البث المباشر

في ذكري رحيل اخت الرضا

الإثنين 29 إبريل 2019 - 14:52 بتوقيت طهران
في ذكري رحيل اخت الرضا

لهف نفسي لبنت موسي سقاها

الدهر كأساً فزاد منه بلاها

فارقت والداً شفيقاً عطوفاً

حاربت عينها عليه كراها

وأتي بعده فراق أخيها

حين من «مَروٍ» أسكنته عداها

كل يومٍ يمرُّ كان عليها

مثل عامٍ فأسرعت في سراها

أقبلت تقطع الطريق اشتياقاً

لأخيها الرضا وحامي حماها

ما مضت غير برهةٍ من زمان

فاعتراها من الأسي ما اعتراها

والي جنبه سُقامٌ أذاب

الجسم منها وثقلة أظناها

فقضت نحبها غريبة دارٍ

بعد ما قطّع الفراق حشاها

أطبقت جفنها الي الموت لكن

ما رأت والد الجواد أخاها

وله المجد والحمد الرؤوف الكريم وأزكي الصلاة وأتم التسليم علي معادن الرحمة والحكمة والكرامة محمد وأهل بيته المظلومين.
السلام عليك يا كريمة أهل البيت، يا بنت رسول الله وفاطمة وخديجة وأمير المؤمنين والحسن والحسين السلام عليك يا بنت ولي الله وأخت ولي الله وعمة ولي الله السلام عليك يا فاطمة المعصومة بنت موسي بن جعفر ورحمة الله. السلام عليكم عظم الله اجورنا واجوركم بيوم العاشر من شهر ربيع الثاني ذكري استشهاد مولاتنا السيدة اخت الرضا عليهما السلام.
معكم في هذه المناسبة وهذا اللقاء الخاص من برنامج ايام خالدة والفقرات التالية:
- الأولي عنوانها: عروجٌ في الطريق الي الرضا
- وعن قصة إستشهادها عليها السلام عنوانها: وللمعصومة شأن من الشأن
- فعن فضل زيارتها عنوانها: عندكم لنا قبر
- ومسك الختام حكاية موثقة عن بركاتها عنوانها هو: رأيت قديسة بملابس خضراء

*******

عروجٌ في الطريق الي الرضا

في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة 201 للهجرة خيمت سحائب الحزن علي قلوب المؤمنين لفقد عابدة بني هاشم في عصرها السيدة فاطمة المعصومة بنت العبد الصالح مولانا موسي الكاظم (عليه السلام).
وقد نص علي وفاتها (سلام الله عليها) في هذا اليوم عدة من العلماء منهم علماء أهل السنة موسي البرزنجي الشافعي المدني في كتابه نزهة الأبرار في نسب أولاد الأئمة الاطهار، وكذلك عبد الوهاب الشعراني الشافعي في كتابه لواقح الأنوار في طبقات الاخيار.
وكانت وفاتها في مدينة قم التي أجمع المؤرخون علي أن سبب مجيئها إليها هو الإلتحاق مع إخوتها بأخيها الرضا (عليه السلام) لإزالة وحشته وغربته التي فرضها عليه المأمون العباسي للإستفراد به.
قال المحدث الحسن بن محمد رضوان الله عليه في كتابه تأريخ قم: أخبرني مشائخ قم عن آبائهم أنه لما اخرج المأمون الرضا (عليه السلام) من المدينة الي (مرو) لولاية العهد في سنة (200) من الهجرة خرجت فاطمه أخته تقصده في سنة 201 فلما وصلت الي ساوة مرضت فسألت: كم بينها وبين قم؟ قالوا: عشرة فراسخ، فقالت إحملوني إليها، فحملوها الي قم وفي أصح الروايات أنه لما وصل خبرها الي قم إستقبلها أشراف قم وتقدمهم موسي بن خزرج الأشعري. فلما وصل اليها أخذ بزمام ناقتها وجرها الي منزله وكانت في داره سبعة عشر يوماً ثم توفيت رضوان الله عليها.
وروي المحدث الجليل الحسن بن محمد في الكتاب نفسه بأسناده عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أنه لما توفيت (سلام الله عليها) وغسلت وكفنت حملوها الي مقبرة (بابلان) ووضعوها علي سرداب حفر لها فاختلف آل سعد (الأشعري) في من ينزلها الي السرداب، ثم إتفقوا علي خادم لهم صالح كبير السن يقال له قادر، فلما بعثوا اليه رأوا راكبين مقبلين من جانب الرملة وعليهما اللثام، فلما قربا من الجنازة نزلا وصليا عليها، ثم نزلا السرداب وأنزلا الجنازة ودفناها فيه، ثم خرجا ولم يكلما أحداً وركبا وذهبا ولم يدر أحدٌ من هما.
لقد قضت مولاتنا السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) أيامها السبعة عشر الأخيرة في مدينة قم في التعبد لله عزوجل في المحراب الذي إتخذته في بيت موسي الخزرجي، وببركة عبادتها الخالصة خلّد الله جل جلاله هذا المحراب الي اليوم ولم تنقطع زيارة المؤمنين له الي اليوم، وقد بدأت زيارته بعيد وفاتها كما ذكر ذلك صاحب كتاب تأريخ قم وهو من علماء القرن الهجري الرابع. ويعرف هذا المكان المبارك ببيت النور وهو موجود ضمن مدرسة للعلوم الدينية يزوره المؤمنون ويتعبدون لله فيه متوسلين إليه بهذه البضعة المحمدية الطاهرة.

جرح الأحبة فاغرٌ ما إلتاما

يفري ولا ندري له إيلاما

ركب الفواطم ما يزال مسافراً

مرواً يريد وروضة ً وإماما

وعيله من ألق النبوة مسحة

أضفت عليه المجد والاعظاما

ومن الحسين بقية لدمائه

صبغت بحمرة لونها الأعلاما

*******

وللمعصومة شأن من الشأن

توفيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها وعمرها كعمر جدتها الصديقة الزهراء (سلام الله عليها) أي ثمانية عشر ربيعاً، ولذلك فلا يخفي أن وفاتها لم تكن طبيعية.
وقد ذكر بعض المؤرخين أنها (سلام الله عليها) توفيت كجدتها فاطمة الزكية عليها السلام شهيدةً مهضومةً وقد ذكروا في سبب وفاتها وسبب إصابتها بالمرض في مدينة ساوة؛ أن ركب عائلة الامام الكاظم (عليه السلام) الذي قصد طوس للقاء الامام الرضا (عليه السلام) تعرض في منطقة ساوة لهجوم جيش أرسله المأمون للحيلولة دون إلتحاقه بالرضا (عليه السلام) خشية من عواقب وجود إخوة وأخوات الامام الي جانبه وآثار ذلك في إزدياد توجه قلوب المسلمين إليه سلام الله عليه.
لقد حو صر هذا الركب الفاطمي الجليل من قبل جلاوزة البلاط العباسي وقتل وشرد أفراده، وشاهدت السيدة المعصومة عليها السلام مصرع إخوتها وما نزل بهم من مأسي يقطر لها القلب دماً فكان ذلك سبباً في مرضها، إلا إن السبب الأهم هو دس جلاوزة المأمون العباسي السُم لها للحيلولة دون قيامها بمثل ما قامت به العقيلة زينب سلام الله عليها وسائر الفاطميات بعد إستشهاد الإمام الحسين وشهداء واقعة الطف سلام الله عليهم أجمعين.
لقد تحملت كريمة آل البيت سلام الله عليه كل هذه الآلام وهي صابرة محتسبة تتقرب الي الله عزوجل بذلك، وآختارت أن يدفن جسدها الطاهر في دار غربة في وسط الطريق الي المشهد الرضوي المبارك لكي يكون شاهداً يعرّف العالمين بمظلومية أهل بيت النّبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) ومناراً لهداية الخلائق الي الدين الحق؛ وبيتاً من بيوت الله جل جلاله تفيض برحماته ويستجيب فيها الدعوات وملاذاً يقصده المؤمنون، وباباً من أبواب قضاء الحاجات.

يا أيها الحادي حداؤك هدني

لما ذكرت الأهل والأرحاما

عرّج علي قمٍ فإن لنا بها

قبراً لفاطم بالسمو تسامي

ظهرت به للعالمين خوارق

تسبي العقول وتدهش الافهاما

يا قبر فاطمة بقم تحية

من مدنفٍ يا قبرها وسلاما

طاب الضريح وضاع من شباكه

أرج النبوة يغمر الآكاما

*******

عظم الله أجورنا وأجوركم بمناسبة ذكري رحيل كريمة أهل البيت مولاتنا فاطمة المعصومة أخت الرضا (عليهما السلام) نتابع تقديم برنامج أيام خالده في لقائه الخاص بهذه المناسبة، وفقرة عبادية عنوانها هو:

عندكم لنا قبر

إهتم أهل بيت النبوة (عليهم السلام) بتوجيه قلوب المؤمنين بمختلف أجيالهم الي زيارة المرقد الطاهر لسيدتنا فاطمة المعصومة سلام الله عليها لما أطلعهم الله جل جلاله من عظيم منزلتها وبركات التوسل بها إليه عزوجل ولذلك نجد في أحاديثهم وهم (عليهم السلام) الحريصون علي هداية العباد الي كل ما يقربهم من الله تبارك وتعالي؛ نجد فيها إخبارات عن ثواب وفضيلة زيارة هذه البضعة النبوية الطاهرة حتي قبل رحيلها عليها السلام.
فمثلاً روي المحدث الثقة الحسن بن محمد في كتاب تأريخ قم عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن لله عزوجل حرماً وهو مكة وإن لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) حرماً وهو المدينة وإن لأميرالمؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم وستدفن فيها إمرأة من أولادي تسمي فاطمة فمن زارها وجبت له الجنة.
وإستمر أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) في حث المؤمنين علي زيارة هذه السيدة المظلومة سلام الله عليها، فقد روي الشيخ الثقة ابو القاسم جعفر بن محمد في كتاب كامل الزيارات بسنده عن سعد الأشعري أن مولانا الإمام الرضا (عليه السلام) بادره بالقول: يا سعد عندكم لنا قبر (وكان سعد من سكنة مدينة قم، فقال: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسي (عليهما السلام)؟!
قال: نعم من زارها عارفاً بحقها فله الجنة.
وفي كتاب كامل الزيارات أيضاً روي عن مولانا الامام ابن الرضا محمد الجواد سلام الله عليه قال: من زار قبر عمتي بقم فله الجنة.
وقد خصّ أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) سيدتنا فاطمة المعصومة (عليها السلام) بنص زيارة خاصة يشتمل علي كثير من الأسرار الكاشفة عن سمو مقامها سلام الله عليها وهذا النص مروي عن مولانا الامام الرضا (عليه السلام) أمر أن تزار أخته المعصومة به.
وببركة هذه الأحاديث الحاثة علي زيارة هذه البضعة النبوية الجليلة إثر ما رآه المؤمنون من ثمار وبركات زيارتها فقد كان مشهدها المشرف مهوي لقلوب المؤمنين منذ الأيام الأولي لوفاتها سلام الله عليها وقد بنت السيدة الجليلة زينب بنت مولانا الامام الجواد (عليه السلام) أول قبة علي قبرها الشريف وتوالي إعمار الأخيار لهذا المشهد المبارك الذي أصبح اليوم من أشهر مشاهد أهل البيت (عليهم السلام) في العالم الاسلامي يقصده أهل مودة الذرية المحمدية من مختلف الأقطار للزيارة والتوسل والدعاء ببركة هذه البضعة النبوية المباركة.

*******

نتابع البرنامج بنقل حكاية موثقة عن بركاتها سلام الله عليها نقلتها مجلة (زن روز) الايرانية ضمن مقابلة مع صاحب الحكاية، عنوان الحكاية هو:

رأيت قديسة بملابس خضراء

إن البركات الوجودية لأولياء الله المقربين (عليهم السلام) لا تنحصر بسني حياتهم الظاهرية في عالم الدنيا، فقد إختارهم الله جل جلاله لكي يكونوا من جنود غيبة الملكوتي يوصلون رحماته الخاصة للخلق حتي وهم في عالم البرزخ كما جعل مشاهدهم المشرفه من بيوته التي أذن الله أن ترفع وبذكر فيه اسمه وتقضي فيه حوائج عباده.
والسيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها هي من هؤلاء المباركين ويشهد حرمها المبارك باستمرار ظهور أشكال الكرامات الإلهية التي تستمل علي أنواع من البركات منها هداية المستعدين للهداية الي الدين الحق، ومنهم السيدة (نانسي) وهي من مسيحي طهران والتي أصبح إسمها فيما بعد (سمية) وملخص قصتها هو أنها إمتازت بروحٍ عطوفة لا تمل من مساعدة الأخرين، وببركة هذه الروح تكفلت بأعالة الصغار من إخوة زوجها بعد وفاة والديه في حادث سير، كما تكفلت بأعالة صغار أخيه (رامان) وزوجته بعد وفاته بسبب حادثة مماثلة.
وقد أصيبت السيدة نانسي – بسبب صعاب إدارة هذه العائلة الكبيرة – وبعد مدة بآلامٍ مبرحة في ساقها لم تعتني بها بسبب إنشغالها برعاية الآخرين حتي إستفحل المرض وأجمع الأطباء علي لزوم قطع ساقها إنقاذاً لحياتها.
لقد حدد الأطباء موعداً للعملية الجراحية اللازمة لإنقاذ حياة السيدة نانسي وكانت هذه السيدة العطوفة منشغلة البال بشأن مستقبل أفراد عائلتها الكبيرة وخاصة أطفال ابن أخ زوجها الذين لا زالوا صغاراً بحاجة.. لرعايتها. فأكرمت يد الغيب هذه الروح الحريصة علي خدمة الآخرين فأمدتها بعونها.
تقول السيدة نانسي: عندما رجعت الي المنزل بعد تحديد موعد العملية. إضطجعت وقد إستحوذ عليّ القلق وبكيت كثيراً حتي أخذتني غفوة رأيت فيها رؤيا عجيبة إذ رأيت قديسة نورانية ملابسها خضراء وعليها عباءة سوداء، أمسكت هذه القديسة بيدي وقالت لي: لا تخافي يا نانسي لست مضطرة لقطع ساقك، لا تحزني إن أطفال (رامان) يريدونك برجلين سالمتين.
وكان من جميل التدبير الإلهي أن يكون إستيقاظ هذه السيدة من نومها علي صوت جارة مسلمة علمت بمرضها فجاءت لعيادتها وجلست تحدث عائلة نانسي ولكي تبعد اليأس عن قلوبهم بكرامةٍ إلهية في شفاء أحد أقاربها يأس الأطباء من علاجه، لقد كانت الجارة تنتظر استيقاظ نانسي فأرادت إستثمار الوقت بنقل حكاية تلك الكرامة الإلهية ولكن حكمة الله شاءت أن تستيقظ نانسي وهي تسمع آخر حكاية تلك الكرامة بعد رأت تلك الرؤيا العجيبة، لذلك فقد سارعت لإخبار جارتها برؤياها، فقالت الجارة بيقين: إنك ستشفين حتماً ولا أشك أن السيدة التي شاهدتها في منامك هي السيدة المعصومة. ثم حدثتها عن أخت الرضا وكراماتها ودعتها الي زيارتها، فأستبعدت نانسي الفكرة قائلة: وكيف وأنا مسيحية؟
فأجابتها الجارة المسلمة: إن أهل هذا البيت الكريم يشملون كل خلق الله برأفتهم، فقومي لكي نذهب معاً الي قم قبل حلول موعد العملية.
وفي اليوم التالي ذهبت نانسي مع جارتها المسلمة الي قم، تقول نانسي: كنت أشعر بنورٍ خاصٍ يشتد في قلبي وأنا أقترب من قم، شعرت وكأنه يبشرني بخيرٍ قادم. لقد نسيت نفسي وآلامي وأنا أعيش تلك الأجواء الروحانية في حرمها وأسمع أصوات الداعين والزائرين والمصلين. جلست في الحرم مندهشة بهذه الأجواء حتي أخذتني سنة من النوم رأيت فيها تلك القديسة النورانية نفسها.
لقد إبتسمت في وجهي وقالت: إن أطفال رامان بإنتظارك، قومي، ألم تعديهم بأن تطبخي لهم اليوم الرُز مع الخضرة؟!
إنتبهت السيدة نانسي من غفوتها فوجدت الألم قد زال بالكامل من ساقها فعادت الي طهران مستبشرة. ثم أقر الأطباء الذين كانوا قد أجمعوا علي لزوم قطع ساقها لإنقاذ حياتها. أقروا بحدوث معجزة، أما السيدة نانسي فقد أنقذت هذه الكرامة حياتها المعنوية أيضاً إذ فتحت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام قلبها علي الدين الحق فإختارت الاسلام وولاء أهل البيت ديناً لها وإختارت لنفسها إسماً هو (سمية).

فلتباهي بفاطمٍ أرض قمٍّ

ولها الفخر والثناء المكرّر

إسمها شاع في الأنام بفخرٍ

ولها ينظم المديح وينثر

شأنها قد سما جلالاً وقدراً

وإجتباها الإله من عالم الذر

و حباها حلماً وقلباً صبوراً

وجميل العقبي لمن تصبّر

شأنها ذا من فاطمٍ بنت طه

فهي كالنور واضحٌ ليس ينكر

هي أخت الرضا علي بن موسي

وأبوها الإمام موسي بن جعفر

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة