البث المباشر

تفسير موجز للآيات 33 الى 37 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 23:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 858

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على سيدنا محمد واله الطاهرين ، السلام عليكم مستمعينا الكرام و رحمة الله وبركاته.. وأهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة ووقفة أخرى عند الايات 33 حتى 37 من سورة الزمر المباركة .

دعونا بداية نصغي جيدا إلى تلاوة مرتلة للايات 33 و34 من سورة الزمر.. :

وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿٣٣﴾ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴿٣٤﴾

ينقسم الناس يوم القيامة إلى قسمين : موحدين ومشركين .. لقد أشارت الايات في الحلقة الماضية إلى عاقبة المشركين الذين أودى بهم عنادهم وإصرارعلى الباطل إلى جهنم وبئس المصير .وهذه الايات تتحدث عن الموحدين اولئك الذين استمعوا إلى الكلام الحق وآمنوا به وبلغوا بها إلى مدارج التقوى والكمال الانساني . الذين آمنوا بقلوبهم وجسدوا إيمانهم بسلوكهم وأعمالهم . فهؤلاء تكون الجنة جزاء لأعمالهم ولهم ما يشاؤون عند ربهم . ترشدنا الايتان إلى مواعظ نذكر منها ما يلي:

  • إن الصدق في القول والعمل من شروط الإيمان بالله تعالى و الكذب لا ينسجم مع الإيمان الحقيقي بالله تعالى.
  • إن مساعي الدعوة إلى الله و تطبيق الدين والشريعة ستثمر فيما لو جسد المبلغون والدعاة إلى الله الإيمان في سلوكياتهم وأعمالهم .
  • ليست هناك حدود للنعم الإلهية في الجنة بل إنها تتبع إرادة وطلب أهلها.
  • إن التقوى والإحسان مفردتان متلازمتان عادة في القران الكريم.

و الان نستمع الى تلاوة الاية 35 من سورة الزمر المباركة:

لِيُكَفِّرَ اللَّـهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٥﴾

أحد أبرز ما يسأله أهل التقوى من الله تعالى هو مغفرة الذنوب و أن تكون حسناتهم هي المعيار الذي على أساسه يجزيهم الله . الله تعالى يجيب لهم هذا السؤال فيغفر لهم ذنوبهم و يجزيهم مقابل الأعمال الحسنة التي قدموها في الدنيا. يذكر أن التقوى لا تعني العصمة من الذنوب بل إنها ملكة روحانية لدى الانسان تمنعه من التوجه نحو الخطايا والذنوب وفي الوقت نفسه فإن ارتكاب الذنوب أمر متوقع أيضا من هؤلاء. إن التقوى عبارة عن درع يحملها الجندي في ساحة القتال كي لا يصاب بسهام الأعداء وهذا لا يعني أنه مصون مئة بالمئة أو أنه سيخرج من ساحة القتال منتصرا بل إنه مازال متعرضا لهجمات الاعداء وعليه الحيطة والحذر . ولكن الرحمة الالهية تشمل حال هؤلاء فبما أنهم وقوا أنفسهم من الوقوع في المهالك واتقوا ، فالله تعالى يسامحهم ويغفر لهم و يجزيهم مقابل أفضل الأعمال التي قدموها في حياتهم . نتعلم من الاية أن الدافع والنية والغاية لدى الانسان كلها مهمة فإن اجتنب الانسان الذنوب وسعى في سبيل الله سيغفر الله له ذنوبه و يجزيه أفضل الجزاء .

و الان نستمع إلى تلاوة الايتين 36 و37 من سورة الزمر المباركة:

أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٣٦﴾

 وَمَن يَهْدِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ ۗ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ ﴿٣٧﴾

تتمة لتهديدات الباريء عزّو جلّ التي وردت في الآيات السابقة للمشركين، والوعود التي قطعها الله لأنبيائه، تتطرق الآية الأولى لتهديد الكفّار. فإن قدرة الباريء عزّوجلّ أقوى وأعظم من جميع القدرات الأُخرى، وهو الذي يعلم بكلّ احتياجات ومشكلات عباده، وهو رحيم بهم غاية الرحمة واللطف، كيف يترك عباده المؤمنين لوحدهم أمام أعاصير الحوادث وعدوان بعض الأعداء . وكتتمة للآية السابقة والآية التالية اشارة إلى مسألة (الهداية) و (الضلالة) وتقسم الناس إلى قسمين: (ضالين) و (مهتدين) وكل هذا من الله سبحانه وتعالى، كي تبيّن أنّ جميع العباد محتاجون لرحمته، ومن دون إرادته لا يحدث شيء في هذا العالم، قال تعالى: (ومن يضلل الله فما له من هاد). ومن البديهي أنّ الضلالة لا تأتي من دون سبب، وكذلك الهداية بل إن كلّ حالة منهما هي استمرار لإرادة الإنسان وجهوده، فالذي يضع قدمه في طريق الضلال، ويبذل أقصى جهوده من أجل إطفاء نور الحقّ، ولايترك أدنى فرصة تتاح له لخداع الآخرين وإضلالهم، فمن البديهي أنّ الله سيضله، ولا يكتفي بعدم توفيقه وحسب، وإنّما يعطّل قوى الإدراك والتشخيص التي لديه عن العمل، ويوصد قلبه الأقفال ويغطي عينيه بالحجب، وهذه هي نتيجة الأعمال التي ارتكبها.

و من تعاليم الايتين :

  • إن كان الانسان مطيعا لأمر مولاه فالله تعالى يكفيه في الدنيا والأخرة .
  • يعتمد المؤمن في المصائب والأزمات على الله اولا و اخيرا وبدل أن يقلق من قدرة الاعداء يصمد في طريق الحق واثقا بالحماية الالهية له .
  • إن ضلالة الانسان لا تحدث من دون مقدمات .بل إنه يحرم نفسه من نور الهداية إثر أعماله السيئة

 

بهذا تنتهي حلقة أخرى من نهج الحياة .. شكرا على المتابعة وإلى اللقاء .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة