البث المباشر

خطاب المنبر الحسيني بين الواقع والتنظير

السبت 15 سبتمبر 2018 - 21:12 بتوقيت طهران
خطاب المنبر الحسيني بين الواقع والتنظير

 توجيه الخطاب الحسيني التوعوي أو الثقافي الى الامة دون التطبيق العملي وفهم التكليف الديني و الشرعي للمثقف والداعية المسلم يعد تناقضا في صيغة الخطاب ايا كانت صيغة ذلك الخطاب!

 بعض خطباء المنبر الحسيني والشخصيات الاسلامية عندما ينتقد ظواهر معينة في المجتمع الاسلامي عليه اولا وقبل كل شي ان يبدء بنفسه وان يطبق عمليا ماينظره ويعكسه من خلال المنبر او القنوات الاعلامية وطرح البديل او العلاج الناجع الذي ينسجم مع طبيعة الانسان وتوجهه الثقافي والديني..!

 الكثير من المبهورين بثقافة العصر لايدركون ان الانسان بفطرته الانسانية يحتاج ضمن حركته الكونية والتكاملية الى شيئين اساسيين هما: الايمان بالله تعالى ... والسير طبقا لما يريده... هو وحده لا كما تريده الدولة او الايدلوجية الحاكمة أو صاحب الخطاب التوعوي المتنور والذين تغص بهم قبل كل محرم بأيام الكثير من المحطات المسموعة والمرئية !

 الخطأ الشائع لدى الكثير من الخطباء والمثقفين المسلمين المتنورين بنور المعرفة والتطور المادي المطرد هي انهم لايدركون انهم يعيشون ضمن منظمومة اجتماعية متفاوتة من ناحية العلم والثقافة والايمان عليهم ماعليهم ولهم مالهم من حقوق وواجبات !

 المشكلة اليوم هي أننا نعاني من حالة التناقض الغريب بين ما يحمله البعض من افكار ورؤى وبين ما يعمل به ويطبقه على ارض الواقع!

 واذا القينا نظرة بسيطه على الاحداث التاريخية لاسيما في التاريخ الاسلامي نجد ان الصراع القائم هو بين قطبين لا ثالث لهما.. الاول يمثل الحق والفضيلة والقيم والمثل العليا للانسان والنهوض بالواقع الانساني والمجتمعي وتوجيهه طبق البوصلة والنظام الكوني الى التكامل المادي والمعنوي. !

 والثاني يمثل الانحطاط والغلو المادي وانكار كل القيم والمثل العليا والمطالبة بالحرية الفردية وان اخذت هذه الصفات لونا لدى ضعاف النفوس ينسجم مع غرائزهم وشهواتهم!! وهذا يشكل بحد ذاته انقلابا على التوجه الفطري للانسان وعلى العقل الذي خصه الله به وعن الهدف الذي اوجد من أجله !

 اذن وبناء على ماتقدم على المثقف والداعية المسلم صاحب الرسالة الحقة اولا وقبل كل شي ان يخاطب ضمير الانسان ويغوص في روحه باسلوب ترنيمي جميل وروح سمحة وعقل ناضح ليبني انسانا متكاملا طبقا للنظرية الالهية الحقة والفطرة الانسانية والابتعاد عن حالات النقد السلبي الهدام والسجالات العقيمة التي تشكك الناس بدينهم وتوجههم العقدي ومسيرتهم التكاملية نحو ربهم الواحد الاحد والدعوة الى استشعار المسؤولية في كل مناحي الحياة امام الخالق والابتعاد عن الخوض في الجزئيات والتركيز على الكليات ودعم المشتركات.. !

 لاسيما اننا نملك تراثا حضاريا وثقافيا كبيرا جسدته شخصيات عظيمة وكبيرة بذلت الانفس وقدمت كنزا كبيرا من العطاء للبشرية جمعاء فكانت مثالا يحتذى به ونبراسا قيما يقتدى به..!

 لم يحدثنا التاريخ في كل فصوله وسنينه ورجاله ورموزه عن شخصيات قدمت كل مالديها مثل ماقدمت الثلة المخلصة والقدوة الحسنة من أهل بيت النبوة للدين بشكل خاص وللانسانية بشكل عام مع كل ذلك نسب اليهم المتطرفون والمتشددون ومن بعض مثقفي العصر المسلمين وعلماؤهم انواع التهم والافتراءات..!

 يكفينا فخرا واعتزازا أننا ننتمي لذلك الصرح التاريخي التليد ومدرسة الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السَّلام المثل الاعلى للتضحية والفداء للانسانية جمعاء !الذي برّز الاسلام المحمدي الاصيل!

 يد البغي والاجرام الاموي لم تتركه يكمل مسيرته وحركته الاصلاحية في وسط الامة التائهة وهو حي فقتلته جسدا ولم تقتله روحا فانعكس نورا نيرا إخترق القلوب وسكنها مع اولاده واخوانه وابناء عمومته واصحابه الغر الميامين في تلك الصحراء بعد أن منعوهم عن شرب الماء لثلاثة أيام..!

 مشكلتنا اننا نغض الطرف عن وظيفتنا الاساسية ونبتعد عن الاهداف التي رسمها السبط الشهيد عليه صلوات ربي وننشغل بأمور جانبية ليس لها أي علاقة بالحسين وحركته الرائدة....! وقد تكون سببا للفرقة والخصام في وقت نحن بأمس الحاجة اليه للوحدة والوئام !

طارق الخزاعي

المصدر : اذاعة طهران العربية

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة