقاتل المعتبرة قال: إن الحسين (عليه السلام) لما ودع اخته زينب وداعه الأخير قال لها: يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل.

*******

ندعوكم أحباءنا الي حكاية موثقة من الكرامات الزينبية عنوانها:

مسحت عيني بطرف مقنعتها

شاءت حكمة الله جل جلاله أن يجعل لقضاء حوائج خلقه أبوابا ووسيلة هم أولياؤه المقربون لكي يتوجه العباد اليه جل جلاله بوسيلتهم فيكون ذلك سببا للتعلق الوجداني بهم وبالتالي الاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم التي هي أخلاق الله عزوجل.
ومن هذه الأبواب التي شاء الله جلت حكمته أن يجري عبرها كراماته وألطافه علي خلقه مولاتنا الصديقة زينب الحوراء (صلوات الله عليها)، وقد إخترنا لكم أعزاءنا في هذه الفقرة احدي كراماتها المشهورة التي تناقلها الثقاة وسجلها خاتمة المحدثين آية الله الشيخ حسين النوري قدس سره، في كتاب القيّم (دار السلام). وقد نقلها مباشرة عن معاصره العالم الرباني الورع آية الله السيد محمد باقر السلطان آبادي رضوان الله عليه وملخصها هو: أن السيد محمد باقر أصيب أيام دراسته الحوزوية الدينية في مدينة بروجرد الإيرانية برمد شديد في عينه اليسري اضطره للعودة الي بلدته سلطان آباد وفيها أحضر له والده أفضل الأطباء لمعالجته ولكن العلاج لم يؤثر وإبيضت عينه وفقدت بصرها فيما كان ما يعانيه من الالام الشديدة يحرمه من النوم ويزيد من معاناته.
يقول السيد محمد باقر واصفا حالته في تلك الأيام: «لقد ضاق صدري وكثر همي لكثرة ما أستعملت من الدواء في تلك المدة وكان لي أخ صالح تقي أراد السفر الي المشاهد المشرفة (في العراق) وزيارة سادات البرية عليهم السلام فقلت له: أنا أيضا أصاحبك للتشرف بتلك الأعتاب الطاهرة لعلي أمسح عيني بترابها (الحسيني) الذي هو دواء لكل داء ويأتيني (من الله عزوجل) الشفاء ببركاتها».
ولكن هذا الاخ التقي خشي علي أخيه السيد محمد باقر من تفاقم حالته وحذره من ذلك، أما الأطباء فقد أجمعوا علي تحذيره من هذا السفر وقالوا: إنه سيفقد بصره بالكامل في أول أو ثاني منزل من منازل السفر.
وعندما أرادت القافلة التي تضم أخاه التحرك نحو العراق جاء السيد محمد باقر لتوديعه فالتقي بأحد الأخيار كان قد سمع بقصته فشجعه علي الذهاب للزيارة مع أخيه وقال له: لا شفاء لك الا لدي خلفاء الله وحججه فإني كنت مبتليً بوجع في القلب مدة تسع سنين وكان الأطباء يعالجونني دون جدوي، فزرت أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، فعافاني الله وله الحمد فأمض الي الزيارة متوكلاً علي الله تعالي.
أثرت هذه الكلمات في قلب السيد محمد باقر فعزم علي مرافقة أخيه لكنه عندما وصل الي المنزل اشتدت ألامه ليلاً واشتد معها عتاب رفاق سفره ولومهم له علي عدم الاصغاء لتحذير الأطباء وإتفقوا علي إرجاعه الي بلدته صباح اليوم التالي ولكن حدث ما لم يكونوا يتوقعونه، قال السيد محمد باقر: سكن الوجع قليلاً وقت السحر، فرقدت (وفي المنام) رأيت الصديقة الصغري زينب بنت إمام الأتقياء وقد دخلت علي وأخذت بطرف مقنعتها ومسحت عيني به، فإنتبهت من منامي وأنا لا أجد للوجع أثرا في عيني، فلما أصبح الصباح قلت لأصحابي: إني لا اجد ألما في عيني فلا تمنعوني من السفر معكم، فلم يصدقوا حتي حلفت لهم، فلما أخذنا في السير رفعت المنديل الذي كان علي عيني المريضة ونظرت الي البيداء والي الجبال فلم أر فرقا بينها وبين عيني الصحيحة، فناديت الرفاق وقلت لهم: إقتربوا وانظروا في عيني، فنظروا وقالوا: سبحان الله، لا نري في عينك رمداً ولا بياضاً ولا أثراً من المرض. فقصصت لهم رؤياي وكرامة الصديقة الصغري زينب سلام الله عليها ففرح الجميع وأرسلت البشائر الي والدي فأطمأن خاطره بذلك.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة