البث المباشر

المفاوضات النفطية بين أربيل وبغداد؛ الامكانات والعقبات

الأربعاء 27 نوفمبر 2019 - 15:42 بتوقيت طهران
المفاوضات النفطية بين أربيل وبغداد؛ الامكانات والعقبات

عقب تراجع موجة الاحتجاجات في العراق بعد مضي قرابة شهر عسير على التوتر الداخلي في هذا البلد وتأهب القوى الأمنية تجاه المتظاهرين، تبدو القضايا الدائمة الأن على المستوى السياسي ومستوى الحكم في العراق قد وجدت لنفسها المجال للظهور إلى العلن مرة أخرى.

ففي هذا الصدد ، وكما هو الحال خلال جميع السنوات التي تلت عام 2003 ، طُرحت مرة أخرى قضايا عالقة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية المركزية. في الحقيقة، قد بذلت حكومة رئيس الوزراء مسرور البارزاني، طيلة العام الماضي، جهوداً كبيرة للتوصل إلى اتفاق مع حكومة عادل عبد المهدي في بغداد، ولكن بسبب الاحتجاجات الداخلية في مختلف المدن العراقية، شهدنا عملية انقطاع في المفاوضات بين الجانبين.

وفي ظل الأوضاع الجديدة الي تراجعت فيها الاحتجاجات إلى حد كبير في العراق، أخذ المسؤولون السياسيون في اقليم كردستان، بمن فيهم رئيس إقليم كردستان نتشيروان البارزاني، يتحدثون عن الحاجة للتوصل إلى اتفاق والتفاوض بين أربيل وبغداد. ففي هذا السياق ، حتى أن نتشيروان قد تحدثت عن دول أجنبية، بما في ذلك أمريكا، للتوسط والمساعدة في عملية حصول اتفاق بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية في بغداد. في حقيقة الأمر ان المناخ السياسي الراهن في العراق بات بشكل تريد فيه بغداد وإربيل التوصل إلى اتفاق لحل القضايا الثنائية. هذه القضية قابلة للحل، لكن إلى أي مدى يمكن التوصل إلى اتفاق؟ أو بعبارة أخرى، ما هي الامكانات والعقبات التي تواجه اتفاق أربيل - بغداد؟

امكانات الاتفاق بين اربيل - بغداد

حل القضايا بين أربيل وبغداد بمثابة مطلب يعود الى 16 عاماً وفي الوقت الراهن يحظى بالإمكانات والدوافع أكثر من أي وقت مضى. وعند تناول هذه القضية يمكن الاشارة الى الامكانات التالية:

1- في الأعوام التي سبقت عام 2017 أي قبل هزيمة الأكراد في كركوك ، كانت حكومة إقليم كردستان ترى نفسها في مكانة مساوية لبغداد من الناحية العسكرية والأمنية والاقتصادية إلخ، ودعت إلى مفاوضات ثنائية متكافئة نوعاً ما كانت أشبه بمفاوضات بين حكومتين مستقلتين، رغم ذلك، وفي ظل الظروف الجديدة ، أي بعد ظهور داعش، وضعت حكومة إقليم كردستان في رأسها فكرة الانفصال، فقد شهدنا فشلها الاستراتيجي؛ ونتيجة لذلك، يواجه السياسيون في إقليم كردستان اليوم الحقائق الراهنة ويبدو أنهم يميلون الى الاتفاق مع بغداد أكثر من أي وقت مضى.

2- يدرك حكام إقليم كردستان جيداً أنهم في الوضع الحالي يمتلكون أوراق لعب محدودة للغاية للتفاوض مع بغداد، وأن حكومة عادل عبد المهدي لها اليد الطولى في المفاوضات. وأهم ما يميز ورقة رئيس الوزراء هو مسألة تسليم الميزانية التي تحولت الى كابوس بالنسبة إلى أربيل. وبالتالي، يبدو أن مسرور ونتشيرفان البارزاني مستعدان أكثر من أي وقت مضى لتقديم بعض التنازلات الخاصة لبغداد من أجل الحفاظ على هذا الامتياز كحد أدنى.

3- على مستوى آخر، يمكن الإشارة إلى الأدوار الفردية أو القادة السياسيين. ففي الوضع الراهن، لدى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تقارب خاص مع الأكراد. اذ باتت صداقته التاريخية مع الأكراد خلال حكم فترة النضال ضد حكم صدام، في الأعوام السابقة لعام 2003 بمثابة أرضية لمفاوضات بناءة بين الجانبين.

4- بالإضافة إلى هذه المحاور الثلاثة، فإن المطلب العام لأهالي اقليم كردستان هو حل القضايا العالقة مع بغداد بشكل دائم. ففي الحقيقة، يخشى الأكراد الذين عانوا من ظروف صعبة بين 2014 و2019 نتيجة تعديل الرواتب الى الربع، من تكرار هذا الحدث لذلك هم يدعمون بطريقة ما أي اتفاق بين أربيل وبغداد.

عقبات الاتفاق بين اربيل وبغداد

على الرغم من أن أرضية التفاوض والاتفاق بين الأكراد والحكومة المركزية قد تعززت إلى حد كبير ، إلا أنه يمكن الاشارة الى العقبات التي أثقلت كاهل الاتفاق بين أربيل وبغداد. وتشمل:

1- لم توافق حكومة إقليم كردستان حتى الآن على تسليم منشآت النفط وخطوط أنابيب نقل النفط الى شركة سومو (الشركة الوطنية العراقية لتسويق النفط). ان ما يريده إقليم كردستان في قضية النفط باعتبارها أهم عائق هو النظر في نوع من الاستقلال الامر الذي يتعارض مع السيادة الوطنية للعراق. حيث أن اكتفاء كردستان فقط بإرسال 400 ألف برميل من النفط يومياً هو فقط عكس لحقيقة أن الأكراد ما زالوا يريدون الاستقلال في مجال الطاقة. لذلك ان هذا الأمر هو أهم عقبة أمام التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

2- عدم حل بقاء المادة 140 من الدستور العراقي، والتي تتناول المناطق المتنازع عليها في محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى، لايزال يطرح كمطلب مهم من قبل الأكراد؛ وفي المقابل ترغب بغداد بأن تصبح هذه القضية طي النسيان، هذه القضية بقيت عالقة دون حل و يبدو أنها ستتمتع بإمكانية منخفضة للحل مستقبلاً.

3- ان معظم التيارات السياسية المتواجدة في الساحة السياسية والحكومية العراقية لا تعتبر التفاوض بشكل معاملة وتقديم تنازلات الى اربيل "أمراً مقبولاً"، وتعتبرها أرضية لتهديد وحدة الأراضي العراقية. الامر ذاته هو بمثابة عقبة كبيرة أمام التوصل إلى اتفاق بين الأكراد والحكومة المركزية.

 

الوقت

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة