البث المباشر

مجلة العصر .. هل أطلقت مواقف الدول الإسلامية يد الهند ضد المسلمين؟

الثلاثاء 10 مارس 2020 - 19:50 بتوقيت طهران
مجلة العصر .. هل أطلقت مواقف الدول الإسلامية يد الهند ضد المسلمين؟

تسجل الدول الإسلامية والعربية غيابا ملحوظا تجاه قضايا اضطهاد المسلمين حول العالم، لا سيما ما يحدث في الهند ضد أكبر تجمع للمسلمين في العالم، في موقف عده محللون تواطؤا ساهم في إطلاق يد الحكومة اليمينية.

ولم تحرك هذه الدول ساكنا أمام العنف والقتل الذي يمارس ضد المسلمين من قبل مجموعات هندوسية أطلقت يدها الدولة، وبتشجيع من زعامات بارزة في الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" الذي يقوده رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، الذي لا يخفي عداءه للمكونات المسلمة في البلاد.

وسقط نحو 42 قتيلا جلهم من المسلمين، وأصيب آلاف آخرون، في أحدث موجة عنف ضد المسلمين اندلعت في العاصمة نيودلهي في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، على خلفية احتجاجات ضد قانون الجنسية المثير للجدل، الذي يستهدف بالأساس تجريد المسلمين من جنسيتهم.

اوراق ضغط

رغم أن دولا إسلامية وعربية، تمتلك أوراق قوة للضغط على الحكومة في الهند، أبرزها العلاقات الاقتصادية، إلا أن أيا من تلك الأوراق لم توظف لوقف نزيف المد العنصري، والتطهير العرقي ضد مسلمي الهند، ما يطرح تساؤلات حول أسباب اللامبالاة، وسياسة إدارة الظهر التي تنتهجها الدول الإسلامية تجاه معاناة مسلمي الهند والممارسات العنصرية ضدهم.

وفي تعليقه على مواقف الدول الإسلامية، قال رئيس تحرير صحيفة مِلِّي جازيت الهندية ظفر الإسلام خان، إن الكثير من الدول الإسلامية والعربية لديها مصالح اقتصادية كبيرة مع الهند، ولا تريد إغضابها، رغم امتلاكها العديد من أوراق الضغط على حكومة مودي.
 
ولفت إلى أنه لم يصدر أي موقف إسلامي تجاه العنف ضد المسلمين، إلا من تركيا، وإيران، ومنظمة التعاون الإسلامي فقط.

وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن "الدول الإسلامية والعربية، لا سيما دول الخليج التي تستفرد بعلاقات مميزة مع الهند، لديها العديد من الملفات التي يمكن أن تضغط بها على حكومة مودي، لكن يبدو أن غياب الرغبة الحقيقية يحول دون استخدام أي من أوراق القوة لدفع الهندي لوقف كل أشكال التمييز والعنف ضد المسلمين".

حسابات سياسية

ولفت خان إلى أن هدوء موجة العنف ضد المسلمين، كشفت عن حالة من الدمار لحقت بالمنازل ودور العبادة والمحال التجارية، فضلا عن مئات آلاف المشردين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى أقاربهم في أماكن بعيدة، أو وضعوا في مخيمات تديرها الإدارات المحلية، خاصة مناطق مديرية شمال شرق دلهي.

بدوره، قال الخبير في الشؤون الدولية، حسام شاكر، إن توقعات أن نشهد تحركا إسلاميا إزاء ما يجري في الهند، بات بعيد المنال، لأن واقع الحال في الدول الإسلامية والعربية لا يعبر عن أي إشارات لأي استجابة تجاه الشعوب المضطهدة، سواء كانت مسلمة أو غيرها.

ولفت في حديث لـ"عربي21" أن عموم الدول المحورية في العالم العربي والإسلامي "لديها حسابات سياسية، وكثير منها يقرأ اتجاه الريح السياسية، فهي تلحظ مثلا أن ما يجري في الهند يحظى بغطاء دولي، وتحديدا من خلال العلاقة الوطيدة بين مودي والرئيس ترامب، وكلاهما يتسمان بتعبيرات مشتركة ضد ما يسمى التعصب الإسلامي، وهذا تكرر بشكل ملحوظ على لسانهما في زيارة ترامب للهند مؤخرا".

وشدد على أن التمادي الذي يحصل في التعدي على الأقليات المسلمة بدوافع يمينية وعنصرية، يحمل في طياته إشارة لعدم توقع الهند لأي ردود فعل تجاه سياسة الاضطهاد والاقصاء، ما يشي أن القيادة الهندية مطمئنة إلى أن العالم العربي والإسلامي لن يغير سياسته تجاه الهند كرد فعل على ما يجري.

تغليب المصالح

"والمفارقة في هذا الأمر أن دولا عربية ترفع خطاب التعايش والتسامح واحترام الأقليات، لا تعبر عن أي نقد للسياسات المضادة للتعايش، والتي تمتهن الأقليات لصالح قراءة دينية أو قومية متعصبة كما يجري الآن في زمن مودي". بحسب شاكر الذي يرى حرص دول إسلامية وازنة عن تجاهل مفهوم الأمة والالتزام الإسلامي المشترك، لصالح مفهوم دولة منفلتة عن التزاماتها، يؤدي في النهاية إلى غياب أي انتقادات مسموعة تجاه ما يجري لمسلمي الهند وغيرهم من الأقليات المضهدة.

وعن تغليب المصلحة على المبدأ، قال: "واضح أن هناك حرصا من دول بعينها على عدم التضحية بعلاقاتها مع قوى دولية صاعدة، وإن مارست الاضطهاد أو الاستهداف للمسلمين داخلها، وهذا ينطبق بشكل خاص على الهند والصين، اللتين لهما وزن متزايد على المسرح الدول، وهذا يمنح هذه الدول فرصة التمادي وإطلاق اليد ضد المسلمين وغيرهم".

وختم حديثه بالإشارة إلى أن الموقف العربي والإسلامي ليس متماسكا، مشيرا إلى أن أقصى ما يمكن توقعه في هذا الظرف تحركات لمنظمات وهيئات فقط، دون أن تسجيب العواصم لهذا الاستحقاق بمواقف ضاغطة وهذا بلا شك تقرؤه الهند جيدا وتتصرف بناء عليه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة