البث المباشر

تفسير موجز للآيات 24 الى 28 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 20:46 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 856

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد و الصلاة والسلام على رسول الله وأهل بيته الكرام . السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم إلى حلقة جديدة من نهج الحياة لنقدم لكم شرحا ميسرا لآيات أخرى من سورة الزمر و هي الايات 24 حتى 28 . دعونا في البداية لنصغ إلى تلاوة مرتلة للآية 24 من سورة الزمر المباركة:

أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿٢٤﴾

تقدم الكلام في الحلقة الماضية حول مجموعتين من الذين اهتدوا و الذين ضلوا السبيل . تواصل الايات في هذه الحلقة المقارنة بين هاتين المجموعتين ومصير كل منهما في يوم القيامة . إذ تقول: (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) الأية تريد القول أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة كمن هو آمن باليوم القيامة ولا تمسّه النّار أبداً؟

الملاحظة المهمة في الايةهي أن أصحاب النار يتقون بوجههم العذاب وكما هو معروف فإنّ الوجه أشرف أعضاء جسم الإنسان، لأنّ فيه (العينان والفم والأذنان) التي هي أهم حواسّ الإنسان، وأساساً فإنّ تشخيص الإنسان إنّما يتمّ عن طريق وجهه، ولهذه الخصائص الموجودة في الوجه، فإنّ الإنسان عندما يحسّ أنّ هناك خطراً سيصيب وجهه، فإنّه يضع يديه وما يمكن من أعضاء جسمه أمام وجهه كدرع لدرء ذلك الخطر.إلا أن أوضاع الظالمين في جهنم في ذلك اليوم تجبرهم على استخدام وجوههم كوسيلة دفاعية، لأنّ أيديهم وأرجلهم مقيدة بالسلاسل، كما ورد في الآية (الثامنة) من سورة يس: (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون).ثم تضيف الآية: (وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون). إنّ ملائكة العذاب هي التي توضح لهم هذه الحقيقة المرّة والمؤلمة، إذ يقولون لهم: إنّ أعمالكم ستبقى معكم وستعذبكم، وهذا التوضيح هو تعذيب روحي آخر لهؤلاء.

وممّا يلفت النظر أنّ هذه العبارة لا تقول: ذوقوا عقاب ما كنتم تكسبون، وإنّما تقول لهم: ذوقوا ما كنتم تكسبون، وهذا شاهد آخر على مسألة تجسيد الأعمال يوم القيامة.

إذن الاية المباركة ترشدنا إلى أن العقوبة الالهية يوم اقيامة هي نتيجة الأعمال التي قدمها الإنسان في الدنيا ليراها مجسدة أمام عينه يوم القيامة.

فاصل

والان نستمع إلى تلاوة الاية 25 و26 من سورة الزمر :

كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ﴿٢٥﴾ 

فَأَذَاقَهُمُ اللَّـهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ 

تتناول هذه الاية حال الكفار في الدنيا،اولئك الذين كذبوا رسالات و تعاليم الانبياء فهم سيذوقون العذاب في الدنيا و هو إما عذاب جسدي مادي أو روحي معنوي . إنّ نزول العذاب الإلهي بنوعيه يعدّ أمراً مؤلماً جدّاً، كالذي أصاب قوم نوح وعاد وثمود ولوط وفرعون وقارون وأمثالهم، إذ لم يكن أي أحد منهم يتوقع أن يصيبه العذاب في الدنيا قبل الاخرة.

الآية التالية في بحثنا هذا تبيّن أنّ عذاب هؤلاء الدنيوي لا يقتصر على العذاب الجسدي، وإنّما يشتمل أيضاً على عقوبات نفسية: (فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا)

نستلهم من الايات المواعظ التالية :

  • تظهر آثار ونتائج بعض ما يفعله المجرمون الظالمون في الدنيا وقسم آخر منها يظهر في الاخرة . والعذاب الالهي على أنواع منه العذاب المادي والعذاب الروحي أو المعنوي.
  • ثمة عقوبات يراها الظالم في الدنيا إلا أنها لا تعني انعدامها في الاخرة بل إن عذاب الاخرة أشد وأبقى.
  • إن خيارات تعذيب الظلمة والمجرمين مفتوحة أمام الارادة الالهية بحيث لا يمكن لهؤلاء توقع حصول أي من العقوبات لهم .

 

و الان نستمع إلى تلاوة الاية 27 و28 من سورة الزمر :

 وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٧﴾

 قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿٢٨﴾

تؤكد هذه الايات مرة أخرى الهدف من نزول القران وهو هداية الناس إلى السعادة في الدارين. الآيات - هناـ تبحث خصائص القرآن المجيد أيضاً، وتكمل البحوث السابقة في هذا المجال.فهي تتحدّث عن مسألة شمولية القرآن، حيث تمّ فيه شرح قصص الطغاة والمتمردين الرهيبة، وعواقب الذنوب الوخيمة، ونصائح ومواعظ، وأسرار الخلق ونظامه، وأحكام وقوانين متينة. لعلهم يتذكرون ويعودون من طريق الضلال إلى الصراط المستقيم .فالقران ليس فيه أي إعوجاج، فآياته منسجمة، وعباراته ظاهرة ويفسّر بعضها البعض.

نتعلم من الايات أن:

  • القران الكريم كتاب جامع وشامل لكل ما يحتاجه الانسان لتحقيق السعادة والكمال المنشود.
  • إن لغة التشبيه والتمثيل أبلغ من لغة الاستدلالات المنطقية ولذا فإن القران يستخدم أغلب الأحيان هذه اللغة من أجل الدعوة إلى التوحيد.

بهذا وصلنا و إياكم إلى ختام هذه الحلقة من البرنامج شكرا لكم وإلى اللقاء .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة