البث المباشر

في ذكرى ولادة جواد الائمة عليه السلام

الإثنين 29 إبريل 2019 - 12:02 بتوقيت طهران
في ذكرى ولادة جواد الائمة عليه السلام

بسم الله وله الحمد اجود الاجودين واكرم الاكرمين، والصلاة والسلام على شموس صراطه المستقيم وحبله المتين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ازكى التهاني واطيب التبريكات نزفها اليكم بمناسبة ذكرى الولادة المباركة لتاسع ائمة الهدى ومصابيح الدجى.
سمي رسول الله ومظهر بركاته وجوده العميم منار التقى وابن الرضا الامام محمد الجواد (صلوات الله عليه).
نأمل ان تقضوا وقتاً طيباً مع فقرات هذا البرنامج، وهي فقرات متنوعة نسعى من خلاله الى تعطير قلوبنا وارواحنا بذكر شذرات من سيرة وفضائل هذا الامام الهمام (سلام الله عليه).
وكيف لا يكون الامر كذلك وذكر محمد وآله (عليه وعليهم السلام) ذكر لله تبارك وتعالى كما صرحت بذلك صحاح الاحاديث النبوية فهم (صلوات الله عليهم) مظهر الاخلاق الالهية الفاضلة وهم (عليهم السلام) المذكرين بالله والداعين اليه بجميع اقوالهم وفعالهم وحركاتهم وسكناتهم.
وهكذا كان حال امامنا ومولانا وحبيبنا التقيّ الجواد (عليه السلام) فبوركت لكم ولنا ولجميع الخلائق ذكرى يوم ولادته المباركة.
- لنا فقرة تحقيقية عن ولادته (عليه السلام) وظروفها
- تليها حكاية عنوانها: علم الجواد
- وابيات من قصيدة في مدحه (عليه السلام) للشيخ جعفر النقديّ
- وفي البرنامج نفتح قلوبنا لطائفة من حكمه ووصاياه (عليه السلام)

*******

الوليد المبارك

اجمعت اصحاب كتب الحديث والسيرة على ان ولادة مولانا الامام التقي محمد الجواد (عليه السلام) كانت سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة في المدينة المنورة؛ اما في يومها فقد اختلفوا فيه بين احد ايام شهر رمضان المبارك وبين العاشر من شهر رجب المرجب؛ وقول العاشر من شهر رجب تقوية رواية ابن عياش المعتبرة التي رواها الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد وفيها الدعاء الذي امر مولانا الامام المهدي (عجل الله فرجه) بتلاوته في ايام شهر رجب وفيه تصريح بولادة الامام الجواد وولده الهادي في هذا الشهر حيث جاء في الدعاء التوسل بهما على النحو التالي: «اللهم اني أسالك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني وإبنه علي بن محمد المنتجب وأتقرب بهما اليك خير القرب».
وصف الامام موسى الكاظم حفيده الجواد (عليهما السلام) وقبل ولادته بأنه الامين والمأمون والمبارك، فقد روي في عدة من كتب الحديث المعتبرة مثل الكافي والامامة والتبصرة، أن الامام الكاظم (عليه السلام) تحدث لأحد أصحابه عن امامة ولده الرضا (عليه السلام)، ثم قال عن الامام بعد الرضا (سيولد له غلام أمين مأمن مبارك) ثم قال (عليه السلام) عن مقام أم الجواد (عليه السلام): (الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من اهل البيت مارية جارية رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم ابراهيم، فإن قدرت ان تبلغها مني السلام فأفعل).
نعم فأم مولانا الجواد (عليه وأمه السلام) هي كسائر امهات ائمة الهدى (عليهم وعليهن السلام) من المؤمنات الطاهرات اللواتي إختارهن الله عزوجل لحضانة سادات اوليائه المقربين.
وإضافة لذلك فقد ورد في خصوص سيدتنا أم امامنا الجواد (عليه السلام) ثناء من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها بعد مدح وليدها الامام الجواد؛ فقد روي في الكافي والارشاد ضمن حديث طويل عن مولانا الرضا عن ابيه الكاظم (عليهما السلام) أنه كان يحدث خاصة اصحابه بحديث رسول الله بشأن امامة حفيده وسميه الجواد وجاء فيه قوله (صلى الله عليه وآله) عن الجواد وامه: (بأبي ابن خيرة الاماء ابن النوبية الطيبة الفم المنتجبة الرحم).
ولنستمع الى ما يقوله مولانا الامام الرضا عن ولده الجواد والسيدة والدته (عليهما وعليها السلام)، فقد روى المؤرخ المسعودي في اثبات الوصية والسيد المرتضى في عيون المعجزات ان الامام الرضا قال لاصحابه عند ولادة الجواد: (قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم، قدست امٌ ولدته قد خلقت طاهرة مطهرة).
مع ولادة الامام الجواد بدأ والده الرضا (عليهما السلام) يسلمه عهود الامامة على وفق السنن الالهية التي خص الله بها العترة المحمدية الطاهرة، لاحظوا احباءنا ما رواه المؤرخ المسعودي في كتاب اثبات الوصية عن كلثم بن عمران قال:
قلت للرضا: انت تحب الصبيان فادعوا الله ان يرزقك ولداً.
فقال (عليه السلام): انما ارزق ولداً واحداً وهو يرثني.
قال الراوي: فلما ولد ابو جعفر (الجواد) كان طول ليلته يناغيه في مهده، فلما طال ذلك على عدة ليالي قلت (له): جعلت فداك، قد ولد للناس اولاداً قبل هذا، فكل هذا تعوذه؟!
فقال (عليه السلام): ليس هذا عوذة انما اغره بالعالم غراً.
نقرأ في روايات ولادة مولانا الامام الجواد (عليه السلام) مقولة لوالده الرضا (سلام الله عليه) جديرة بالمزيد والمزيد من التأمل.
فقد روى ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في اصول الكافي بسنده عن ابي يحيى الصنعاني قال: كنت عند ابي الحسن الرضا (عليه السلام) فجئ بأبنه ابي جعفر (عليه السلام) وهو صغير فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم بركة على شيعتنا منه.
لعل هذا الحديث الشريف يفسر لنا تلقيب الله تبارك وتعالى في حديث اللوح المشهور لوليد الجواد (عليه السلام) بهذا اللقب المفيد لكثرة العطاء والكرم.
وقد ظهر جوده الجليل في حياته المباركة على رغم قصرها في مصاديق كثيرة نكتفي بنصين معبرين عن شدة كرمه رواهما حفاظ اهل السنة، الاول روي في كتاب الوافي بالوفيات وجاء فيه: انه (عليه السلام) عندما كان مقيماً في بغداد كان يرسل بعطاياه الى فقراء المدينة فتوزع عليهم، فكان يبعث كل عام بألف الف درهم.
وجاء في النص ان سائلاً اتاه فقال له: اعطني على قدر مرؤتك!!
فأجابه (عليه السلام): لا يسعني.
ففهم السائل مغزى كلام الامام واشارته الى عدم محدودية كرمه، فقال له: اعطني على قدري.
فقال (عليه السلام): أماذا فنعم، ثم امر بإعطائه مائة دينار.
ومصاديق البركات الجوادية لا تقتصر على هذا النوع من العطاء، فما خفي منها اعظم مما ظهر في حياته المباركة وبعد رحيله الظاهري عن عالم الدنيا.
نعم فان الامام الجواد (عليه السلام) هو من ابواب الرحمة الالهية المستمرة العطاء والجود، فمرقده المبارك يشهد في كل حين ظهور كرامات استجابة الله عزوجل لدعاء المتوسلين اليه بوليه التقي الجواد (عليه السلام) وحكايات الذين قضيت حاجاتهم ببركة الشفاعة الجوادية كثيرة سجلتها المصادر المعتبرة وتناقلتها صدور المؤنين في كل جيل وكلها شواهد على ان امامنا التقي الجواد هو نبع للجود والعطاء الالهي في حياته وبعد شهادته (سلام الله عليه).

*******

ننقلكم الآن الى فرحة ادبية بهذه الذكرى عنوانها هو:

اغاريد في ذكرى ولادة الجواد

نقضي دقائق مع شعر المديح الصادق وأبيات للاديب الولائي الشيخ العالم جعفر النقدي ننتخبها من قصيدة طويلة له في مدح تاسع ائمة العترة النبوية سمي جده الامام المبارك التقي محمد الجواد (سلام الله عليه)، قال الشيخ النقدي (رحمه الله):

لكم غزلي ومدحي في امامي

ابي الهادي محمد الجواد

هو البر التقي حمى البرايا

وغيث المجتدي غوث المنادي

امام اوجب الباري ولاه

وطاعته على كل العباد

امام هدىً مقام علاه أضحت

به الاملاك رائحة غوادي

تقبل منه أرضاً قد أنافت

برفعتها على السبع الشدائد

من الغر الاولى فيهم تجلت

لرواد الهدى سنن الرشاد

*******

اذا ما سدت الابواب فاقصد

جواد بني الهدى باب المراد

ترى بابا به الحاجات تقضى

ومنتجعا خصيب المستزاد

ومولى فيه تلتجى البرايا

لدى الجدب وفي السنة الجماد

لطلاب الحوائج من نداه

تزاحمت العوائد والبوادي

على وفاده كالغيث تهمى

يداه مدى الزمان بلا نفاد

بحار علومه، البرايا

لدى زخارها شبه الثماد

راى دين المهيمن فيه شهما

كريم الذب عنه والذياد

فكان بظله في خير امن

به لم يخش عائلة الاعادي

وكم ظهرت له من معجزات

راهن الحواضر والبوادي

*******

سقى الزوراء غيث مستمر

وعاهد ارضها صوب العهاد

ربا ارجائها اعلى مقاماً

وازهى من ربا ذات العماد

بقبر ابن الرضا وابيه حق

لها لو فاخرت كل البلاد

هما كهف النجاة لمن رمته

لياليه بداهية تاد

فما زالت قبورهما قصوراً

مشيدة رفيعات العماد

ابيات للاديب العالم الشيخ جعفر النقدي (رضوان الله عليه) من قصيدة طويلة انشاها في مدح الامام التقي ابن الرضا محمد الجواد (عليه السلام).

*******

نجد تقديم اسمى التهاني والتبريكات وندعوكم الى حكاية عنوانها هو:

علم الجواد

تستند الحكاية التالية الى روايات مسندة في عدة من مصادر الحديث والسيرة المعتيرة مثل ارشاد الشيخ المفيد والمناقب للحلبي وعيون المعجزات للسيد المرتضى ودلائل الامامة للطبري الامامي وغيرها.
كان الحزن الشديد مخيما على وجوه المجتمعين في دار عبد الرحمان بن الحجاج؛ فقد وصلهم نبا استشهاد امامهم الرضا بسم المامون.
في تلك الدار اجتمع وجوه شيعة الرضا وهم يبكون ويتوجعون لعظم المصاب ولم يقطع بكاءهم الا صوت يونس بن عبد الرحمان وهو يقول: دعوا البكاء! من لهذا الامر والى من نقصد بالمسائل الى ان يكبر ابي جعفر الجواد!
وكان المتوقع ان تحدث هذه الكلمات حيرة في الحاضرين، فهذه هي المرة الاولى التي تواجه شيعة اهل البيت مثل هذه الحالة، لقد استشهد الامام وخليفته لم يتم بعد اعوام من عمره في هذه الحياة الدنيا.
ولكن الايمان الصادق بامامة اهل هذا البيت المبارك تفجر في قلب الريان بن الصلت ونطق وطمانينة: ان كان امر ابي جعفر من الله جل وعلا فلو انه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه، وان لم يكن من عند الله فلو عمر الف سنة فهو واحد من الناس، هذا مما ينبغي ان نفكر فيه.
وكان صدق التاثير لكلمات الريان بن الصلت فاقبل الحاضرون يلومون يونس على ما قاله، فهم قد سمعوا مراراً من امامهم الرضا عليه السلام في مناسبات عدة وهو يخبرهم بان ولد الجواد شبيه عيسى بن مريم الذي انبا الخلق برسالته وهووليد في المهد وشبيه يحيى بن زكريا الذي اتاه الله الحكم صبياً.
فكان ان اتفقت كلمتهم على الذهاب الى المدينة وعرض مسائلهم ـ وقبلها بيعتهم ـ على ابن الرضا وخليفته محمد التقي الجواد (عليهما السلام).
وكان قد اقترب موسم الحج فتواعد ثمانون من علماء بغداد والامصاد من اتباع مدرسة اهل البيت على الاجتماع في المدينة وجاؤوا الى دار ابي عبد الله الصادق (عليهم السلام) وكانت فارغة يومذاك فدخلوها واجتمعوا فيها.
فخرج اليهم عبد الله بن موسى بن جعفر ابن الكاظم وعم الامام الجواد (عليهما السلام)، وكان شيخاً كبيراً نبيلاً متعبداً وكان له دور جميل ونبيل في تعريف الناس بعلم الامام الحق.
لقد دخل عبد الله بن موسى (رحمه الله) متعمدا قبل دخول الامام الجواد فلما دخل الامام الجواد (عليه السلام) قام فاستقبله وقبل بين عينيه واجلسه في صدر المجلس موقراً له (عليه السلام) في مظهر غلام صغير وعبد الله شيخ كبير.
ثم ابتدر عبد الله بن موسى الحاضرين وطلب منهم ان يعرضوا عليه اسئلتهم فيجيب عنها متعمداً بما يمكن ان يخطر في اذهان الناس لكي يصحح له الامام (عليه السلام) الجواب ويبين له مواقع الاشتباه فيقول عبد الله بن موسى بكل تواضع: صدقت يا سيدي وانا استغفر الله.
عندها تعجب الناس وعرفوا ان علم الامام ليس بالتعليم المألوف فتوجهوا الى الامام الجواد قائلين: يا سيدنا اتاذن لنا ان نسالك؟
واذن لهم الامام بالسؤال فتوارت الاسئلة تباعا وهو (عليه السلام) يجيبهم فيها بحكم الله جل وعلى.
ففرح القوم وسكنت قلوبهم وقد ملئت طمانينة وثقة بان الله لا يخلي الارض من حجة له على خلقه حافظ لشريعته هاديا لعباده، فنطقت قلوبهم تقول: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ.

*******

التالية نفتح لها باب القلب على مصراعيه فعنوانها هو:

وصايا تقوية وعطايا جوادية

وفي ذكرى ولادة تاسع ائمة الهدى الامام التقي محمد الجواد (عليه السلام) نستنير بباقة عطرة من كلماته النورانية ومواعظه الحكيمة وحكمه البليغة ننتخبها مما روته المصادر المعتبرة من كلامه (عليه السلام) فمنها ما نقله الشيخ الزاهد الحسن بن علي الحراني في باب مواعظ ابي جعفر الجواد (عليه السلام) من كتابه القسيم "تحف العقول".
وهي ان رجلا جاءه وقال: اوصني يابن رسول الله، فنبه (عليه السلام) الرجل الى ضرورة حفظ الوصية وصدق العمل بها حيث قال: وتقبل؟
اجاب الرجل: نعم.
عندها قال (عليه السلام) له: توسد الصبر واعتنق الفقر وارفض الشهوات وخالف الهوى واعلم انك لن تخلو من عين الله فانظر كيف تكون؟
ومنها ما رواه الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الامالي بسنده عن بكر بن صالح قال: كتب صهر لي الى ابي جعفر الثاني (يعني الامام الجواد) صلوات الله عليه: ان ابي ناصبي خبيث الرأي (يعني انه ذو عقيدة فاسدة ويعادي اهل البيت (عليهم السلام))؛ قال: وقد لقيت منه شدة وجهدا فرأيك ـ جعلت فداك ـ في الدعاء لي، وما ترى جعلت فداك افترى ان اكاشفه ام اداريه؟
فكتب (عليه السلام) في جوابه: قد فهمت كتابك وما ذكرت من امر ابيك ولست ادع الدعاء لك ان شاء الله، والمداراة خير لك من المكاشفة، ومع العسر يسر، فاصبر فان العاقبة للمتقين، ثبتك الله على ولاية من توليت ونحن وانتم في وديعة الله الذي لا تضيع ودائعه.
وببركة دعاء الامام الجواد (عليه السلام) وطاعة هذا الشاب الموالي له: بمداراة ابيه والاحسان اليه تغيرت حال الاب واهتدى.
قال الراوي بكر بن صالح: فعطف الله بقلب ابيه عليه حتى صار لا يخافه في شيء.
ومن قصار المواعظ والحكم الجوادية قوله (عليه السلام): لا ينقطع المزيد من (نعم) الله حتى ينقطع الشكر من العباد.
وقال (عليه السلام): المؤمن يحتاج الى توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه.
وقال (عليه السلام): نعمة لا تشكر كسيئة لا تغفر.
من اطاع هواه فقد اعطى عدوه مناه.
واخيراً قال (عليه السلام): من هجر المدارة قاربه المكروه.
البرنامج الخاص بمناسبة ذكرى ولادة امامنا الجواد (عليه السلام) اعاده الله علينا وعليكم بكل خير ويمن وبركة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة