البث المباشر

في ذكري رحيل حليم آل محمد

الإثنين 29 إبريل 2019 - 14:35 بتوقيت طهران
في ذكري رحيل حليم آل محمد

في ذكري رحيل حليم آل محمد

هاج الحنين لفرقة السبطين

بكر البتول مفارقٌ لحسين

والطست بينهما أذان ظليمة

حلت بقطب الدين والتكوين

كبد تقطع من سموم أمية

فالكون في شجو وفي تأبين

وحسين أسبل دمعه متفجعاً

ومع الحياء- بزفرةٍ وأنين

ويقول يا عضدي وكاشف غربتي

بعد البتول وفقدنا الأبوين

فأنا غريب الآل بعدك يا أخي

يا جود طاها منعش الثقلين

بسم الله وله الحمد والمجد أكرم الأكرمين، والصلاة والسلام علي الصادق الأمين وآله الطاهرين. أزكي الصلوات وأسمي التحيات عليك أيها الامام الزكي والهادي المهدي، سبط سيد النبيين ووصي أمير المؤمنين، يا من عشت مظلوماً ومضيت شهيداً مسموماً فسلام عليك يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تبعث حياً.
وعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بأستشهاد قرة عين الرسول وثمرة فؤاد البتول ونجل المرتضي وشقيق الحسين الامام الحسن المجتبي (عليه السلام) وبمناسبة ايام ذكري إستشهاده نلتقيكم أعزاءنا في هذا اللقاء الخاص من برنامج أيام خالدة وها نحن نعرفكم أولاً بعناوين فقراته وهي:
- أول شهداء الفتنة الأموية
- سم ٌٌمن بلاد الروم
- بكاءٌ في طيبة والشا
- عزٌ بلاعشيرة وهيبة بلا سلطان

*******

أولي فقرات البرنامج وقد إخترنا لها العنوان التالي:

أول شهداء الفتنة الاموية

في شهرصفرمن السنة الخمسين للهجرة النبوية المباركة ضجت المدينة المنورة بأهلها حزناً علي فراق كريم آل محمد (صلي الله عليه وآله) رابع أهل الكساء وثاني أئمة العترة المحمدية الأمام المجتبي ابي محمد الحسن (عليه السلام) مضي سلام الله عليه شهيداً مسموماً وهو ابن سبع وأربعون سنة أقام منها سبع سنين وسته شهورمع جده رسول الله (صلي الله عليه وآله) وكان مع أمه وأبيه وأخيه آخرمن تزود من رسول الله قبيل التحاقه بالرفيق الأعلي، فقد روي أنه (صلي الله عليه وآله) أفاق عند احتضاره علي بكاء الحسنين فأراد علي أن ينحيهما عنه فقال: يا علي دعني أشمهما ويشماني وأتزود منهما ويتزودان مني أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلماً فلعنة الله علي من يظلمهما.
وعاش الحسن المجتبي ثلاثين سنة مع أبيه المرتضي سلام الله عليهما وهو وزيره ومعينه في القيام بمهام الإمامة الكبري في المحنة التي نزلت بآل محمد وبالمؤمنين والفتن التي حلت بالمسلمين بعد رحيل رسول الله (صلي الله عليه وآله).
وبعد إستشهاد أبيه أميرالمؤمنين (عليه السلام) تولي المجتبي مهام الإمامة الكبري بوصيةٍ الهيةٍ نبوية، فكان وصي أبيه (عليه السلام) علي أهله وولده وأصحابه،
وقد وصاه بالنظرفي وقوفه وصدقاته، وكتب إليه عهدأ مشهورأ ووصية ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والآداب، وقد نقل هذه الوصية جمهورالعلماء واستبصربها في دينه ودنياه كثيرٌمن الفهماء، كما قال الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد.
ونهض ابو محمد الحسن المجتبي (عليه السلام) بمهام الإمامة الكبري والوصاية علي مدي عشرسنين في ظل اشتداد طغيان الفتنة الأموية والوهن الذي أصاب الناس بسبب الأبتعاد عن القيم المحمدية.
صالح (سلام الله عليه) معاوية لكي يحقن دماء المسلمين التي لم يكن طغاة أمية يعبأون بأراقتها، ولكي يعرّف من خدعتهم الوعود والتضليلات الأموية بحقيقة الذين تسلطوا عليهم لا لكي يقيموا فيهم القسط والعدل ولا لكي يأمروهم بالمعروف ويقيموا الصلاة، بل لكي يتخذوا عباد الله خولاً وعبيداً لهم ويستأثروا بأموالهم.
ولذلك فقد عمد الطاغية الأموي الي التامرعلي حياة السبط المجتبي (عليه السلام) فدس اليه السم ثلاث مرات حتي إلتحق بربه الأعلي مظلوماً شهيداً في المرة الثالثة، في سنة خمسين للهجرة، في شهرصفر، في السابع منه علي رواية وفي الثامن والعشرين منه علي رواية أخري تاركاً في قلوب المؤمنين لوعة الي يوم القيامة تفجعاً لمظلوميته (عليه السلام).
فكان يوم استشهاده من الأيام الخالدة، روي الواقدي بسنده الي ثعلبة بن أبي مالك قال: شهدت الحسن يوم مات ودفن بالبقيع، فرأيت البقيع ولوطرحت فيه أبرة ما وقعت ألاعلي رأس إنسان.

*******

لازالنا معكم احباءنا في هذا اللقاء الخاص من برنامج أيام خالدة نعظّم من خلاله شعائرالله بتجديد العزاء بذكري إستشهاد كريم آل محمد عليهم السلام سبط الرسول وبكرالبتول الحسن المجتبي سلام الله عليه وننقلكم في الفقرة التالية الي قصة إستشهاده في الفقرة التالية وعنوانها هو:

سمٌ من بلاد الروم

حفلت المصادرالإسلامية المعتبرة بالكثيرمن الروايات والأحاديث الشريفة التي أخبر فيها نبي الرحمة (صلي الله عليه وآله) أمته بالظلم الذي سينزل بأهل بيته (عليه السلام) ومنهم مولانا الإمام الحسن (سلام الله عليه).
ومن هذه الأحاديث مارواه الشيخ الصدوق في أماليه بسنده عن ابن عباس قال: إن رسول الله كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن فلما رآه بكي.
ثم قال: إني لما نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي. فلا يزال الأمربه حتي يقتل بالسم ظلماً وعدواناً فعند ذلك تبكي الملائكة السبع الشداد لموته ويبكيه كل شيء. فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمي العيون ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه علي الصراط يوم تزل فيه الأقدام.
ومن ينبوع هذا العلم النبوي الذي ورثه من جده المصطفي )صلي الله عليه وآله) كان الامام المجتبي (عليه السلام) قد أخبرأهل بيته بذلك وبدس معاوية السم إليه عن طريق زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس فقالوا له: أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك، فأجابهم (عليه السلام) بجواب شبيه بجواب أبيه امير المؤمنين (عليه السلام) عن سؤال مماثل بشأن ابن ملجم، قال: كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئاً ولوأخرجتها لم يقتلني غيرها وكان لها عذرٌ عند الناس.
قال الامام الصادق (عليه السلام) في تتمة حديث بهذا الشأن رواه القطب الراوندي في كتاب الخرائج: فما ذهبت الأيام حتي بعث معاوية إليها مالاً جسيماً وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة الف درهم أيضاً ويزوجها من يزيد، وحمل إليها شربة سم تسقيها الحسن.
ثم كان أن انصرف (عليه السلام) الي منزله وهو صائم [يعني الصوم المستحب] فأخرجت له وقت الإفطار- وكان يوماً حاراً - شربة لبن وقد ألقت فيها ذلك السم فشربها وقال: يا عدوة الله قتلتيني قتلك الله والله لا تصيبن مني خلفاً ولقد غرك وسخرمنك والله يخزيك ويخزيه.
فمكث (عليه السلام) يومين ثم مضي [شهيداً] فغدرمعاوية بها ولم يف لها [أي لجعدة] بما عاهد عليه.
وثمة رواية معتبرة مروية في كتاب الإحتجاج ملفتة للإنتباه تذكر أن معاوية دس لمولانا الحسن المجتبي (عليه السلام) السم مرتين ولم يؤثر فيه السم وعولج منه فسعي للحصول علي سم لا علاج له من الروم.
وهي مروية عن مولانا الامام (عليه السلام) ضمن حديثه مع سالم بن أبي جعد بعد أن سقي السم؛ وقد قال (عليه السلام) في هذا الحديث: أنه (يعني معاوية) كتب الي ملك الروم يسأله أن يوجه إليه من السم القتال شربة، فكتب إليه ملك الروم: لا يصلح لنا في ديننا أن نعين علي قتال من لا يقاتلنا.
فكتب معاوية اليه: أن هذا [يعني الذي يريد أن يقتله بهذا السم] هو ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة، وقد خرج يطلب ملك أبيه وأنا أريد أن أدس من يسقيه ذلك فأريح العباد والبلاد منه. ووجه [معاوية] اليه بهدايا وألطاف فوجه اليه ملك الروم بهذه الشربة التي دس فيها فسقيتها واشترط [أي ملك الروم] عليه في ذلك شروطا.
وكان سبط الرسول وشبيهه ووارث هيبته وسؤدده ورحمته بالعالمين الحسن المجتبي (عليه السلام) قد أوصي بأن يدفن الي جوارجده (صلي الله عليه وآله) ولكنه كان علي علمٍ بأن أقطاب الفتنة الأموية لن يسمحوا بذلك، ولكي يرفع عن المسلمين أبسط أنواع الأذي أوصي أخاه الحسين (عليه السلام) أن يجدد بجثمانه عهداً برسول الله (صلي الله عليه وآله) ثم ينقله الي البقيع لكي يدفن في جوار قبر جدته السيدة الجليلة فاطمة بنت أسد سلام الله عليها.
وهكذا كان الأمرفقد منع مروان بن الحكم ومعه أقطاب الفتنة الحسين (عليه السلام) من دفن جسد الإمام المجتبي عند جده (صلي الله عليه وآله)، فنقله وقد شك جسده بسهام أهل الفتنة الي البقيع لكي يدفن فيه مظلوماً في حياته وبعد مماته.

أأدهن رأسي أم تطيب محاسني

ورأسك معفورٌوأنت سليب

أوأستمتع الدنيا لشيء أحبه

ألا كل ما أدني اليك حبيب

بكائي طويلٌ والدموع غزيرةٌ

وانت بعيدٌ والمزارقريب

غريبٌ وأطراف البيوت تحوطه

الا كل من تحت التراب غريب

فليس حريباً من احيب بماله

ولكن من واري اخاه حريب

*******

بهذه الأبيات رثي مولانا الأمام الحسين أخاه الأمام الحسن (عليهما السلام) بعد أن واره في بقعته المطهرة في البقيع وبهذه الأبيات ننقلكم الأفاضل الي الفقرة التالية من هذا البرنامج الخاص بذكري استشهاد كريم آل محمد سلام الله عليه وهي عن ردودالفعل علي شهادته، عنوانها هو:

بكاءً في طيبة والشام

قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ضمن حديثه عن وفاة بكرالبتول المجتبي (عليهما السلام): و قد اجتمع الناس لجنازته حتي ما كان البقيع يسع احداً من الزحام.
وقد بكاه الرجال والنساء سبعاً.
وروي ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن مساور مولي بني سعد بن بكرقال: رأيت ابا هريرة قائماً علي باب مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) يوم مات الحسن بن علي وهو يبكي وينادي باعلي صوته: يا أيها الناس مات حبيب رسول الله فأبكو.
أما في الشام فكان هناك موقف آخر، ففي تاريخ مروج الذهب روي المؤرخ السعودي بسنده عن الفضل بن العباس قال الراوي: فوالله اني لفي المسجد اذ كبّر معاوية في [قصرالخضراء] فكبّراهل الخضراء ثم كبرأهل المسجد. فخرجت فاخته بنت قرظة. فقالت لمعاوية سرك الله يا أميرالمؤمنين ما هذا الذي بلغك فسررت به؟
فقال معاوية: موت الحسن بن علي، فقالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ!
ثم بكت وقالت: مات سيد المسلمين وابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله).
قال الراوي ثم بلغ الخبرعبد الله بن عباس وكان قد وفد للشام يومذاك فراح فدخل علي معاوية، فقال معاوية: علمت يابن عباس ان الحسن توفي فقال ابن عباس أما والله ما موته بالذي يؤخر أجلك. ولئن أصبنا قبله بسيد المرسلين وامام المتقين. ثم بعده بسيد الأوصياء فجبرالله تلك المصيبة ورفع تلك العثرة، فقال معاوية: ويحك يابن عباس ما كلمتك إلا وجدتك معداً.

*******


عظم الله أجورنا واجوركم الأكارم بمناسبة ذكري إستشهاد حليم اهل البيت الامام المجتبي سلام الله عليه وها نحن نتابع من اذاعة طهران تقديم هذا البرنامج الخاص بهذه المناسبة الأليمة فننقلكم الي اجواء المواعظ الحسنية البالغة في الفقرة التالية وعنوانها:

عزٌ بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان


سجلت المصادرالتأريخية وصية جامعة لامامنا الحسن المجتبي )سلام الله عليه) ألقاها علي احد خلص أصحابه وهو في اشد حالاته صعوبة: ولا غروفي ذلك وهوسبط رسول الله (صلي الله عليه وآله) حريص في جميع احواله علي ايصال الهداية الإلهية والموعظة الربانية للخلق: نتدبرمعاً في الرواية التالية التي رواها الحافظ الخزازفي كتاب كفاية الأثر وغيره بسنده عن الصحابي الجليل جنادة بن أبي امية قال:
دخلت علي الحسن بن علي (عليه السلام) في مرضه الذي توفي فيه وبين يديه طشت يقذف فيه ويخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي سقاه معاوية.
فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك؟
فقال (عليه السلام): يا عبد الله بماذا اعالج الموت؟
فقلت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
فالتفت الي وقال: والله انه لعهد عهده الينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) ان هذا الأمر يملكه منا احد عشراماماً من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام) ما منا الا مسموم أو مقتول!
قال الصحابي جنادة: ثم رفعت الطشت واتكي صلوات الله عليه فقلت: عظني يا بن رسول الله فقال (عليه السلام): نعم.
قال مولانا بكر البتول وسبط الرسول الحسن المجتبي في وصيته: استعد لسفرك وحصل زادك قبل حلول أجلك، وأعلم انك تطلب الدنيا والموت يطلبك، لا تحمّل همّ يومك الذي لم يأت علي يومك الذي انت فيه وأعلم انك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك الا كنت فيه خازناً لغيرك واعلم أن الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك فان كان حلالاً كنت قد زهدت فيه وان كان حراماً لم يكن فيه وزر فانت اخذت منه كما أخذت من الميتة وإن كان العقاب فالعقاب يسير. واعمل لدنياك كأنك تعيش ابدأ واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.
واذا اردت عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فأخرج من ذل معصية الله الي عز طاعة الله عزوجل.
واذا نازعتك الي صحبة الرجال حاجة فأصحب من اذا صحبته زانك، واذا اخذت منه صانك واذا اردت معونة منه اعانك واذا قلت صدق قولك وان صلت شد صولتك وان مددت يدك بفضل مدها، وان بدت منك ثلمة سدها وان راي منك حسنة عدها وان سألت اعطاك وان سكت عنه ابتدأك وإن نزلت بك احدي الملمات واساك.
من لا يأتيك منه البوائق ولا تختلف عليه منه الطوالق ولا يخذلك عند الطوارق وان تنازعتما منفساً آثرك.
قال جنادة الصحابي: ثم انقطع نفسه واصفر لونه (عليه السلام) حتي خشيت عليه، ودخل الحسين صلوات الله عليه ومعه الأسود بن الأسود، فأنكب عليه حتي قبّل رأسه وبين عينيه ثم قعد عنده وتسارا جميعاً فقال الأسود انا لله إن الحسن قد نعيت اليه نفسه وقد اوصي الي الحسين.

الضلع يسأل والفؤاد يجيب

لم قد علا يا قلب فيك وجيب

يا منحة الزهراء شعري حائرٌ

ماذا سيبلغ والمحيط رحيب

يا شبه جدك خلقةً وخلائقاً

من ذا كانت مطهرٌو حسيب

وابوك حيدر من كحيدر والداً

للعلم بحرٌ للهدي يعسوب

وصبرت صبر ابيك حالك حاله

لما احاطك خاذكٌ وكذوب

و صلاة ربي والسلام علي الذي

اكفانه قد رافقتها ثقوب!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة