البث المباشر

حديث عن شرح عن معنى "القوامون بامر الله..." خبير البرنامج يتحدث عن أدلة كونهم "اولي الامر"

الأربعاء 17 إبريل 2019 - 10:58 بتوقيت طهران

الحلقة 51

نحن الان مع الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام حيث يطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة) تميزاً لها عن الزيارات الاخرى، حيث حرص الامام علي الهادي(ع) وهو صاحب هذه الصياغة للزيارة المذكورة، على ان يصوغها ببعد بلاغي خاص، تبعاً لطلب احدهم ذلك، من الامام(ع) المهم لقد حدثناك عن هذه الزيارة بحسب تسلسل مقاطعها وانتهينا من ذلك الى مقطع يبدأ بالقول (اشهد انكم الائمة الراشدون) الى ان يقول: (القوامون بامره العاملون بارادته، الفائزون بكرامته ...الخ). 
ونبدأ بتسليط الضوء على عبارة او سمة (القوامون بامره) ... فماذا نستخلص منها؟ الاجابة تأتيكم بعد حوارنا مع خبير البرنامج سماحة الشيخ حسان سويدان عن ادلة كونهم (عليهم السلام) هم اولو الامر الذين ذكرهم القرآن الكريم:
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ حسان سويدان ورحمة الله وبركاته؟
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: أهل البيت عليهم السلام هم مصداق اولي الامر الذي امر الله تبارك وتعالى بطاعتهم في كتابه المجيد تفضل؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا، كأنكم اشرتم الى قوله تعالى في الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء «بسم الله الرحمن الرحيم، يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الأمر منكم»، اولاً وفي هذه العجالة اجد نفسي مضطراً لبيان الآية الكريمة قبل الدخول في الروايات الشريفة، الآية الشريفة تخاطب المؤمنين الذين اختاروا الايمان بقولها، يا ايها الذين آمنوا، كانت تستطيع الآية ان تقول يا ايها المؤمنون مباشرة الا انها عندما تحدثت عن الفعل ابرزت حالة الاختيار عند المؤمنين عندما تحدثت بلغة الفعل لم تتحدث بلغة الصفة هم حتى لو عبرت الآية ايها المؤمنون ايضاً في النهاية هم اختاروا الايمان لان الايمان حالة اختيارية عند الانسان ولكن عندما تعبر الآية يا ايها الذين آمنوا تبرز حالة الاختيار. القضية هنا التي تلفت النظر بشكل واضح ان الآية تتحدث مع اناس آمنوا واختاروا الايمان فأول ما تتحدث تقول اطيعوا الله ومن الواضح ان الانسان الذي اختار الايمان القدر المتيقن للطاعة عنده والطاعة لله سبحانه وتعالى لان ايمان الانسان المؤمن خصوصاً وان استعمل الايمان هنا ايضاً لا الاسلام بالمعنى الاعم يقتضي بطبيعة الحال (يقتضي هو بقدره المتيقن) اذا اردنا عن نعبر بالدرجة الاولى ان يطيع الله سبحانه وتعالى، من هنا لابد للانسان لاول وهلة ان يتساءل ما معنى ان اكون انا مؤمن ومع ذلك تطلب مني طاعة الله الانسان المؤمن هو الذي قبل بألوهية الله سبحانه وتعالى بربوبية الباري عز وجل فهو وضع نفسه في موقع وموضع العبودية له والطاعة له فيستشرف الانسان ان الآية الكريمة تريد منه طاعة خاصة ومن هنا يستشرف الانسان بقية الآية الكريمة ليعرف اي نوع من انواع الطاعة لان الطاعة بالمعنى العام لله سبحانه وتعالى هي امر مفروغ منه عند المؤمنين يعني مثلاً لو ان الآية قالت يا ايها الناس اطيعوا الله هنا نقول الانسان قد يكون مؤمن وقد لا يكون مؤمن فهو طلب من الناس ان يدخلوا في حيز الايمان والالتزام بلوازم هذا الايمان، اما عندما تقول ايها المؤمن ايها الذي آمن بالله سبحانه وتعالى اطع الله عز وجل، انا اقدر ان طلب الطاعة هنا في البداية انما هو توطئة وتمهيد للطاعة المرجوة التي لا تنفك عن طاعة الله وتعد من لوازم طاعة الله سبحانه وتعالى.
المحاور: ما هي الطاعة الكاملة سماحة الشيخ؟
الشيخ حسان سويدان: الطاعة الكاملة بمعنى ان نطيع من يريد الله سبحانه وتعالى لنا ان نطيعه، ومن هنا مباشرة تقول الآية:[اطيعوا الله] ومن هنا مباشرة الآية تقول «واطيعوا الرسول واولي الامر منكم»، استعمال كلمة الرسول هنا فيها نكتة مهمة لم يقل اطيعوا النبي لم يقل اطيعوا فلاناً الذات المقدسة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يسمه باسمه الشريف بل لقبه او ذكر احد القاب الرسول المهمة هنا انه رسولنا والرسول كما تعلمون يحمل المعارف والقيم والاوامر والنواهي التي يريدها المرسل اشارة الى ان اوامر الله واوامر الرسول(ص) هي اوامرنا لانه رسولنا اليكم ومن هنا فطاعته هي طاعتنا وانما كررت كلمة اطيعوا بحسب الظاهر انما كررت لا للتأكيد كما يزعم البعض والا لو كان المقام مقام التأكيد لقيل اطيعوا الله والرسول وطاعة الرسول نفس سنخ طاعة الله سبحانه وتعالى وهذا ابلغ من التأكيد بتكرار كلمة اطيعوا.
المحاور: ولكن فعل اطيعوا لم يتكرر مع اولي الامر؟
الشيخ حسان سويدان: نحن نقول بان التكرار هنا انما جاء لاجله هو بيان ان طاعة الرسول تأتي في المرتبة الثانية بعد طاعة الله سبحانه وتعالى بعبارة العلماء ان تلك طاعة لازمة وواجبة بالذات وان الله سبحانه وتعالى هو منتهى الطاعة لا تنتهي طاعته الى طاعة فوقها بينما طاعة الرسول هي طاعة ثانية باعتباره رسولاً لله عز وجل.

*******

لمعرفة معنى صفة (القوامين بأمر الله) نشير الى ان (القوام) هو صيغة مبالغة من قيام الشخصية بممارسة امر ما، فاذا استخدمت في سياق المعاملة مع الاخر تصبح دلالتها الاضطلاع او التكفل بامر الاخر كالرجل مثلاً حينما يصفه القرآن الكريم بانه قوام على المرأة تبعاً لقوله تعالى: «الرجال قوامون ...الخ» وحين ننقل الظاهرة من صعيدها العام الى الصعيد الخاص بالائمة عليهم السلام نجد ان الزيارة قد خلعت الصفة المذكورة عليهم السلام لتعني انهم(ع) (قوامون) على امور المسلمين، وهذه القوامية نابعة من التوصية الصادرة من الله تعالى، ومن الرسول(ص) ...
تبعاً لما ورد في القرآن الكريم من الامر باطاعة الله تعالى والرسول(ص) واولي الامر "وهم الائمة عليهم السلام".
بيد ان البعد البلاغي الذي ينبغي ان يلاحظ هنا ان العبارة الواردة في الزيارة تقول "القوامون بامره" أي انها تصرح بوضوح بظاهرة "القوامون" بامر من الله تعالى وليس مجرد الطاعة بصفة ان القوامية تحمل عنواناً ذا اهمية كبيرة انها التكفل بامور المسلمين وهي اعلى سلطة يمكن تصورها للشخصية وهذا ما يوضح ان الائمة عليهم السلام هم خلفاء الرسول(ص) في ادارة شؤون المسلمين.
نتجه بعد ذلك الى السمة الاخرى وهي انهم عليهم السلام (العاملون بارادته) ... هذه العبارة او الصفة هي امتداد لسابقتها أي صفة انهم "القوامون بامر الله تعالى"، الذين يتكفلون بامور المسلمين، فان القوامية المذكورة الصادرة بامر الله تعالى انما تعني ان الامر الصادر منه يقترن بلا ادنى شك باستجابة من الائمة عليهم السلام تتناسب تماماً مع المهمة الموكولة اليهم التي يتكفلون بادائها بصفة انهم اكفاء تتوفر فيهم امكانية العمل بارادة الله تعالى ولذلك جاءت العبارة القائلة: (العاملون بارادته) تجسيداً للمعنى الذي اوضحناه أي ان الائمة عليهم السلام "يعملون" او "يطبقون" ما امر به الله تعالى اليهم بدقة وبتمام ما يتطلبه الموقف من السلوك، طبيعياً قد يعهد الامر الى البعض على نحو الاختبار او نحوه دون ان تنجح في اداء مهمة فمثلاً طالما عهد الله بواسطة نبيه موسى قومه باداء مهمة ما او حتى بعض الحاملين او المتحملين لمسؤولية ما الا انهم يخطئون مثلاً يفشلون في التجربة يعكس ما هو معروف عن الائمة عليهم السلام حيث انتخبهم الله تعالى تبعاً لمعرفته سلفاً بما سيسلكونه من الطاعة ومن الالتزام باوامره وهو ما عبرت الفقرة التي نحن بصددها أي فقرة (العاملون بارادته) عبرت عن المعنى المذكور وهو التزام الائمة عليهم السلام بما تفرضه الطاعة عليهم من تنفيذ المبادئ التي رسمها الله تعالى.
ونتجه الى السمة الثالثة المرتبطة بما قبلها وهي العبارة القائلة "الفائزون بكرامته" حيث تعني هذه الصفة ما سبق ان قلناه من ان معرفة الله تعالى سلفاً بما سيسلكه الائمة من الطاعة والالتزام بمبادئه حينئذ يفوزون بكرامته المتمثلة في رضا الله تعالى عنهم عليهم السلام حيث اكرمهم رضاه المشار اليه من خلال تجسيدهم التام لما امر الله تعالى بالنحو الذي اوضحناه.
اذن امكننا ان نتبين بوضوح اكثر ماذا كانت تعنيه السمات الثلاث التي حدثناك عنها عن الائمة عليهم السلام وهي انهم عليهم السلام (القائمون بامره، العاملون بارادته، الفائزون بكرامته) فيما نسأله تعالى ان يوفقنا الى ان نتأسا بهم في اداء مهمتنا العبادية انه ولي التوفيق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة