البث المباشر

الصادق المهدي... مات رافضاً للتطبيع

الجمعة 27 نوفمبر 2020 - 19:21 بتوقيت طهران
الصادق المهدي... مات رافضاً للتطبيع

كان الراحل الصادق المهدي حتى آخر لحظات حياته رغم التهديدات وإغواءات القوى الإقليمية، بقي ثابتاً على موقفه بصلابة وصدق ولم يتمكن أي تهديد وترغيب من زعزعة إرادته، بقي مناهضاً شديداً لتطبيع العلاقات بين السودان والكيان الصهيوني.

ربما قليلون هم أبناء جيلي ممن لا يعرفون "الصادق المهدي" رئيس الوزراء السوداني الأسبق ورئيس حزب "الأمة" الذي توفي الأربعاء 25 نوفمبر، إثر إصابته بفيروس كورونا بعمر 85 عاماً. وقليلون هم من لا يعرفون حضوره الفاعل في مجال السياسة الإقليمية والدولية.

لقد كان للصادق المهدي وحزبه السياسي خلال النصف قرن الأخير، دور بارز ومؤثر في تحولات شمال أفريقيا والمغرب العربي والى جانب ترؤسه حزب الأمة في السودان، تولى منصب رئيس الوزراء في البلاد منذ العام 1986 حتى 1989، حيث أطيح به خلال انقلاب عمر البشير، ثم حل البشير منصب رئاسة الوزراء في السودان.

حزب الأمة الذي كان الصادق المهدي يترأسه كان أكبر حزب سياسي في السودان وبقي مناهضاً شديداً لتطبيع العلاقات بين هذه البلاد والكيان الصهيوني.

كان الصادق حتى آخر لحظات حياته رغم التهديدات وإغواءات القوى الإقليمية، بقي ثابتاً على موقفه بصلابة وصدق ولم يتمكن أي تهديد وترغيب من زعزعة إرادته.
 
كان الصادق المهدي في غاية الذكاء والوعي، واقعياً واقعي الرؤية. كان يعرف النهضة الشعبية والثورة الإسلامية الإيرانية وكان يكن احتراماً خاصاً لشعب ايران وكان دائماً ما يدافع عن مواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية؛ سواءً في عهد حكومته او ما بعد خروجه منها.
 
لقد عرفت الصادق المهدي منذ سنوات والتقيته في طهران والخرطوم والدوحة. المرة الاخيرة كانت عندما كنا نشارك سوياً في المؤتمر السنوي لمركز الجزيرة للدراسات في قطر في 15 و16 نيسان 2017، حيث كنا ضيوفاً عند القطريين في مؤتمر "ازمة الدولة؛ ومستقبل النظام الاقليمي في الشرق الاوسط".
 
اكثر ما يذكرني به في هذه الظروف الاقليمية الصعبة وفي غيابه المحزن، عبارة قالها لي عند انتهاء كلمتي في المؤتمر وكان موضوع كلمتي وعنوانها "مرور 100 عام على وعد بلفور: اسباب وجود ومستقبل إسرائيل في المنطقة"، حيث لقيت ردة فعلٍ من قبل عددٍ من المعارضين الذين اجتمعوا في المؤتمر من الدول المختلفة!
 
والمرحوم الصادق المهدي أجلسني بقربه (تماماً كما في الصورة) وإذ أشاد بأفكاري وأيدها قائلاً: برافوو عليك، قال: "لا تحزن يا دكتور! ثلثا المجتمعين في هذه الصالة هم مع ايران ومعك. لكن ماذا نفعل... (اكمل عبارته بحركة احتكاك إبهامه وسبابته تكراراً والتي تعني كما هو متعارف الحصول على المال!).

أومأت برأسي وسألت: "سيادة الرئيس! أي كما يقول سيد الشهداء: قلوبهم معنا وسيوفهم علينا؟!".

أجابني بإيماءةٍ برأسه... طوبى لروحه.
 
بقلم المستشار الثقافي الايراني لدى لبنان الدكتور عباس خامه يار

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة