البث المباشر

تفسير موجز للآيات 45 الى 49 من سورة النمل

الإثنين 6 إبريل 2020 - 13:28 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 685

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على خير المسؤولين الني الخاتم محمد وآله الأطهرين.

إخوة الإيمان في كل مكان سلام الله عليكم ورحمته...

يسرنا أن نلتقيكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، وتفسير آي أخر من سورة النمل المباركة، نستهله بالآيات: من الآية الخامسة والأربعين الى الآية السابعة والأربعين:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ﴿٤٥﴾ 

قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿٤٦﴾

 قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴿٤٧﴾

 

بينت السورة بشيء من الإيجاز حتى الآن جوانب من سيرة الأنبياء من موسى وداوود وسليمان عليهم السلام.

وفي الآيات هذه إشارة لرسالة صالح الذي دعا قومه وهو قوم ثمود وهو محب لهم وحريص عليهم الى التوحيد وعبادة الرب الواحد، لكن قومه إنقسموا الى فرقتين مؤمن وكافر، فتخاصما وواجه كل منهما الآخر، فالخصومة تلك كانت فردية حيناً وجماعية حيناً آخر؛ وقد وصف تعالى صالحاً المرسل الى قومم ثمود بأنه أخاهم في إشارة الى أنه حريص عليهم حرص الأخ على صالح أخيه، وكانت دعوته أن اعبدوا الله وحده لا شريك له "فإذا هم فريقان يختصمون" في الدين.

يقول كل فريق الحق معي، فقال صالح للفريق المكذب: "ياقوم لم تستعحلون بالسيئة قبل الحسنة" أي: تبادرون الى سؤال العذاب قبل الرحمة التي دافعها الإيمان والإستغفار.. وبذلك يبدو أن صالحاً عليه السلام إنما وبخهم بقوله هذا بعد ما عقروا الناقة وقالوا له: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين؛ فيكون قوله: "لو لا تستغفرون الله لعلكم ترحمون" تحضيضاً الى الإيمان والتوبة لعل الله يرحمهم فيرفع عنهم ما وعدهم من العذاب وعداً غير مكذوب وكان جوابهم أن "قالوا اطيرنا بك وبمن معك" أي: تشأمنا بك وبمن على دينك يا صالح، ذلك أن القوم كانوا قد قحطوا بعد ما انقطع المطر عنهم وجاعوا فقالوا أصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم أصحابك (فقال) لهم صالح (طائركم عند الله) أي: الشؤم ونصيبكم من الشر الذي تستوجبه أعمالكم من العذاب من عند الله سبحانه (بل أنتم) يا قوم صالح (قوم تفتنون) أي: تختبرون بالخير والشر وهما طاعة الله ومعصيته ليمتاز مؤمنكم من كافركم.

ما تعلمناه من هذه الآيات:

  •  الدعوة الى التوحيد وعبادة الإله الواحد هي في مقدمة ما يدعو إليه رسل السماء.
  •  ما ألفه التاريخ دائماً وأبدأ، هو الصراع بين الحق والباطل، على هذا لا يرجى من الناس كلهم الإنصياع للحق والمنطق وأن يكونوا مؤمنين ويعلمون صالحاً.
  •  يجب الى جانب تحذير المذنبين وإنذارهم فتح باب التوبة أيضاً أمامهم تمهيداً العودة عنا هم فيه.
  • يواجه الكفرة منطق الأنبياء البيّن وبراهينهم ودلائلهم الواضحة والمؤكدة بالأوهام والخرافات من التطيّر والتشاؤم.

والآن نصغي لقوله تعالى في الآيتين الثامنة والأربعين والتاسعة والأربعين من سورة النمل المباركة:

وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴿٤٨﴾ 

قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّـهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿٤٩﴾

 

تشير الآيتان الى توطئة قتل النبي صالح عليه السلام قوله تعالى "وكان في المدينة" أي التي كان فيها صالح وهي مدينة الحجر، كان فيها (تسعة رهط) أي من أشرافها وهم غواة قوم صالح الذين سعوا في عقر الناقة وقد وصفتهم الآية بأنهم (يفسدون في الأرض ولا يصلحون) وهؤلاء النفر كانوا قد تحالفوا أن يبينوا صالحاً وأهله أي يقتلونهم ثم ينكروا عند أوليائه أن يكونوا فعلوا ذلك أو رأوه وكان هذا مكراً عزموا عليه فتوطئة قتل النبي صالح عليه السلام، تعيد الى الأذهان، ما تواطأ عليه مشركوا مكة ضد النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقتله نائماً في الفراش في ليلة أرضت باسم المبيت، لأن الإمام علي – عليه السلام – بات في فراش النبي – صلى الله عليه وآله – لكي لا يشعر المشركون بمغادرته مكة مهاجراً للمدينة بعد أن عزموا على قتله مشاركة مقاتل عن كل قبيلة ليضيع دمه صلى الله عليه وآله بين القبائل.

بينت لنا الآيات:

  • إفتقار مخالفي الأنبياء الى المنطق والإستدلال فإنهم كانوا يتواطئون ويخططون لقتلهم تحسباً لإنتشار دعوتهم وما بعثوا من أجله.
  •  التاريخ حافل بالعبر، فكم من الناس من أقسم على قتل الأنبياء ورسل السماء واولياء الله – عليهم السلام – وهذا قمة الجهل وضلال الإنسان وضياعه وهذا ما كان عليه الخوارج، فإنهم أقدموا على قتل الإمام علي بن أبي طالب وهو يصلي في المحراب بمسجد الكوفة أي: في بيت الله وفي شهر الله تقرباً كما كانوا يزعمون الى الله.

الى هنا مستمعينا الكرام نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة.

على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة