البث المباشر

تفسير موجز للآيات 39 حتى 44 من سورة يونس

الثلاثاء 18 فبراير 2020 - 10:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 327

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ابي القاسم محمد واله الطيبين الطاهرين. ثم السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، حيث التفيوء بافياء القرآن الكريم وتفسير سهل وموجز لآياته المباركات.

ولنبدأ بتلاوة الايتين التاسعة والثلاثين والأربعين من سورة يونس المباركة:

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿٣٩﴾ وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لَّا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴿٤٠﴾

بينت الآيات السابقة لهذه الآيات بأن الكفار والمشركين اقاموا عقائدهم على اساس الظن ورفضوا الأعتراف بالقرآن على انه كتاب الهي جاءبه الرسول الخاتم من عند الله العزيز الحكيم، وقد لنا هاتان الآيتان ان الكفار والمشركين انما ينسجون على نفس المنوال الذي نسج عليه آباؤهم واجدادهم الذين كانوا في الشرك ظالعين والدليل هنا هو ان الرسل والأنبياء (ع) السابقين قد واجهوا مثل هذه انهم الباطلة ورفض البعض قبول معجزاتهم التي كانت من وحي السماء.

الكفار والمشركون لا يستندون في ادعاءاتهم على ادلة دامغة ومن هنا فهم يظلمون انفسهم والآخرين. على ان الله تعالى قد جعل الأنسان حراً ومختاراً في انتخاب العقيدة التي يرتأيها وجاء في قوله تعالى، انا هديناه السبيل اما شاكراً واما كفورا، ونتعلم من هذا النص:

  •  ان جذور الكفر والشرك تكمن في عدم معرفة الحقيقة. اما الذين يبغون الى الحق سبيلاً فأنهم يؤمنون بالأنبياء والرسل وما جاءوا به من عند الله تعالى.
  •  الظلم والفساد ناشئان عن الكفر وانكار تعاليم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ولنصغ الآن الى الآية الحادية والأربعين من سورة يونس حيث يقول جل شأنه:

 وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٤١﴾ 

تأتي هذه الاية المباركة لتوضح اسلوب التعامل مع الكفار والمشركين وتبين ان واجب الرسل (ع) هو ارشاد هؤلاء وهدايتهم الى الطريق الحق. اذ ليس في الدين اكراه او اجبار كما انه لا مسالمة مع الكافرين. وحتى فيما لو كذب الكفار دعوة الأنبياء (ع) فأنه لا يجب على الأنبياء قسر المكذبين على قبول الحق، اذ لا اكراه في الدين والأيمان لابد ان يكون على اساس الأعتقاد الأختياري لا الجبري، فمن الناس من لا يفهم الحق ويميزه عن الباطل واذا ما فهمه وميزه رفضه كفراً وعناداً.

وليس العبرة في استقطاب عدد كبير من الناس انما العبرة في نشر الأيمان والحق والحقيقة بينهم. وان يكفر ما في الأرض جميعاً فان الله غني حميد ونتعلم من هذه الاية مايلي:

  •  ان على القادة الدينيين ان يتوقعوا ان البعض قد يعارض توجهاتهم، ومن هنا عليهم ان يكونوا مستعدين لقبول مثل هذا الأمر.
  •  الأسلام هو دين الأستقلال والأخلاق وانه لا يكره احداً على الاعتقاد به، لكنه في ذات الوقت لا يستسلم للكافرين لانه يعلو ولا يعلى عليه

ويقول تعالى في الآيات الثانية والأربعين والثالثة والأربعين والرابعة والأربعين من سورة يونس المباركة:

وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ ﴿٤٢﴾ وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ ﴿٤٣﴾ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿٤٤﴾

 

توضح هذه الآيات ان البعض يسمع كلام الرسول ويراه لكن اياً من هذا السمع والبصر ليس له اثر في قبولهم الحق فكلام الوحي الذي يطرق اسماع هؤلاء في محضر النبي (ص) لا ينفذ الى القلوب والالباب ولا يتجاوز التراقي والأبصار. ان مثل هؤلاء لا يريدون ان يعوا ما سمعوه وان كان حقاً ان مثل هؤلاء لم من الصم العمي على ابصارهم غشاوة وفي اذانهم وقرا.

نعم مثل هؤلاء لا يفقهون الحق ولا يريدون ان يفهمونه.

ان على الأنسان ان يتفكر فيما يسمع ويرى ويعمل العقل ليميز الحق من الباطل فيتبح الحق ويجتنب الباطل لأن الباطل كان زهوقاً.

ان الله تعالى اعطى الأنسان السمع والبصر والفؤاد ليسير على هدي الحق ويجتنب التخبط في متاهات الباطل وسىء السبيل. ان من يرفض الحقيقة انما يظلم نفسه ويلقي بها في الهلاك والشقاء.

ان الله تعالى لا يظلم احداً وحسب قول علماء الكلام فأن الظلم عليه قبيح لأن ذاته المقدسة منزهة عن ذلك.

ونتعلم من هذه الآيات:

  • الرؤية والسمع مقدمة للتعقل والتفكر ومن لا يرى الحق في الدنيا يحشر يوم القيامة اعمى. كما كان في الدنيا عمى القلب والبصيرة لأن العبرة بالبصيرة لا الباصرة.

غفر الله لنا ولكم وجعلنا واياكم على الأيمان قولاً وعملاً وقلباً وعقلاً. على هذا نموت ونحيى ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة