البث المباشر

تفسير موجز للآيات 12 الى 19 من سورة ص

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 15:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 836

بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين السلام عليكم مستمعي برنامج نهج الحياة وأهلا بكم، نواصل الحديث في سورة الصاد لتقديم شرح ميسر للايات 12 حتى 19 هذه السورة المباركة ..دعونا في البداية نضغ جيدا إلى الايات 12 حتى 14 منها :

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ ﴿١٢﴾

 وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ۚ أُولَـٰئِكَ الْأَحْزَابُ ﴿١٣﴾

 إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ﴿١٤﴾

جاءت هذه الايات استكمالا للآيات التي تطرقنا إليها سابقا و التي بشّرت بهزيمة المشركين مستقبلا، ووصفتهم بأنّهم مجموعة صغيرة من الأحزاب، تتناول آيات هذه الحلقة المصير الأليم لبعض الأحزاب التي كذّبت رسلها فتشير إلى قوم نوح وعاد وفرعون ذي الأوتاد .والأوتاد تشير إلى قوّة حكم الفراعنة وثباته و قد كذبوا بآيات الله ورسله و كما تشير الاية إلى قوم ثمود ولوط وأصحاب الأيكة- أي قوم شعيب و الأيكة مستمعينا الكرام تعني الشجرة، إشارة إلى المنطقة الخضراء بين الحجاز والشام حيث كان يعيش فيها قوم شعيب . هذه هي ستّة مجاميع من أحزاب الجهل وعبادة الأصنام، التي عملت ضدّ أنبياء الله، ورفضت قبول ما جاؤوا به من عند الله. فكلّ قوم من هذه الأقوام كذّب بما جاء به رسل الله، فأنزل العذاب الإلهي بحقّه .

نستلهم من الايات بعضا من الدروس :

  • إن استعراض تاريخ الأمم السابقة الملئ بالعبر يعد علامة بارزة لكون القران وسيلة للتذكير.
  • لا يقوى الناس أمام العذاب الإلهي مهما بلغوا من القدرة والمكانة حتى و إن كانوا حكاما مقتدرين كالفراعنة الجبارين في الأرض.
  • لا مصير أمام المعاندين للحق سوى الذلة والمهانة واخيرا الهلاك .

 

والان أيها الأكارم نستمع إلى تلاوة الأيتين 15 و 16 من سورة الصاد المباركة :

وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ﴿١٥﴾

 وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ﴿١٦﴾

استكمالا للحديث السابق فإن الاية تتساءل: هل يتوقّع مشركو مكّة أن يكون مصيرهم أفضل من مصير اُولئك من جرّاء الأعمال العدائية التي يقومون بها؟ في حين أنّ أعمالهم هي نفس أعمال اُولئك، وسنّة الله هي نفس تلك السنّة؟

لذا فإنّ الآية تخاطبهم بكل حزم أن هؤلاء لا ينتظرون من جرّاء أعمالهم إلاّ صيحة سماوية واحدة تقضي عليهم وتهلكهم وما لهم من فواق إي رجوع. ولكن يا ترى هل يعود هؤلاء إلى رشدهم كلا بل يقولون باستهزاء وسخرية: ربّنا عجّل لنا قطنا إي عذابنا قبل حلول يوم الحساب، فهؤلاء المغرورون بلغ بهم الغرور إلى الإستهزاء بعذاب الله ومحكمته العادلة، وإلى القول: لِمَ تأخّرت حصّتنا من العذاب؟!

مستمعينا الكرام نتعلم من هاتين الايتين بعضا من المواعظ و هي :

  • إن من أساليب الكفار لمواجهة دعوة الانبياء هو اللجوء إلى الاستهزاء بالعذاب الإلهي .
  • إن الغرور والعناد يجعلان الإنسان متكبرا عن قبول الحق وليتحدى نزول العذاب الذي إن نزل بحقه أهلكه و أباده.

 

والان نستمع معا إلى تلاوة الايات 17 إلى 19 من سورة صاد المباركة:

اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿١٧﴾

 إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴿١٨﴾

 وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ﴿١٩﴾

مواساة لرسول الله وأصحابه المؤمنين القلائل، يطرح القران الكريم قصّة داود (ع)، الذي منحه الله قدرة واسعة، حتّى أنّ الجبال والطيور كانت مسخّرة له، ليبيّن الله تبارك وتعالى من خلال هذه القصّة لنبيّه الأكرم أنّ اللطف الإلهي إن شمل أحداً فإنّ عموم الناس لا يستطيعون عمل أي شيء إزاء هذا اللطف. فداود (ع)- مع هذه القدرة العظيمة التي منحها إيّاه ربّ العالمين- لم يسلم من تجريح الآخرين وبذاءة لسانهم، وفي هذا الكلام مواساة للنبي الكريم (ص) في أنّ هذه المسألة لا تنحصر بك فقط، وإنّما شاركك فيها كبار الأنبياء (ع).

نتعلم من هذه الايات :

  •  أن الاستهزاء والحرب الإعلامية هي سيرة مستمرة يقوم بها الكفارلمواجهة المؤمنين .
  • وأن القائد عليه أن يتمتع بسعة الصدر والصبر مقابل كلام السوء الذي يصدر من الاخرين .

أيها الأكارم مع انتهاء هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة نشكركم على طيب تواصلكم واستماعكم .. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة