البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 الى 11 من سورة الصافات

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 08:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 816

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على سيد الأنام محمد وآله الطاهرين .. سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات أيها المستمعون الأكارم وأهلا بكم إلى نهج الحياة إذ نواصل الحديث في آيات أخرى من سورة الصافات المباركة و هي 7 حتى 11 منها.. فلنصغ متدبرين في الايات السابعة حتى العاشرة من هذه السورة المباركة ..

وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ﴿٧﴾

 لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ﴿٨﴾ 

دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿٩﴾

 إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿١٠﴾

تحدّثت آيات الحلقة السابقة من هذا البرنامج عن طوائف الملائكة المكلّفة بتنفيذ المهام الجسام، وهذه الآيات تتحدّث عن الطائفة المقابلة لها، أي الشياطين وعن مصيرهم. ويمكن أن تكون هذه الآيات مقدّمة لدحض معتقدات مجموعة من المشركين الذين يعبدون الشياطين والجنّ، وتتضمّن كذلك درساً في التوحيد بين طيّاتها.

فالآية (وحفظاً من كلّ شيطان مارد) فإنّها تشير إلى حفظ السماء من تسلّل الشياطين إليها... كلمة (مارد) تعني الأرض المرتفعة الخالية من الزرع، كما يقال للشجرة التي تساقطت أوراقها كلمة (أمرد) المقصود منها الشخص الخبيث العاري من الخير.

يتم حفظ السماء من تسلّل الشياطين بواسطة رشقها بنجوم يطلق عليها الشهب. بحيث لاتتمكّن الشياطين من سماع حديث ملائكة الملأ الأعلى ذوي المقام الأرفع والأسمى ومعرفة أسرار الغيب التي عندهم، فكلّما حاولوا عمل شيء ما لسماع الحديث، رشقوا بالشهب من كلّ جانب فيطردون من السماء بشدّة، وقد أعدّ لهم عذاب واصب أي دائم، كما جاء في قوله تعالى: (دحوراً ولهم عذاب واصب).

وهنا إشارة إلى أنّ الشياطين لا يطردون ولا يمنعون من الإقتراب من السماء فحسب، بل سيصيبهم في النهاية- مع ذلك- عذاب دائم.

أشارت الآية أيضاً إلى طائفة من الشياطين الشريرة التي تحاول الصعود إلى السماء العليا لإستراق السمع، وإلى المصير الذي ينتظرها هناك، كما جاء في الآية الشريفة (إلاّ من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب).

"الخطفة" أي اختلاس الشيء بسرعة.و "الشهاب" شيء مضيء متولّد من النار، ويرى نوره في السماء على شكل خطّ ممتدّ.وكما هو معروف فإنّ الشهب ليست نجوماً، وإنّما تشبه النجوم، وهي عبارة عن قطع صغيرة من الحجر متناثرة في الفضاء، عندما تدخل في مجال جاذبية الأرض، تنجذب نحوها، ونتيجة دخولها بسرعة إلى جوّ الأرض وإحتكاكها الشديد مع الهواء المحيط بالكرة الأرضية فإنّها تشتعل وتحترق. و أما "ثاقب" تعني النافذ والخارق، وكأنّه يخترق العين بنوره الشديد ويثقبها، وهذه إشارة إلى أنّ الشهاب يثقب كلّ شيء يصيبه ويحرقه.

نستلهم من الايات دروسا منها:

  • تحمل الملائكة أسرارا غيبية تحاول الشياطين الوصول إليها ولكن الله تعالى لم يأذن لهم بذلك .
  • إن استراق السمع من عمل الشيطان وقد ذمه القران الكريم ولا بد من محاربته .
  • ينبغي مواجهة اولئك الذين يحاولون بكل وسيلة الكشف عن أسرار الناس الخاصة خدمة لمصالحهم ومنافعهم .

 

والان ايها الاكارم إليكم تلاوة الاية 11 من سورة الصافات المباركة:

فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ ﴿١١﴾

هذه الآية وما بعدها تعالج قضيّة منكري البعث، وتتابع البحث السابق بشأن قدرة الباري عزّوجلّ خالق السموات والأرض، وتبدأ بالإستفسار منهم وتقول: اسألهم هل أنّ معادهم وخلقهم مرّة ثانية أصعب أو خلق الملائكة والسماوات والأرض: (فإستفتهم أهم أشدّ خلقاً أم من خلقنا).بمعنى : نحن خلقناهم من مادّة تافهة، من طين لزج: (إنّا خلقناهم من طين لازب).فاستفتهم أي إحصل منهم على معلومات جديدة. وهذا التعبير إشارة إلى أنّ المشركين لو كانوا صادقين في أنّ خلقهم أهمّ وأصعب من خلق السماوات والملائكة، فإنّهم قد جاؤوا بموضوع جديد لم يطرح مثله من قبل. وأما مفردة "لازب" أي الطين المتلازم بعضه ببعض، يعني الملتصق لأنّ أصل الإنسان كان من التراب الذي خلط بالماء، وبعد فترة أضحى طيناً متجمّعاً ذا رائحة نتنة، ثمّ تحول إلى طين متماسك .

و إلى بعض من الدروس التي تحملها الاية لنا:

  • إن المقارنة والسؤال هما طريقان لفتح باب التفكير أمام الناس .و أحيانا يكونان أفضل من إلقاء المحاضرات والدروس التعليمية .
  • إن سبب الكثير من حالات الجحود والنكران لدى الكفار هو نسيان كيفية خلق الانسان .

 

إلى هنا وتنتهي حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة نشكركم على حسن اصغائكم والى اللقاء بعونه تعالى .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة