البث المباشر

تفسير موجز للآيات 38 الى 41 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 23:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 859

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على أشرف المرسلين محمد وآله الطاهرين .. السلام عليكم احبتنا الأكارم ورحمة الله وبركاته واهلا بكم إلى نهج الحياة لنواصل الشرح الميسر لآيات أخرى من سورة الزمر المباركة و هي : 38 حتى 41 منها. بداية نصغي إلى تلاوة الاية 38 من سورة الزمر:

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿٣٨﴾

الآيات التي تناولناها في الحلقة السابقة تحدثت عن العقائد المنحرفة للمشركين والعواقب الوخيمة التي حلّت بهم، أمّا آيات بحثنا هذا فإنّها تستعرض دلائل التوحيد كي تكمل البحث السابق بالأدلة الحسية. كما تحدثت الآيات السابقة عن دعم الباريء عزّوجلّ لعباده وكفاية هذا الدعم، و هذه الايات تتابع هذه المسألة مع ذكر الدليل.

حقيقة الأمر هي أن العقل والوجدان لايقبلان أن يكون هذا العالم الكبير الواسع بكل هذه العظمة مخلوق صدفة أو من قبل بعض الكائنات الأرضية، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أنّ الأصنام التي لا روح فيها ولا عقل ولا شعور هي التي خلقت هذا العالم، وبهذا الشكل فإنّ القران يدعوهم إلى الاحتكام لعقولهم وشعورهم وفطرتهم، كي يثبّت أول أسس التوحيد في قلوبهم، وهي مسألة خلق السماوات والأرض. وفي المرحلة التالية تتحدثت الآية عن مسألة الربح والخسارة، وعن مدى تأثيرها على نفع أو ضرر الإنسان، كي تثبت لهم انّ الأصنام لا دور لها في هذا المجال . و بعد أن اتّضح للإنسان أن الأصنام ليس بإمكانها أن تخلق شيئاً ولا باستطاعتها أن تتدخل في ربح الإنسان وخسارته، إذن فلم تُعبد من دون الله الذي بيده سعادتنا وشقاوتنا ولماذا التوجه إلى كائنات لا قيمة لها ولا شعور؟ وحتى إذا كانت الآلهة ممن يمتلك الشعور كالجن أو الملائكة التي تعبد من قبل بعض المشركين، فإنّ مثل هذا الإله ليس بخالق و لايمكنه أن يتدخل في ربح الإنسان و خسارته، وكنتيجة نهائية وشاملة يأمرالباريء عزّوجلّ نبيه بالقول : (قل حسبي الله وعليه يتوكل المتوكلون).

نتعلم من الاية :

  • إن عبدة الأصنام يقولون بخالقية الله تعالى إلا أنهم كانوا يعتقدون باطلا أن الأصنام وسائط الخلق .
  • إن الخير والشر بيد الله تعالى فبدل أن يعتمد الانسان على كائنات ضعيفة مثله فليتوكل على الله .

 

و الان نستمع إلى تلاوة الايات 39 حتى 40 من سورة الزمر المباركة:

قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾

 مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿٤٠﴾

الآيات تخاطب اُولئك الذين لم يستسلموا لمنطق العقل والوجدان بتهديد إلهي مؤثر، إذ تقول: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عامل فسوف تعلمون). أي سوف تعلمون بمن سيحل عذاب الدنيا المخزي والعذاب الخالد في الآخرة وبهذا الشكل فإنّ آخر كلام يقال لأُولئك هو: إمّا أن تستسلموا لمنطق العقل و الشعور وتستجيبوا لنداء الوجدان، أو أن تنتظروا عذابين سيحلان بكم، أحدهما في الدنيا وهو الذي سيخزيكم ويفضحكم، والثّاني في الآخرة وهو عذاب دائمي خالد، وهذا العذاب أنتم اعددتموه لأنفسكم، وأشعلتم النيران في الحطب الذي جمعتموه بأيديكم.

ترشدنا الايتان إلى بعغض التعاليم نذكر منها :

  • المؤمن إنسان ذو عزيمة راسخة لا ينخرط مع الأجواء الفاسدة المنتشرة في المجتمع .
  • إن القادة الربانيين يعلنون بكل صراحة مواقفهم و معتقداتهم الدينية فهم ليسوا أهلا للمساومة و لا ينسحبون من مواقفهم أبدا.

 

حسنا أيها الأكارم نستمع إلى الاية 41 من سورة الزمر :

إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴿٤١﴾ 

تبيّن الآية حقيقة مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر على الإنسان أولا وأخيرا ، وإن كان رسول الله(ص) يصرّ على الناس في هذا المجال و يحرص على هداهم فإنّه لم يكن يبتغي جني الأرباح من وراء الدعوة إلى التوحيد و إنّما كان يؤدي واجباً إلهياً، و هو ليس مكلفا بإدخال الحق إلى قلوبهم بالجبر، وإنّما عليه إبلاغهم وإنذارهم فقط .

إذن من الدروس التي تحفل بها الاية المباركة هي :

  • أن القران حق ولا يأتيه الباطل أبدا يهدي إلى الرشد وإلى صراط مستقيم .
  • و ان الإنسان حر في اختيار الطريق الذي يسلكه و بالتالي هو الذي يتحمل مسؤولية تداعيات اختياره.

 

بهذا وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة شكرا لحسن تواصلكم وإلى اللقاء .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة