البث المباشر

تفسير موجز للآيات 41 الى 44 من سورة النمل

الإثنين 6 إبريل 2020 - 13:19 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 684

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين.. والصلاة والسلام على النبي الخاتم وآله الطاهرين.

إخوة الإيمان أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي أخر من سورة النمل المباركة.

هذه أولاً الآيات الحادية والأربعون والثانية والأربعون والثالثة والأربعون:

قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٤١﴾ 

فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَـٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴿٤٢﴾ 

وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴿٤٣﴾

 

تقدم القول بأن ملكة سبأ قدمت ومعها بعض أفراد الحاشية من اليمن الى الشام مستسلمة ومنقادة لسليمان عليه السلام وجاء الذي عنده علم من الكتاب بعرشها بطرفة عين بأمر سليمان الى قصره عليه السلام.

وتحدثنا هذه الآيات: أن النبي سليمان أراد اختبار فطنة بلقيس ولإظهار آية باهرة من آيات نبوته لها فقال: "نكروا لها عرشها" أي بتغيير هيئته "ننظر أتهدتي" أي بفطنتها الى معرفة عرشها بعد التغيير وتستدل به على قدرة الله وصحة نبوته – عليه السلام – وتهتدي بذلك الى سبيل الإيمان والتوحيد.

فكان جواب بلقيس هو: "كأنه هو" فلم تثبته ولم تنكره ما دل على كمال عقلها، حيث لم تقل لا، إذ كان يشبه عرشها لأنها وجدت فيه ما تعرفه ولم تقل نعم، إذ وجدت فيه ما لا تعرفه وما غيّر وبدّل، لأنها خلفت العرش في قصرها ولإستغرابها قدرة البشر في نقله الى قصر سليمان في الشام في تلك البرهة الزمنية القصيرة.

وفي هذه إشارة لطيفة الى أن بلقيس قد تأثرت بآية المجيء بعرشها بالإعجاز.

أفادتنا الآيات:

  •  للإيمان والتسليم بالغ الأهمية إن كانا عن علم ومعرفة لا عن تقليد أو تقاليد عمياء.
  • تأصل الخرافات والتمادي فيها، عامل يحول دون درك الحق ومعرفة الواقع والإيمان بالإله الواحد.
  •  بما أن الإنسان قابل للتغيير، فسوء ماضيه لا يعني أن له مستقبلاً مظلماً حتماً

فكم من الناس الذين صلحت سيرتهم وتبينوا سبيل الهداية والرشاد وسلوكه بعد الضلالة.

نضغي وإياكم الآن للآية الرابعة والأربعين من هذه السورة المباركة:

قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٤﴾

 

 

القائل لبلقيس هنا قد يكون بعض من خدم سليمان ممن كان يهديها الى الدخول عليه على ما هو الدأب في وفود الملوك والعظماء على أمثالهم وقوله "ادخلي الصرخ" أي الموضع المنبسط المنكشف أو القصر أو صحن الدار وكان من زجاج أبيض وأجري تحته ماء فيه سمك فجلس سليمان في صدره على سريره تفخيماً لمجلسه "فلما رأته حسبته لجة" أي ماء غامراً "وكشفت عن ساقيها" بجمع ثيابها لئلا تبتل بالماء أذيالها وقيل لما رأت بلقيس الصرح قالت ما وجد إبن داوود عذاباً يقتلني به إلا الغرق وأنفت أن تجبن فلا تدخل ولم يكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقيها "قال" لها سليمان "إنه صرح ممرد" أي مملس "من قوارير" وليس بماء ولما رأت سرير سليمان والصرح "قالت ربي إني ظلمت نفسي" بالكفر الذي كنت عليه "وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" فحسن إسلامها، اللافت في الآية أن بلقيس لم تقل أسلمت لسليمان بل قالت أسلمت مع سليمان لله رب العالمين، فنحن كلانا من عباد الله سبحانه وتعالى.

لا ريب أن إسلام بلقيس وإيمانها بالإله الواحد، قد مهّدا لعزوف أهل سبأ عن السجود للشمس وعبادة ما هو دون الله ولإرشادهم الى التوحيد وعبادة الله خالق السموات والأرض.

علمتنا الآية:

  •  وجوب توظيف الإمكانات المادية لخدمة التبليغ والترويج لدين الله مثلما استعان النبي سليمان عليه السلام بالصناعة والإمكانات المادية، لإرشاد الناس وهديهم.
  •  إستثمار الحكومة الإسلامية لعوامل مثل الفن والجمال والصناعة والتقنية الحديثة من أجل الإيضاح للحق والإيمان بالله أمر مطلوب ومؤثر.
  •  التوبة النصوح هي الإعتراف بالأخطاء وما ارتكب من ذنوب والإستغفار وطلب الهداية وما يدل الى الصراط المستقيم.
  • إن روح الإيمان، هي التسليم لله رب العالمين، مثلما أعلنت ملكة سبأ في نهاية المطاف، إستلامها لله الواحد الأحد.

إنتهت، مستمعينا الأعزاء، هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة جديدة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة