البث المباشر

تفسير موجز للآيات 42 الى 45 من سورة الزمر

الأربعاء 15 إبريل 2020 - 00:10 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 860

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في ايات أخرى من سورة الزمرو هي الايات 42 حتى 45 والبداية مع الانصات إلى تلاوة الاية 42 من هذه السورة المباركة:

اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٤٢﴾

توضح هذه الاية أنّ الحياة والموت وكلّ شؤون الإنسان هي بيدالله سبحانه وتعالى، وعليه فإن النوم أخ الموت لكن بأحد أشكاله الضعيفة، أي أشكال الموت، لأن العلاقة بين الروح والجسد تصل إلى أدنى درجاتها أثناء النوم، وتقطع الكثير من العلاقات والوشائج بينهما. إن الاية تشير إلى عدة نقاط هي : أولا إنّ الإنسان عبارة عن روح وجسد، والروح هي جوهر غير مادي، يرتبط بالجسد فيبعث فيه النور والحياة. ثانيا : عند الموت يقطع الله العلاقة بين الروح والجسد، ويذهب بالروح إلى عالم الأرواح، وعند النوم تخرج الروح من الجسد، ولكن ليس بتلك الحالة التي تقطع فيها العلاقات بصورة كاملة. ووفقاً لهذا فإنّ الروح لها ثلاث حالات بالنسبة للجسد، وهي: ارتباط كامل (حالة الحياة واليقظة) وارتباط ناقص (حالة النوم) وقطع الإرتباط بصورة كاملة (حالة الموت).ثالثا : النوم هو أحد الصور الضعيفة للموت، والموت هو نموذج كامل للنوم رابعا: النوم هو أحد دلائل استقلال وأصالة الروح، خاصة عندما يرافق بالرؤيا الصادقة التي توضح المعنى أكثر.خامسا: إنّ العلاقة التي تربط بين الروح والجسد تضعف أثناء النوم، وأحياناً تقطع تماماً ممّا يؤدي إلى عدم يقظة النائم إلى الأبد، أي موته. سادسا: إنّ الإنسان عندما ينام في كلّ ليلة يشعر وكأنّه وصل إلى أعتاب الموت، وهذا الشعور بحد ذاته درس يمكن الاعتبار منه، وهو كاف لإيقاظ الإنسان من غفلته. وسابعا: كلّ هذه الأُمور تجري بقدرة الباريء عزّوجلّ، وإن كان قد ورد في بعض الآيات ما يشير إلى أنّ ملك الموت هو الذي يقبض الأرواح، فهذا لا يعني سوى أنّه ينفّذ أوامر الباريء عزّوجلّ.وكل هذه المفاهيم جلية لقوم يتفكرون.

 

والان نستمع إلى تلاوة الايتين 43و44 من سورة الزمر المباركة:

أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ﴿٤٣﴾ 

قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٤٤﴾ 

وبعد ما أصبحت - حاكمية - (الله) على وجود الإنسان وتدبير أمره عن طريق نظام الحياة والموت والنوم واليقظة، أمراً مسلماً من خلال الآيات السابقة، تتناول هذه الآية خطأ اعتقاد المشركين فيما يخص مسألة الشفاعة، كي تثبت لهم أنّ مالك الشفاعة هو مالك حياة وموت الإنسان، وليس الأصنام الجامدة التي لا شعور لها.

وكما هو معروف فإنّ إحدى الأعذار الواهية لعبدة الأوثان بشأن عبادتهم للأوثان، هي ما ورد في مطلع هذه السورة (ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى)، إذ أنّهم كانوا يعدونها تماثيل وهياكل للملائكة للأرواح المقدسة، ويزعمون أنّ هذه الأحجار والأخشاب الميتة لها قدرة هائلة. ولكون الشفاعة تحصل من الشفيع الذي هو، أوّلا: يشعر ويدرك ويفهم، وثانياً: قدير و مالك و حكيم، فإن تتمة الآية تجيبهم (قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون)

إذن نتعلم من الايتين :

  • إن القران لا ينفي مسألة الشفاعة بل إنه يرفض مزاعم عبدة الأصنام في اتخاذ الأصنام شفعاء لهم.
  • إن من يكون وسيطا بين الانسان وخالقه يجب أن يكون فوق مقام المخلوق ودون مقام الخالق فكيف يمكن تصور هذه المكانة للأصنام .
  • يعتمد نظام الكون على قاعدة العلية ولكن لا تخرج هذه القاعدة عن الإرادة الإلهية.

 

نستمع الان إلى تلاوة الاية 45 من سورة الزمر المباركة :

وَإِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿٤٥﴾

مرّة اُخرى يدور الحديث عن التوحيد والشرك، إذ تعكس الآية المباركة إحدى الصور القبيحة والمشوهة للمشركين ولمنكري المعاد من خلال تعاملهم مع التوحيد،فأحياناً يستحسن الإنسان القبائح ويستقبح الحسنات كانزعاجه إذا سمع الحق واستبشاره إذا سمع الباطل فلا يسجد ولا يركع أمام عظمة الله ، إلاّ أنّه يسجد و يركع تعظيماً لأصنام صنعها من الحجارة والخشب أو لإنسان أو كائنات مثله.من هذه الآية يتضح بصورة جيدة أنّ مصدر شقاء هذه المجموعة هو:

  • إنكارهم لأساس التوحيد،
  •  عدم إيمانهم بالآخرة.
  •  الشرك بالله تعالى.                                                               

 

أعاذنا الله وإياكم منها في الختام نشكركم على المتابعة ..نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة