البث المباشر

الحكومة الاسلامية

الخميس 15 نوفمبر 2018 - 18:57 بتوقيت طهران
الحكومة الاسلامية

كانت مسؤوليات الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في المدينة أكثر منها في مكة، وإن كان الضغط هناك أكثر. حيث كان الرسول يريد أن يكوِّن أمة، قبل ان يشيد دولة.

فمسؤولية التبليغ لغير المسلمين، ومسؤولية تهذيب المسلمين، ومسؤولية تطبيق نظم الإسلام، ومسؤولية الدفاع عن المسلمين في الجزيرة العربية التي كان شعارها الحروب والغزوات، ودثارها السيوف والرماح، هذه المسؤوليات كانت بعض ما أخذ النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على عاتقه أداءها من المسوؤليات الخطيرة.

ففي نفس الوقت الذي كان النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقود الجيش الإسلامي إلى جبهات القتال كان يوصيهم بأداء الأمانة والوفاء بالعهد ولو مع العدو اللدود.

وفي نفس الوقت الذي كان يلقنهم دروس التضحية والجهاد للدين، كان يشرح لهم معاني العفو والصفح، واشاعة السلام وإطابة الكلام.

وفي نفس اللحظة التي كان يتولَّى دفن الشهداء في أُحُد وقد مُثِّل بهم شرَّ تمثيل فامتلأت قلوب المسلمين حقداً على الكفار وغيظاً وأملاً بالثأر، كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يتلوا عليهم آيات العفو وتحريم المثلة ولو بالكلب العقور..

ومن كل هذا نكتشف مدى خطورة مسؤولية النبيِّ (صلى الله عليه و آله) التي كانت تهدف إلى تكوين الأمة الموحدة، كأفضل وأمجد أمة في الحياة.
وهنا نرجع الى الحصار الإقتصادي الذي ضربه كفّار مكة على المدينة لنعرف ما كان موقف النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وكيف فكه عنها.

فالخطة التي اتَّبعها النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في رد هذا الحصار كان شيئا مماثلاً.. فالقوافل التجارية التي كانت تريد أن تسير إلى الشام من مكة كان الواجب عليها أن تقطع المضيق البرّي بين البحر الأحمر والمدينة.

فجعل النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سرية مسلحة لمراقبة هذه المنطقة.. وكانت هذه السرية من المهاجرين حيناً ومن الأنصار حيناً آخر، وكانت وظيفة هذه السرية منع القوافل التجارية. ولكن القوافل هذه كانت قد تعاهدت مع القبائل البدوية في الطريق على أن تمنعها من المهاجمات التي كان يقوم بها قراصنة الصحراء، على أن تعطي القوافل التجارية لها ضرائب معلومة كل سنة.

ولذلك فقد فشلت هذه الخطة مرات عديدة حيث كانت هذه السرية المسلحة تريد التعرض للقوافل، فكانت القبائل البدوية تدافع عنها بحجة المعاهدة التي بينهما.

بيد أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ذهب الى هذه القبائل البدوية العربية وعقد معها اتفاقية في شأن الأمور الحربية، وبذلك أَمِنَ من دفاعها عن قوافل مكة.


وأرسل النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ طائفة من أصحابه إلى موضع بين مكة والطائف ليترصدوا له قافلة قريش التجارية، فكتب رسالة مختومة وأعطاها قائد هذه الطائفة المدعو ب " عبد الله بن جحش " وقال له: اذهب في اتّجاه مكة، فإذا سرت يومين فافتح الكتاب واعمل بما فيه. فلما فتحه وجد فيه ما يلي:


إذا نظرت كتابي هذا فامضِ حتى تنزلَ نخلَة بين مكة والطائف  فتَرصد بها قريشاً وتَعلم لنا من أخبارها.
فذهب إلى نخلة ورأى قافلة تجارية تمر بها في طريقها إلى مكة، فاستولى عليها. وأتى بها إلى المدينة بعد أن أسر منها رجلَين وقتل رجلاً وهرب آخر.


والنبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإن كان لم يرضَ بفعل هذا القائد إلاّ أنه استفاد من هذا المال.. في حين كان أحوج ما يكون إليه. كما أنه ربح الموقف بإلقاء الرعب في قلوب الكفار.

وقاد النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ السرية المسلحة في المرة الثانية، وأخذ يراقب بنفسه الركب التجاري لقريش وسمع غير مرة بمسيرة قريش للتجارة.

وخرج إليها. غير أن الركب كان قد فاته ولم يلحق به.. ولقد سبق أن قلنا: إن إعاقة مسير قريش للتجارة كان دفاعاً مشروعاً للنبيِّ،

باعتباره عملا مماثلا لمنع القوافل التجارية عن أهل المدينة ؛ وفكّاً للحصار الإقتصادي، وإدانة لقريش مقابل ما استولوا عليه من أموال المسلمين في مكة ولم يرضوا إعطائها لهم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة