البث المباشر

من أعلام المؤمنات.. اسية زوجة فرعون

الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 09:23 بتوقيت طهران
من أعلام المؤمنات.. اسية زوجة فرعون

إذاعة طهران- من أعلام المؤمنات: الحلقة 1

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله
تحية طيبة وأهلاً بكم في أولى حلقات هذا البرنامج الذي نتعرف فيه على نماذج من الكوكبة الزاهرة لنساء بلغن مراتب الكمال والرقي ببركة تمسكهن بقيم السماء التي تضمن للإنسان سعادة الدنيا والآخرة، فكن في مواقفهن النبيلة هذه إسوة حسنة للنساء والرجال على حد سواء .

 


نبدأ أيها الأعزاء بذكر سيدة جليلة خلد القرآن الكريم ذكرها مثلاً سامياً للذين آمنوا نساءً ورجالاً في ثباتها على الدين الحق و صدقها في حب الله جل جلاله، إنها آسية بنت مزاحم، التي قال عنها الله عز من قائل في الآية 11 من سورة التحريم:
" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ".
إذن هي امرأة فرعون وهي من أفضل نساء أهل الجنة كما في الأحاديث المتواترة من طريق الخاصة والعامة التي تصرح بأن أفضل نساء الجنة أو خيرهن أربع : خديجة وفاطمة ومريم وآسية بنت مزاحم .
كانت مؤمنة مخلصة تعبد الله سرا إلى أن قتل فرعون امرأة مومنة من أتباع موسى عليه السلام فعاينت الملائكة يعرجون بروحها فأظهرت إيمانها فأمر فرعون بالأوتاد فقتلها . وفي رواية مر بها موسى عليه السلام فشكت إليه بأصبعها، فدعا لها بالتخفيف فلم تجد للعذاب مسا وألما.

 


جاء في تاريخ مدينة دمشق – ابن عساكر – في الجزء الحادي والستين :
كان فرعون قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم وكانت من خيار النساء ومن بنات الأنبياء وكانت أما للمؤمنين ترحمهم و تتصدق عليهم وتعطيهم وعندما عثر جنود فرعون على تابوت موسى الوليد وجاؤوا به إليه قال لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه هذا الوليد أكبر من ابن سنة وإنما أمرت أن تذبح الغلمان لهذه السنة فدعه يكن " قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " أي لا يشعرون بأن هلاكهم على يديه فاستحياه فرعون وومقه وألقى الله عليه محبته ورأفته وقال لامرأته عسى أن ينفعك أنت فأما أنا فلا أريد نفعه وروي عن ابن عباس أنه قال: لو أن فرعون عدو الله قال في موسى كما قالت آسية عسى أن ينفعنا لنفعه الله به ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه.

 


وتذكر عدة من الأحاديث الشريفة أن الله عزوجل أكرم هذه المؤمنة بأن جعلها زوجة لرسول الله – صلى الله عليه واله – في الجنة، ففي تفسير الميزان قال السيد الطباطبائي:
أخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى " .
أقول: وامرأة فرعون على ما وردت به الروايات في كيفية قتلها . ففي بعضها أنه لما اطلع على إيمانها كلفها الرجوع إلى الكفر فأبت إلا الايمان فأمر بها أن ترمى عليها بصخرة عظيمة حتى ترضح تحتها ففعل بها ذلك. وفي بعضها لما أحضرت للعذاب دعت بما حكى الله عنها في كلامه من قولها: " رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ " الخ، فاستجاب الله لها ورأت بيتها في الجنة وانتزعت منها الروح وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح. وفي بعضها أن فرعون وتد لها أربعة أوتاد وأضجعها على صدرها وجعل على صدرها رحى واستقبل بها عين الشمس.

 


وقد آمنت آسية منذ أن رأت معجزة موسى (عليه السلام) أمام السحرة، واستقر قلبها على الإيمان، لكنها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أن الإيمان برسالة موسى وحب الله ليس شيئا يسهل كتمانه ، وبمجرد أن أطلع فرعون على أيمانها نهاها مرات عديدة وأصر عليها أن تتخلى عن رسالة موسى وربه، غير أن هذه المرأة الصالحة رفضت الاستسلام إطلاقا. وأخيرا أمر فرعون أن تثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة الشمس الحارقة ، بعد أن توضع فوق صدرها صخرة كبيرة. وفي تلك اللحظات الأخيرة كانت امرأة فرعون تدعو بهذا الدعاء إذ قالت: " رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " وقد استجاب لها ربها و يلاحظ أن امرأة فرعون كانت تستصغر بيت فرعون ولا تعتبره شيئاً مقابل بيت في الجنة وفي جواره تعالي، وبذلك ردت على نصائح الناصحين في أنها ستخسر كل تلك المكاسب وتحرم من منصب الملكة (ملكة مصر) وما إلى ذلك. لسبب واحد هو أنها آمنت برجل راع كموسي. وفي عبارة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين تضرب مثلا رائعا للمرأة المؤمنة التي ترفض أن تخضع لضغوط الحياة، أو تتخلى عن إيمانها مقابل مكاسب زائلة في هذه الدنيا .
لم تستطع بهارج الدنيا و زخارفها التي كانت تنعم بها في ظل فرعون، والتي بلغت حدا ليس له مثيل. لم تستطع كل تلك المغريات أن تثنيها عن نهج الحق، كما لم تخصع أمام الضغوط وألوان العذاب التي مارسها فرعون. وقد واصلت هذه المرأة المؤمنة طريقها الذي اختارته رغم كل الصعاب واتجهت نحو الله معشوقها الحقيقي. وتجدر الإشارة إلى أنها كانت ترجو أن يبني الله لها بيتا عنده في الجنة لتحقيق بعدين و معنيين: المعنى المادي الذي أشارت إليه بكلمة " فِي الْجَنَّةِ " ، والبعد المعنوي وهو القرب من الله " عِندَكَ " وقد جمعتهما في عبارة صغيرة موجزة .

 


إخوتنا مستمعي إذاعة طهران ، ونختم لقاؤنا هذا من برنامج ( من أعلام المؤمنات) بما رواه الحافظ إبن عساكر في تأريخ دمشق عن مقام هذه المؤمنة الجليلة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" أربع نسوة سادات عالمين مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و أفضلهن عالما فاطمة" .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة