البث المباشر

تعقيدات النظام الأمني للخليج الفارسي ومبادرات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية

السبت 9 نوفمبر 2019 - 13:22 بتوقيت طهران
تعقيدات النظام الأمني للخليج الفارسي ومبادرات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية

خلق ظهور المحافظين الجدد في أمريكا وهجمات الحادي عشر من سبتمبر، فصلاً جديداً من انعدام الأمن والحروب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط والخليج الفارسي،ومع ذلك، فقد أدى الاكتفاء الذاتي لأمريكا في إنتاج النفط وسياسات ترامب في تخفيف عبء الإنفاق والالتزامات الأمنية الأمريكية في المنطقة والعالم، إلى دفع الجهات الفاعلة الرئيسة ذات المصلحة في تطورات الخليج الفارسي لملء الفراغ الناشئ، نحو إنشاء آليات أمنية جديدة ومبادرات جديدة لإدارة النظام الأمني والاقتصادي في منطقة الخليج الفارسي، ورغم أنه يقال إنهم يتشاركون هدفاً مشتركاً هو الأمن الإقليمي، ولكن لكل منهم مقاربة ونتائج مختلفة، سنستعرض فيما يلي أهم الخطط المعلنة لحماية أمن الخليج الفارسي.

التحالف البحري الأمريكي

الخلفية: بعد أن رفضت أمريكا تمديد إعفاءات إيران النفطية في مايو، نشرت في الوقت نفسه تقارير مزيفة عن جهود إيران لإثارة التوترات في المنطقة، ومن خلال خلق هذه الأرضية، وانفجارات ميناء الفجيرة والهجوم على السفينة اليابانية في الخليج الفارسي، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية في حينه الجنرال "جوزيف دانفورد" عن تحالف بحري في الخليج الفارسي لحماية الأمن الإقليمي وحرية الملاحة، ثم طلبت أمريكا من 60  دولة الانضمام إلى هذا التحالف، ومنذ البداية أعلنت ألمانيا وإسبانيا أنهما لن تنضما إلى التحالف، وبدأ التحالف العمل رسمياً في 7 سبتمبر.

الأهداف: 1- خلق الإجماع العالمي ضد إيران 2- تغيير سلوك إيران تحت غطاء عمليات الحراسة ومرافقة السفن 3- طمأنة حلفاء أمريكا بشأن حمايتهم والدفاع عنهم 4- إنشاء الأمن البحري والجوي على أساس مصالح حلفاء أمريكا.

النتائج:

1- من بين 60 دولة، هناك سبع دول فقط انضمت إلى هذا التحالف، هي السعودية والإمارات والبحرين والكيان الإسرائيلي وبريطانيا وأستراليا وكوريا الجنوبية، وجود الدول الأربع الأولى الموجودة في غرب آسيا والمنطقة لا يضيف أي جديد بالنسبة للتحالف، لأن الدول الأربع حليفة لأمريكا ولعبت دوراً مباشراً في توترات الخليج الفارسي، ولذلك واجه هذا التحالف الفشل عملياً. وبحسب ما قاله وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر"، فإن دول حلف شمال الأطلسي لم تدعم التحالف أيضاً.

2- في نتيجة عكسية، لم يساعد هذا التحالف في توفير الأمن فحسب، بل شجَّع السعودية على السعي إلى الانتصار في الحرب اليمنية بجرأة أكبر، ما أدى بدوره إلى تكثيف ردود أفعال أنصار الله، مثل الهجوم على منشآت نجران النفطية وأرامكو.

التقييم:1- السبب الأكثر أهميةً لفشل التحالف البحري الأمريكي، هو أنه قام على أهداف سياسية، وليس على أهداف أمنية حقيقية.2- كانت الدول الرئيسة المشاركة في التحالف هي السبب الرئيس للتوتر في المنطقة.3- الفرق في تعريف الأمن والاستقرار في الخليج الفارسي من وجهة نظر أوروبا وأمريكا، هو أحد تحديات هذا التحالف.

تسعى أمريكا إلى الضغط غير المعقول على إيران، وهي محمية من التوترات الجيوسياسية والهجرة في المنطقة، لكن أوروبا عرضة للأزمات، كذلك لا تحتاج أمريكا إلى واردات الطاقة من الشرق الأوسط إذ تنتج أكثر من 12 مليون برميل من النفط، وهي تسعى إلى بيع أمن مزيف إلى حلفائها في المنطقة من خلال إيران فوبيا، في حين أن أوروبا تحتاج إلى مصادر الطاقة المختلفة.4- لا يقدّم هذا التحالف أي طريقة عملية ومتخصصة لبناء السلام والأمن في الخليج الفارسي، ومن الناحية العسكرية، فإنه غطاء لضعف أمريكا في عمليات إزالة الألغام في الحروب المحتملة.

الكيان الإسرائيلي وخطة معاهدة عدم الاعتداء

الخلفية: بعد أسبوعين من تقديم مبادرة هرمز للسلام من قبل إيران، اقترح الكيان الإسرائيلي معاهدة عدم اعتداء مع الدول الخليجية، ووصف وزير خارجية الكيان "يسرائيل كاتس" الخطة بأنها مبادرة وخطوة تاريخية نحو "إنهاء النزاعات".

الأهداف: نظِّمت هذه الخطة في أربعة بنود، يؤكد البند الأول على تطوير الصداقة والتعاون بين "إسرائيل" والدول الخليجية على أساس القانون الدولي، يقترح البند الثاني اتخاذ "تدابير فعالة ومؤثرة" لضمان تجنّب أعمال مثل الحرب والعداء والتخريب والتحريض ضد بعضهم البعض، بموجب البند الثالث من هذه الخطة، لن ينضم أي من الطرفين (الكيان الإسرائيلي والدول الخليجية) إلى أي ائتلاف أو منظمة أو تحالف مع دولة ثالثة ذات طبيعة عسكرية أو أمنية، ولن يتعاون أي منهما مع هذه التحالفات والمنظمات ولن يقدّم الدعاية لها، ويقترح البند الرابع حلّ جميع النزاعات بين الطرفين من خلال التشاور.

التقييم:

1- الغرض الرئيس من هذا الاقتراح هو إحباط مبادرة هرمز للسلام وتحسين العلاقات بين إيران والدول الأعضاء في مجلس التعاون، وليس لتوفير أمن الطرفين، لذلك ليست لديه مزايا أمنية للدول العربية.

2- يسعى الكيان الإسرائيلي إلى ذرائع لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، ويبحث عن تحقيق تطلعات لا يمكن تحقيقها، لذلك في شرح الاقتراح، أعرب "كاتس" عن أمله في أن تعزز الاتفاقية التعاون المدني مع الدول العربية، وتؤدي في النهاية إلى السلام مع الفلسطينيين، إن اقتراح السلام هذا، مع وجود أغلبية الجماعات اليمينية المتطرفة في الكيان الإسرائيلي والنظام البرلماني للكيان، والذي كان المتطرفون الدينيون يحتلون دائماً أكبر عدد من المقاعد فيه، غير عملي من حيث موارد السياسة الخارجية وصنع القرار.

3- إن أربعة عقود من العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية، تشير إلى كون الكيان الإسرائيلي غير موثوق به، والأدلة على ذلك، الحروب العربية الإسرائيلية، احتلال مرتفعات الجولان ومحاولة إضفاء الطابع الرسمي عليها، حلم "من النيل إلى الفرات" في أيديولوجية وتاريخ تشكيل هذا الكيان، الذي كان في الأساس السبب الرئيس للتوتر في المنطقة.

إن تحريض أمريكا وإعطاء معلومات خاطئة لغزو العراق في عام 2003، والغارات الجوية المتكررة على أجزاء من سوريا كدولة عربية، والهجوم الأخير على قاعدة الحشد الشعبي في العراق، يدل على أن مثل هذه المعاهدة الأمنية مع الكيان الإسرائيلي مستحيلةً عملياً، وفي هذا الصدد، ذكرت قناة "روسيا اليوم" في تقرير، أنه وفقاً لاستطلاعات الرأي، يعتقد 65٪ من المشاركين أن هذه الخطة قد فشلت.

4- يسعى الكيان الإسرائيلي إلى الاستفادة القصوى من رئاسة ترامب لإضفاء الطابع الرسمي على ما احتله في فلسطين، في هيئة صفقة القرن، ولذلك، يحاول من خلال هذه الاتفاقية والحضور في المؤتمرات الأمنية للدول العربية، منع أي مصالحة بين دول المنطقة وإيران حتى يتم تنفيذ صفقة القرن، لأنه بعد إزالة التوتر بين الدول العربية وإيران، سيتضاءل توجُّه هذه الدول  إلى الكيان الإسرائيلي ودعمها لصفقة القرن.

خطة مبادرة هرمز للسلام

الخلفية:

مع تكثيف الوجود الأمريكي في الخليج الفارسي، ازدادت التوترات في المنطقة، مع توجيه أصابع الاتهام إلى إيران في كل مرة. فاقترح وزير الخارجية الإيراني معاهدة عدم اعتداء مع الدول العربية في يونيو، على هذه الخلفية، قدّم الرئيس الإيراني "حسن روحاني" مبادرة هرمز للسلام، التي تضم المزيد من الدول والمنظمات، في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

يدور المشروع، الذي يطلق عليه أيضاً "تحالف هرمز للأمل والسلام"، حول شراكة جماعية طويلة الأجل في منطقة الخليج الفارسي، مع المحتوى الأمني والاقتصادي والقانوني الثلاثي.

تدعو الفقرة 8 من القرار الأممي 598، الأمين العام للأمم المتحدة إلى النظر في سبل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، من خلال التشاور مع إيران والعراق ودول إقليمية أخرى.

لذلك، فإن الخطة، التي تتضمن وجود الأمم المتحدة والمزيد من البلدان، تستند إلى الفقرة المذكورة أعلاه من القرار، وقد دعت جميع بلدان منطقة الخليج الفارسي وكذلك الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا وأمريكا إلى تشكيل تحالف واحد من أجل السلام، وفي هذا الصدد، أعلن روحاني في حديث مع المراسلين قبل الذهاب إلى نيويورك، أن "مبادرة هرمز للسلام" رغم أنها خطة أمنية في المقام الأول، ولكن ستكون لها أبعاد اقتصادية وسياسية أيضاً.

مزايا وعقبات خطة هرمز للسلام:

1- الحل الرئيس لأمن الخليج الفارسي هو داخلي، ويجب توفيره من قبل دول المنطقة التي ترتبط مصالحها الجيوسياسية والجيو اقتصادية بالأمن الإقليمي. "

باري بوزان" أستاذ الاقتصاد بجامعة لندن ومنظر المجمعات الأمنية الإقليمية، يعتبر أن الحملات الأمنية الإقليمية التي تدعو فيها عدة دول إلى وجود قوة أجنبية عبر إقليمية لتوفير الأمن ضد دول أخرى في المنطقة، هو السبب الرئيس لتعريض الأمن للخطر في نظام أمني فرعي، بناءً على ذلك، تسعى إيران إلى ترتيبات أمنية مع جميع دول المنطقة وجميع أعضاء مجلس الأمن، وتتضمن مبادرة هرمز للسلام، بالإضافة إلى توطين الأمن، آليةً للحدّ من التسلح لمنع التنافس على الأسلحة بين الدول، ما يسمح للحكومات الإقليمية بمزيد من الإنفاق على التنمية الاقتصادية وتحسين رفاهية مواطنيها.

2- يقترح المنظر المعروف "ديفيد ميتراني" إقامة علاقات اقتصادية بين الدول لخلق سلام دائم، بناءً على هذه الحاجة، تعتمد مبادرة هرمز للسلام على العلاقات الاقتصادية للبلدان واحتياجاتها المتبادلة، وبالتالي يمكن أن تكون خطة سلام طويلة الأجل، وتبرر وتسهّل انضمام الاقتصادات الناشئة والكبيرة مثل الصين والهند واليابان.

3- يتم تشكيل مبادرة هرمز للسلام على أساس الحوار، ويتناول أيضاً الأسباب الجذرية والنفسية لعدم الاستقرار في المنطقة، وفي هذا الصدد، قال "محمد جواد الظريف" في مقال نُشر في جريدة الرأي الكويتية: "تعاني منطقتنا من فقر الخطاب الإقليمي الشامل في مختلف المجالات، والذي يمكن أن يقضي بشكل دائم على جذور السلام والازدهار، إن منطقتنا بحاجة إلى خطاب بين دول الإقليم أكثر من الاتهامات والخطابات القاسية والتنافس التسليحي".

4- يظهر دعم مختلف القوى الكبرى، مثل ألمانيا وروسيا والصين، لمبادرة هرمز للسلام، أن مبادرة هرمز للسلام، على عكس الخطط الأمريكية، قد أخذت بعين الاعتبار تعاريف الدول المختلفة واهتماماتها الأمنية.

كتب مركز الفكر الأطلسي عن خطة هرمز للسلام: "يمكن أن تكون هذه الخطة بدايةً لمناقشة واسعة النطاق لقضايا الأمن والتعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك أمن الطاقة، الحد من التسلح، تدابير بناء الثقة، العقود العسكرية، إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ومعاهدة عدم الاعتداء في مضيق هرمز، بالإضافة إلى ذلك، تسعى مبادرة الأمل إلى تشكيل مجموعة عمل مشتركة معنية بقضايا مختلفة توفر تدابير عملية لتوسيع التعاون تدريجياً في مجالات الإنذار المبكر والوقاية وحل النزاعات، مكافحة الاتجار بالمخدرات والبشر، الاستثمارات المشتركة في الطاقة، العبور والنقل وكذلك التعاون في مجال الأمن السيبراني.

5- تماشي مبادرة هرمز للسلام مع خطة موسكو، بعد الإعلان عن مبادرة هرمز للسلام، قال نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوغدانوف" بهذا الصدد: "نحن نؤيد أفكار شريكتنا إيران، هذه الخطة تتماشى مع اقتراح روسيا الذي هو "الخطة الأمنية الجماعية" في المنطقة".

التحديات والعقبات

تتمثل تحديات هذه الخطة في الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية المثيرة للتوتر في المنطقة. ترامب، وعلى الرغم من ضغوط الكونغرس، يرفض وقف صادرات الأسلحة إلى السعودية، وتنافس البلدان في مناطق مثل اليمن يخيِّم على نجاح خطط السلام في الخليج الفارسي.

رغم إدراك الكيان الإسرائيلي لتأثير الحرب اليمنية على خطط السلام في الخليج الفارسي والجهود الأخيرة التي بذلتها إيران وبعض الدول لنزع فتيل التوتر في اليمن، يسعى الكيان إلى تكثيف الصراع في اليمن. في 6 نوفمبر، أعلن نتنياهو أن إيران تسعى إلى نشر الصواريخ في اليمن لاستهداف "إسرائيل".

بعد تقديم مبادرة هرمز للسلام، اقترح ال;يان الإسرائيلي على عجل معاهدة عدم اعتداء على الدول العربية، وهذا يدل على أن ال;يان يشعر بقلق عميق بشأن علاقات إيران المواتية مع الدول الخليجية، ويسعى إلى سوق بلدان المنطقة نحو اتفاقيات وهمية أو خلق التردد في الانضمام إلى مبادرة هرمز للسلام. هذا في حين أن الكيان الإسرائيلي لا يمكنه وحده الإخلال بالمنطقة وتعطيل مسار خطط السلام، دون دعم أمريكا.

خطة السلام العراقية

الخلفية: لقد أثر تصاعد التوترات في الخليج الفارسي على العراق. على سبيل المثال، عندما أرسلت أمريكا حاملة طائرات "أبراهام لينكولن" وأربعة قاذفات بي 52 إلى الخليج الفارسي في مايو، نقل إلى دبي موظفي شركة "إكسون موبيل" واحدة من أكبر شركاتها النفطية أيضاً، هذه الخطوة غير المتوقعة ألقت بظلالها على صناعة النفط العراقية وأثارت بعض المخاوف، من مايو إلى أكتوبر، أي خلال خمسة أشهر، شهدت المنطقة الخضراء الدبلوماسية الحساسة في بغداد ثلاث هجمات صاروخية من مصادر غير معروفة. بالإضافة إلى ذلك، نظراً لحاجة العراق إلى الغاز والكهرباء الإيرانيين، مع تزايد التوترات، سعت أمريكا دائماً إلى الضغط على العراق لخفض واردات الغاز والكهرباء من إيران، وكان آخرها في سبتمبر عندما قال وزير الكهرباء العراقي "لؤي الخطيب" إن العراق بحاجة إلى الغاز الإيراني لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل، بالنظر إلى علاقات العراق المتوازنة مع إيران والسعودية و أمريكا، وتضرره من المنافسة والتوتر في المنطقة، اقترح الرئيس العراقي "برهم صالح" في 27 سبتمبر أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في اجتماعاته الهامشية مع مسؤولي مختلف البلدان العربية والأوروبية وكذلك أمريكا، اقترح عقد مؤتمر في بغداد للحدّ من التوترات بين طهران وواشنطن.

أهداف الخطة: في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال برهم صالح إن بغداد بحاجة إلى تعزيز العلاقات مع طهران، وإذ شدد على قلق بغداد إزاء التوترات المتزايدة، أعلن أن الهدف من وراء مقترح مؤتمر بغداد هو تشكيل هيكل سياسي وأمني واقتصادي جديد، مع عضوية دول المنطقة لحل المشكلات الحالية وتمهيد الطريق للتقدم السياسي والاقتصادي، وفي وقت سابق، سافر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى السعودية وزعيم تيار "الحكمة" الوطني السيد عمار حكيم إلى الإمارات، للمضي قدماً بالمحادثات حول مؤتمر بغداد وتخفيف حدة التوتر.

فوائد خطة العراق:

1- يذكِّر مقترح برهم صالح بمؤتمر بغداد الأمني في مارس 2006 برئاسة نوري المالكي. حضر هذا المؤتمر ممثلون عن إيران والولايات المتحدة والجامعة العربية والسعودية وسوريا.

كان هذا الاجتماع أحد أكثر الاجتماعات الأمنية نجاحاً، حيث توصلت الجهات الفاعلة ذات الأهداف والمقاربات المختلفة والمتضاربة إلى نتائج قريبة بشأن تحقيق الاستقرار في العراق ومكافحة الإرهاب، والآن الوضع هو نفسه بالنسبة لأمريكا، إذ يعتزم ترامب، مثل بوش في ذلك الوقت، مغادرة العراق وأفغانستان. وبالنظر إلى القواسم الجيوسياسية المشتركة بين إيران والعراق، فمن المستحيل تحقيق الاستقرار في العراق دون مساعدة إيران.

2- أحد أعذار ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي، كان نفوذ إيران في المنطقة وخاصةً العراق، لكن النظرة الواقعية تظهر أن قطع الحضور الإيراني في بغداد سيخلق حالة من انعدام الأمن لا يمكن السيطرة عليها. لذلك، سيساعد مثل هذا المؤتمر في بغداد في تقريب وجهات نظر الجهات الفاعلة المتخاصمة في الوصول إلى تعريفات منسجمة للأمن في العراق والمنطقة، والتي يمكن أن تساعد أيضاً في تأمين الخليج الفارسي.

3- يتمتع العراق بعلاقات دبلوماسية وشراكات سياسية واقتصادية مع أربع جهات فاعلة هي الإيرانية والأمريكية والإماراتية والسعودية، ويمكنه المساعدة في تحقيق هذا التقارب، بينما يحتاج العراق إلى صادرات النفط مثل الدول الثلاث الأخرى في المنطقة.

التحديات: 1- إن الهشاشة الاقتصادية والأمنية المفرطة للعراق تضعف موقفه لتقديم مثل هذه الخطة، لأن الاحتياجات الأمنية للعراق غير متماثلة بالمقارنة مع الدول الأخرى.2- من ناحية أخرى، لم تظهر بغداد أي جهود متواصلة أخرى سوى زيارة عمار حكيم وعبد المهدي إلى الإمارات والسعودية.3- لا تزال السعودية والإمارات تأملان الانتصار في حرب اليمن، لتدخلا في المحادثات الأمنية مع مزيد من الأوراق الرابحة.

خطة الأمن الجماعي الروسية

الخلفية: قدمت وزارة الخارجية الروسية في الأول من أغسطس وثيقة "مفهوم الأمن الجماعي في الخليج الفارسي" للدبلوماسيين الأجانب، تعود المخاوف الأمنية الروسية في الخليج الفارسي إلى التسعينيات، وإلى الأحداث التي أعقبت الغزو الأمريكي لأفغانستان، في ذلك الوقت، كانت روسيا تركز فقط على العمل العسكري الأمريكي، ولم تقدم خطةً متعددة الأبعاد وقابلةً للتنفيذ؛ ومن ناحية أخرى، قامت أمريكا خلال عهد بوش بتقييم الدول التي لم تكن متحالفةً مع الإجراءات الأمريكية الأحادية الجانب كأعداء لأمريكا، طرحت موسكو الإطار التوافقي للوثيقة الجديدة كما يلي: "في الوقت الحاضر، هناك حاجة إلى عمل فعّال وحيوي على المستويين الإقليمي والدولي، لزيادة تحسين واستقرار الأوضاع في الخليج الفارسي، والتغلب على الظروف المتأزمة الطويلة الأمد في المنطقة".

وبالتالي، فإن الوثيقة الجديدة تراعي مصالح مختلف الجهات الفاعلة، وتؤكد: "يمكن تحقيق إجراءات عملية لإنشاء نظام أمني في الخليج الفارسي، من خلال المشاورات الثنائية والمتعددة الأطراف بين المجموعات ذات الصلة، والتي تشمل دولاً داخل أو خارج المنطقة، أو منظمات مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي".

أهداف الخطة

1- الهدف طويل الأجل لهذه الوثيقة هو إنشاء منظومة الخليج الفارسي الأمنية، مع اتباع نهج تدريجي ومتعدد الأطراف، والمراعاة الصارمة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.2- منع الصراع المسلح.3- خلق شرق أوسط ناجح وديمقراطي من خلال دعم السلام والتعايش بين الأديان.4- محاربة التهديدات الإرهابية من خلال تعبئة الرأي العام للمسلمين والبلدان الأخرى.5- تقليل الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة.6- تعزيز نظام عدم الانتشار النووي في غرب آسيا على أساس معاهدة حظر الانتشار النووي، لتحقيق منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

تمهيدات للإجماع

بالنظر إلى أن الخليج الفارسي هو نقطة النهاية ونتيجة للتوترات، وليس نقطة البداية، لذلك تقترح روسيا حل القضايا التي تؤدي إلى نقل الخلافات إلى الخليج الفارسي كمقدمة وخطوات أولى، وهي تشمل:1- حل الأزمات في المناطق القريبة من الخليج الفارسي، بما في ذلك العراق واليمن وسوريا.2- التزام جميع الأطراف بالاتفاقيات المتعلقة بـ "خطة العمل الشاملة المشتركة"(الاتفاق النووي).3- حل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية كعامل رئيس في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.4- تنفيذ خطة طويلة الأجل لتطبيع الوضع، تعزيز الاستقرار والأمن، حل النزاعات، تحديد المقترحات الرئيسة وطرق تنفيذ المهام ذات الصلة.

أحكام الخطة

ما تتابعه روسيا في الخطوات التالية، هو التصديق على اتفاقات بين الأعضاء لتشكيل آلية أمنية في الخليج الفارسي، وهذه الأحكام تشمل:

1- احترام سيادة وسلامة أراضي دول المنطقة.

2- عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة لحل النزاعات.

3- قبول الالتزامات المتبادلة والشفافية في المجال العسكري.

4- إنشاء الخطوط الخاصة، تبادل الإعلانات المبكرة عن التدريبات العسكرية والرحلات الجوية، تبادل المراقبين، تبادل المعلومات حول مشتريات الأسلحة والقوات المسلحة.

5- الالتزام بحل النزاعات الإقليمية والحدودية من خلال الحوار فقط، أو غيره من الوسائل السلمية القائمة على الالتزامات الدولية.

6- توقيع اتفاقيات بشأن مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة والجريمة المنظمة.

7- اتخاذ تدابير مشتركة لبناء الثقة مع البلدان الإقليمية والبلدان الأخرى.

8- التزام جميع الدول بالقوانين الدولية، وخاصةً ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.

مزايا وعيوب الخطة الروسية:

من بين فوائد هذه الخطة هي أخذها بعين الاعتبار المصالح الأمنية لجميع الدول المعنية في الخليج الفارسي، وتوافقها مع الميثاق والقانون الدوليين، كذلك، روسيا كعضو في مجلس الأمن، يمكنها متابعة تنفيذ الخطة من خلال مجلس الأمن، وبعد 8 أيام من نشر الخطة الروسية، قدمت موسكو هذه الخطة عبر رسالة إلى مجلس الأمن لمزيد من التدقيق والموافقة من قبل الأعضاء الآخرين.

من ناحية أخرى، يعد الموقع الإيجابي لروسيا بين الدول والمنظمات التي ستنضم إلى الخطة، أحد العوامل التي تساهم في نجاحها. كما سافر بوتين مؤخراً إلى الإمارات والسعودية ووقع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية معهما، والتي من شأنها تعزيز علاقات روسيا مع الأمن المتعدد الأطراف في الخليج الفارسي.

الفائدة الأخرى للخطة هي الاهتمام بدور الصين، الصين هي واحدة من اللاعبين الرئيسيين في الخليج الفارسي، والسعودية كانت دائماً واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط للصين، وتحاول أمريكا غزو أسواق النفط في الصين منذ العام الماضي في تنافس خفي، لذا فإن استعداد الصين لدعم خطط السلام في الخليج الفارسي، سيكون أحد عوامل النجاح لهذه الخطط.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "جانج شوانغ" عن الخطة الروسية: "الصين ترحب بهذه الخطة. يجب أن أنظر في هذه المعلومات ولكن يمكنني تقديم إجابة صحيحة، الوضع في الخليج الفارسي معقد والصين تتابع ذلك عن كثب وبدقة. في الواقع، إن السلام والاستقرار في المنطقة يعودان بالنفع على الجميع".

لإيران موقف جيو استراتيجي حساس، وتقع في منطقة الريملاند، من ناحية أخرى، فهي تقع أيضاً في المنطقة الجيو-إقتصادية للنفط والغاز، حيث لديها احتياطيات الطاقة في كل من شمال وجنوب البلاد. كما أنها أقوى دولة في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، ولديها حدود ساحلية مساحتها 2237 كم في محافظة "هرمزجان" فحسب، لذلك، فإن إيران هي محور نجاح مبادرات السلام في الخليج الفارسي، وفي هذا الصدد، فإن الخطة الروسية أكثر نجاعةً بسبب اهتمامها بدور إيران المركزي.

أحد التحديات المهمة لهذه الخطة هو تجاهل الآليات الاقتصادية، لأن الاحتياجات الاقتصادية والأمنية للبلدان الإقليمية وعبر الإقليمية قد صاغت نسيج النظام الفرعي للخليج الفارسي، والاهتمام بالاعتماد المتبادل للجهات الفاعلة سيخلق التقارب والإجماع على قبول خطة السلام، لكن الخطة الروسية تفتقر حتى الآن إلى مثل هذه الآلية الدقيقة.

من ناحية أخرى، لن تتسامح أمريكا مع النفوذ الروسي في الخليج الفارسي، الأمر الذي يعدّ عقبةً رئيسةً أمام الدول الخليجية لتلعب دورها في ترتيبات موسكو الأمنية في الخليج الفارسي.

من بين جميع خطط السلام والأمن المقدمة، فإن خطتي السلام الإيرانية والروسية لديهما القدرة والقابلية للتنفيذ، وهذان المشروعان متكاملان ومنسجمان، ويلبيان مصالح أقطاب القوة المهمة مثل الصين والاتحاد الأوروبي، الذين هم في أمس الحاجة إلى الأمن في الخليج الفارسي، كما دعمت دول المنطقة مثل العراق والكويت وسوريا وعمان خطة إيران حتى الآن، وفي آخر الأخبار، تحدثت وسائل الإعلام عن رسالة إيجابية من السعودية والبحرين رداً على رسالة الرئيس الإيراني حسن روحاني للمضي قدماً بخطة هرمز للسلام

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة