البث المباشر

التحرر من أسر الدنيا- القسم 2

الأحد 6 أكتوبر 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- معالي الاخلاق: الحلقة 160

بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم ايها الاطائب ورحمة منه وبركات، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج، فروح قلوبنا بطائفة أخرى من الأحاديث الشريفة التي ترغبنا في أحد معالي الاخلاق التي يحبها الله عزوجل لعباده الصالحين وهو خلق (التحرر من أسر الدنيا).
ومعنى هذا الخلق العزيز هو أن يكون الإنسان مالكاً وسيداً للدنيا لا أن يكون مملوكاً وعبداً لها، فيأخذ من نعمها ما يستعين به لعمله لإعمار حياته الأخروية الخالدة لا أن يكون أكبر همه طلب الدنيا وجمع ما لا بقاء له وما لا يستطيع حمله معه الى الآخرة فيكون مصيره الشقاء فيها، قال رسول الله –صلى الله عليه وآله- في المروي عنه في كتاب الكافي:
"ان في طلب الدنيا اضراراً بالآخرة بالدنيا فأضروا بالدنيا فانها احق بالأضرار"
ومراده –صلى الله عليه وآله- من الاضرار بالدنيا هو التحرر من أسرها وعدم الاغترار بمتعها بما يوقع الانسان في الغفلة عن العمل لاعمار دار البقاء.
ايها الاخوة والاخوات، والتحلي بهذا الخلق الكريم هو من علامات تنور القلب بالمعرفة الالهية والعلم بحقيقة الدنيا والى هذا المعنى يشير الحديث القدسي المروي في كتاب الكافي مسنداً عن إمامنا جعفر الصادق –صلوات الله عليه- وهو ينقل ما جاء في مناجاة موسى الكليم –عليه السلام- حيث قال له رب العزة تبارك وتعالى:
"يا موسى، ان الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته، وجعلتها ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما كان لي.
يا موسى ان عبادي الصالحين زهدوا في الدنيا بقدر علمهم وسائر الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم،
وما من أحد عظمها فقرت عينه فيها ولا يحقرها أحدٌ الا انتفع بها
".
ومن العبارة الأخيرة في هذا الحديث القدسي يتضح –مستمعينا الافاضل- أن التحلي بخلق (التحرر من أسر الدنيا) هو الطريق الوحيد للانتفاع بها وجعلها داراً للتزود بالاعمال الصالحة التي بها عمران الآخرة، وفي المقابل فإن الخضوع لأسرها والإغترار بها هو كالركض خلف سراب لا يغني الانسان شيئاً، قال مولانا الامام الصادق –عليه السلام-:
"من تعلق قلبه بالدنيا تعلق بثلاث خصال: همّ لا يغني، وأمل لا يدرك، ورجاءٌ لا ينال".
أيها الاكارم، وتهدينا الأحاديث الشريفة الى أن التحلي بهذا الخلق الكريم هو مفتاح الحصول على كل خير ومبدؤه تذوق حلاوة الإيمان، إذ أن التحرر من اسر الدنيا هو الكاشف عن الايمان بالله واليوم الأخر، روي في كتاب الكافي عن امامنا جعفر الصادق –عليه السلام- قال:
"جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا، ثم قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا... ثم قال –عليه السلام-: حرامٌ على قلوبكم ان تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا".
رزقنا الله واياكم احباءنا حلاوة الايمان ببركة التمسك بعروته الوثقى حبيبه المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين اللهم آمين... وبهذا ننهي لقاءنا بكم أيها الاكارم في حلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق ... شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة