البث المباشر

تفسير موجز للآيات 133 الى 138 من سورة الصافات

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 14:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 829

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين . السلام عليكم و رحمة الله وبركاته يسعدنا اللقاء بكم أيها الأكارم ضمن حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة حيث نواصل التأمل في سورة الصافات المباركة و تحديدا في الايات133 حتى 138 منها . كالعادة نصغي إلى تلاوة مرتلة للايات 133 إلى 136 من هذه السورة المباركة:

وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾ 

إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾ 

إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾ 

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ﴿١٣٦﴾

جرى الحديث في الحلقات الماضية حول استعراض جانب من حياة بعض من الانبياء(ع) بإجمال لتنتقل هذه الايات إلى الحديث عن النبي لوط وقومه الذين كانوا يسكنون في المناطق الشمالية من الجزيرة العربية في نفس طريق القوافل التجارية التي كانت تنتطلق من مكة باتجاه الشام.

بحسب ما ورد في التاريخ فقد كان يعيش النبي لوط (ع) في زمن النبي إبراهيم الخليل (ع) و كان من الدعاة إلى شريعته . تتحدث هذه الايات عن القسم الأخير من حياة النبي لوط و قومه حيث تشير الاية إلى نزول العذاب الالهي على قوم لوط المفسدين إلا أن الله تعالى أخبر المؤمنين من قومه بقرب نزول العذاب فنجاهم من ذلك العذاب سوى تلك العجوز التي كانت زوجا للنبي لوط (ع) لأنها كانت تعمل عمل المفسدين ، فقد أذاقها الله العذاب الأليم و لم تنجيها صلة الرحم و القرابة التي كانت تربطها بالنبي لوط (ع) فأهلكها الله مع الهالكين.

و إلى بعض من تعاليم هذه الايات:

  • إن الهدف من التطرق إلى الأمم والأقوام السالفة هو لبيان السنن الالهية الحاكمة على الكون ليعتبر بها أولو الألباب .
  • لا تغني العلاقات الرحمية بين الناس وبين الانبياء والاولياء في رفع العذاب عنهم. من يستحق العذاب سيذوقه حتى وإن كان زوجا للنبي.
  • إن الذين آمنوا برسالة الانبياء و عملوا على أساسها يعدون من قومه حتى وإن بعدت لحمتهم ، وإن الذين كفروا وكذبوا برسالات الانبياء لا يتعبرون من أهلهم و حتى و إن قربت لحمتهم .

 

و الان أيها الأكارم نستمع إلى تلاوة الايتين 137 حتى 138 من سورة الصافات المباركة:

وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ ﴿١٣٧﴾

 وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٣٨﴾

أشرنا في بداية الحلقة إلى أن قرى قوم لوط كانت تقع في طريق القوافل التجارية التي كانت تنطلق من مكة باتجاه الشام وعليه فقد كان الناس يمرون على تلك القرى التي شهدت العذاب الاليم و يشاهدون آثار العذاب . فالاية تخاطب أهل مكة أنّكم تمرّون في كلّ صباح بجانب ديارهم الخربة من جرّاء العذاب.كما تمرّون من هناك في الليل أفلا تعقلون. فإذا كانت لهم آذان واعية لسمعوا الصراخ المذهل والعويل المفزع لهؤلاء القوم المعذّبين.

لأنّ آثار ديار قوم لوط الخربة تحكي بصمت دروساً كبيرة لكلّ المارّين من هناك، وتحذر من الإبتلاء بمثل هذا العذاب.

لقد انحرف قوم لوط عن الفطرة الالهية التي أودعها الله في ذوات البشر بحيث مارسوا الزواج المثلي بدل الزواج الطبيعي بين الذكر والانثى و هناك من دعمهم على هذا الأمر الخطير و هناك من رضي بفعلتهم الشنيعة أو سكت عنها . لذلك فقد ذاقوا جميعا العذاب الاليم إلا الذين امنوا . و الملفت للنظر أنه و بعد مرور الاف السنين إلا أن هذا الانحراف الخطير مازال يمارس في الكثير من البلدان التي تتدعي التطور والحضارة . وقد تمت شرعنة هذا الزواج المثلي لتضاف بالتالي جريمة أخرى بحق الانسانية و مستقبل البشرية .

الدول التي شرعنت الزواج المثلي بأن هذا القانون يعد تلبية لحاجة نفسية لدى الراغبين لهذا الزواج إلا أنهم لا يدركون أن إشباع الحاجات النفسية والشهوات والنزوات لا يصح أن ينجز من دون حدود.وهل يمكن شرعنة العلاقات الجنسية مع الحيوانات بذريعة إشباع رغبة البعض من الناس .. كلا والف كلا .. فالنفس إن أعطيت مناها لطغت و فسدت و هذا بالضبط ما حصل و يحصل لمطلقي العنان أمام أهوائهم ونزواتهم.

على كل حال فإن الايات تعظنا أولا : إن السير في الأرض و زيارة المعالم التاريخية والأثرية وسيلة للإتعاظ وأخذ العبر. وثانيا: فإن العبر ليست بقليلة بل إن المشكلة هي غفلة البشر عن التأمل في تلك العبر فقد صدق المولى حينما قال : ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.

 

الى هنا وتنتهي حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة ...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة