البث المباشر

فاطمة عليها السلام في آية التطهير ـ۲

الإثنين 30 سبتمبر 2019 - 12:50 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 41

 

بسم الله الرحمن الرّحيم الحمدُ لله ربّ العالمين، وأفضلُ الصّلاة والسّلام على محمّدٍ المصطفى الصادق الأمين، وعلى آلهِ الميامين. إخوتنا المؤمنين السلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاته، حياكم اللهُ وأسعد أوقاتكم وأهلاً بكم في هذا الملتقى، حيث نواصل الحديث حول آية التطهير المباركة: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الأحزاب: ۳۳)، حيث بلغنا إلى هذا المصطلح القرآنيّ (أهل البيت) وقد أخذ سمةً دينيةً، ومؤشّراً خاصّاً إلى جماعةٍ معينة. فاذا كان تعبير أهل البيت يعني عند العرب سابقاً سكّان البيت، فإنّه قد تطوّر الى معني الموالين لصاحب البيت ولاءً صادقاً، والتابعين له في اعتقاده وهدفه، والمطيعين له في أوامره ونواهيه، ولذا لم يكن ابنُ نوحٍ من أهل بيت نوح عليه السلام: "قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ". إذن، فالاصطلاح القرآنيّ في آية التطهير (أهل البيت) هو اصطلاحٌ خاصٌّ بجماعةٍ معينة، كان اللهُ تبارك وتعالى قد حكمت إرادتُه القادرة الحكيمة بأن يذهبَ عنهم الرّجس ويطهّرهم تطهيراً.
والتطهيرُ هذا على هذا النحو من التأكيد مسبوقاً بالإرادة الإلهية الحاكمة، هو عصمةٌ تامّةٌ مطلقةٌ مؤكّدة، أجمع المفسّرون أنّها عنت: علياً وفاطمة والحسن والحسين صلواتُ الله وسلامه عليهم جميعاً، أو قيل: هُم أهلُ الكساء، كما روى ذلك العلماء والرواة والمحدّثون على اختلاف مذاهبهم، والأخبار في هذا الموضوع متواترة، متضافرة، متوافرة، من طرق السنّةِ والشيعة، حتى قال الحافظُ الحسكانيُّ الحنفيّ في كتابه (شواهد التنزيل): قد كثُرت الروايةُ فيه. وقال آخرون: أجمع المفسّرون عليه، وروى الجمهورُ ذلك. أجل أيها الإخوةُ الأكارم أجمعوا على عناية آية التطهير بأهل الكساء وهم: النبيُّ الأكرم، وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم أجمعين.
ونبقى أيها الإخوة الأعزّة، مع أهل البيت عليهم السلام حديثاً ومودةً وبياناً، فنجد تأكيد الأخبار والروايات على نزول آية التطهير في أهل الكساء أو أصحاب الكساء. قال السيد محمّد حسين الطباطبائي في تفسيره (الميزان): هي رواياتٌ جمّةٌ تزيدُ على سبعين حديثاً، يربو ما ورد منها من طُرق السنّة على ما وردَ من طرق الشيعة. وقد روى تلك الروايات أهلُ السنّة بطرقٍ كثيرةٍ عن: أمّ سلمة، وعائشة، وأبي سعيد الخُدريّ، وسعد وواثلة بن الأسقع، وابنِ عبّاس، وعبدالله بن جعفر، وعليّ بن أبي طلبٍ والحسن بن عليّ. في ما يقرُبُ من أربعين طريقاً.
أجل إخوتنا الأفاضل بل ألّف في طرق آية التطهير كتبٌ أسهبت في عرض الأسانيد والنصوص المباركة حول حديث الكساء، بلغت مئاتِ الصفحات. وعلى سبيل المثال: أخرج البخاريُّ ومسلم في صحيحيهما من مسند عائشة، عن مصعب بن شيبة أنّ عائشة قالت: خرج النبيُّ ذات غداةٍ وعليه مرطٌ مرحّلٌ من شعرٍ أسود، فجاء الحسنُ بن عليٍّ فأدخله، ثمّ جاء الحسينُ فأدخلَهَ معه، ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثمّ جاء عليٌّ فأدخله، ثمّ قرأ: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً". وكأنّ الواقعة هذه قد تكرّرت في أكثر من مكان، وإن اشتهرت أخبارها أكثر عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضوان الله تعالى عليها. قال الشيخ المفيد في (الفصول المختارة): قد نقل الموافق والمخالف أنّ آية التطهير نزلت في بيت أمّ سلمة ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله في البيت، ومعه عليٌّ وفاطمةُ والحسنُ والحسين عليهم السلام وقد جلّلهم بعباءةٍ خيبريةٍ وقال: "اللّهمّ هؤلاءِ أهلُ بيتي"، فأنزل اللهُ عزّوجلّ عليه: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً". فتلاها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله، فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، ألستُ من أهل بيتك؟! قال لها: إنّك الى خير. قال الشيخ المفيد: ولم يقل لها: إنّك من أهل بيتي، حتّى روى أصحاب الحديث أنّ عمر سئل عن هذه الآية فقال: سلوا عنها عائشة، فقالت عائشة: إنّها نزلت في بيت أختي أمّ سلمة، فسلوها عنها فإنّها أعلمُ بها منّي.
وفي ذكر أهل البيت أيها الإخوة الأحبّة كتب الإربليُّ في (كشف الغمّة في معرفة الأئمّة): وأمّا الأهل: فأهلُ الله، وأهلُ القرآن، وأهلُ البيت: النبيُّ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين على ما فسّرت أمّ سلمة، وذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله بينما هو ذات يومٍ جالساً إذ أتته فاطمةُ عليها السلام ببرمةٍ فيها عصيدة، فقال: "أين عليٌّ وابناه؟" قالت: في البيت، قال: "إدعيهم لي". قالت: فأقبل عليٌّ والحسن والحسين بين يديه، وفاطمةُ أمامه، فلمّا بصُربهمُ النبيُّ صلّى الله عليه وآله تناول كساءً خيبرياً فجلّلَ به نفسه وعلياً والحسنَ والحسين وفاطمة ثمّ قال: "اللهمّ إنّ هؤلاء أهلُ بيتي أحبُّ الخلق اليّ، فأذهب عنهُم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً"، فأنزل اللهُ تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً". وتطبيقاً وتعييناً من هُم أهلُ ذلك البيت القدسيّ الذي أذهب الله عنهم كلَّ رجسٍ وطهّرهم تطهيراً، وردت عشراتُ الروايات على مضمونٍ واحدٍ وإن اختلفت المدّة التي شهدها الرواي، منها عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: لمّا نزلت الآية: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا" (طه: ۱۳۲) كان رسولُ الله صلّى الله عليه وآله يأتي باب فاطمة وعليٍّ تسعةَ أشهرٍ وقتَ كلِّ صلاةَ فيقول الصلاة يرحمُكُم الله، "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة