البث المباشر

الحزين الذي لم يستيقظ جيداً -۱

الإثنين 14 أكتوبر 2019 - 15:34 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 7

 

بعضنا او قل الكثير منا غرقى في بحر الغفلة عن ذنوبه لايستشعر فظاعتها ولا يعبأ بخطورة آثارها التدميرية على روحه ونفسه وعجلة العمر القصير تطوي كل يوم فرص التدارك والاسوأ من هذه الطائفة من يغفلون عن ان الكثير مما يقومون به من حركات وسكنات وافعال واقوال هي ذنوب مدمرة بمرتبة او باخرى ولكن صاحبنا لم يكن لا من هؤلاء ولا من اولئك.
مراراً كان يقول عندما اسأله عن سر آثار الحزن التي بدت على محياه، اشعر بالخجل من نفسي بسبب كثير مما اقول به ارى اكثرها ذنوباً تصدني عما اراده الله لي كانسان بعضها ذنوب صريحة وبعضها وان لم تصل الى مرتبة الذنب الصريح لكنها على أي حال تضيع العمر في مشاغل صادة عن القيام بما خلقت لاجله فكيف لا يتملكني الحزن مما انا فيه شعور طافح بالالم والمرارة تجلى في كل كلمة كان يقولها صاحبي لكني كنت اغبطه وانا المس هذا الشعور فيه عند كل كلمة يقولها وقد تسألني يا عزيزي عن سر هذه الغبطة وصاحبي يتلظى بهذا الشعور الموجع ومن حقك ان تستغرب مني ذلك ولكني على يقين بان هذا الاستغراب يزول عندما تعرف النافذة التي انظر عبرها لشعوره الطافح بالالم.
انني انظر الى شعور صاحبي هذا من نافذة كونه يحظى بنعمة ارى الكثيرين منا محرومين منها انها نعمة اليقظة حسبما يسميها بعض العلماء الربانيين ويعتبرونها الخطوة الاولى للتحرك نحو الكمال الانساني الحقيقي الذي قدره الله تبارك وتعالى لللانسان.
انها نعمة ادراك الانسان ان امامه آفاقاً واسعة للتكامل وبلوغ مراتبه السامية التي قدرها الله عز وجل للانسان كنوع عندما خلقه وكرمه بها عن سائر مخلوقاته عز وجل اذ فتح له آفاق بلوغ مراتب من الكمال بحركة اختيارية طوعية يسر الله له جميع اسبابها والمحروم المغبون هو من غفل عن ادراك هذه الحقيقة لان الغفلة عنها تقود صاحبها الى عيش حياة بهيمية لايتميز فيها عن سائر الانعام الا في الظاهر الانساني لا اكثر.
اجل ان صاحبي كان في نعمة اذا نظرنا لحاله في هذه النافذة ولكني لا اخفيك كنت اشعر تجاهه بنوع من الشفقة اذ احسست ان هذه اليقظة لم تعط ثمارها الكاملة له فدفعني حبي له الى السعي لمساعدته في ازالة العقبات المانعة لحصوله على ثمار هذه النعمة كاملة تجرأت مرة لفتح باب الحديث معه وانطلقت من السؤال ذاته عن سر حزنه الطويل فاجابني بالجواب نفسه، فقلت له: انك يا اخي في نعمة عظيمة جديدة بالشكر فالكثيرون محرومون منها وطفقت افصل الحديث له بمثل ما فصلته لك واكثر لكني كنت ارى في ملامح وجهه انه ينصت لقولي عملاً بادب الحديث وليس انصات الساعي للتعريف على شيء جديد يجهله اجل احسست بانه يعرف ما اقول جيداً ويدرك انه في نعمة فآثرت الاختصار لاترك له فرصة الحديث عن "لكن" شعرت بانها تعترض طريقه سكت فبادر للقول: طريق الحصول على نعمة اليقظة ليس صعباً فيكفي ان يخلو الانسان بنفسه ويتفكر في امر خلقه والغاية منه وما الذي يميزه عن سائر المخلوقات وما هو الكمال المقدر له وعظمة الثمار التي يحصل عليها لو سار باتجاهه، ثمار يرى في دنياه الكثير منها وسيرى في آخراه اضعافها لقد ندبنا الاسلام الى هذا التفكر لانه مفتاح الطريق للوصول الى الكمال الحق انني ادرك ذلك ولكن.
ايها الاخوة والاخوات وعند كلمة لكن هذه التي خرجت من قلب هذا الشاب الحزين يقطع السيف الوقت حديث صاحبنا في هذه الحلقة لكنه يعدنا بمتابعة الحديث عن لكن هذه وما تحمله من كشف سر حزن الشاب في القسم الثاني والاخير من هذه القصة الذي سيأتيكم في الغد ان شاء الله في هذا الوقت نفسه فالى حين موعدها نستودعكم الله.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة