البث المباشر

السيد ابن طاووس ورفض الاباحة في حياة السالك

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 10:02 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من عرفاء مدرسة الثقلين: الحلقة 3

الحمد لله بهجة العارفين واجر السالكين والصلاة والسلام علي صفوته المقربين محمد وآله الطاهرين السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله واهلاً بكم في اخرى من حلقات هذا البرنامج نخصصها لوقف في رحاب العارف الفقيه والسالك الشهيد زين العابدين بن علي العاملي الملقب بالشهيد الثاني (رضوان الله عليه):
اشتهر الشهيد الثاني بانه من اعلام فقهاء الامامية ليس في قرنه وهو القرن الهجري العاشر بل وفي عموم تاريخ الفقه الامامي ولا زالت كتبه الفقهية كالمسالك وشرح اللمعة وغيرها من المصادر الاساسية للبحث الفقهي في الحوزات العلمية ولكننا نسعي في هذه الحلقة من البرنامج والتي تليها الي التعرف علي البعد العرفاني والسلوكي الاصيل في شخصية هذا العارف الرباني مقدمين لذلك باشارةٍ مختصره الي ترجمته؛ فنقول:
الشهيد الثاني هو مجدد الاسلام في قرنه العاشر وزين علمائه زين الدين بن علي بن احمد الجبعي العاملي نسبة الي جبل عامل في لبنان ولد رضوان الله سنة ۹۱۱ للهجرة واستشهد سنة ۹٦٦ للهجرة علي ايدي النواصب بعد عمرٍ قصير بلغ فيه رضوان الله عليه مراتب سامية في العلم النافع والعمل الصالح والكمالات المعنوية زهداً وتقوي وتعبداً واجتهاداً وجهاداً في سبيل الله حتي لقيه مخضباً بدم الشهادة.
يمكننا ان نتعرف علي مجموعة قيمة من معالم منهج الشهيد الثاني في السير والسلوك الي الله من خلال مؤلفاته وكذلك سيرته العلمية، فعندما نراجع مؤلفاته نري انه وضع نصب عينيه التصنيف في موضوعات. تمس الحاجة العلمية اليها للتقرب الي الله جل جلاله، هذا اولاً وثانياً التصنيف فيما لم يسبقه احد الي الكتابة فيه.
وهذه الملاحظة واضحة في نظائر كتبه التالية: اسرار الصلاة؛ منية المريد في آداب المفيد والمستفيد اي في آداب التعليم والتعلم، ورسائله في حقائقه الايمان واحكام الغيبة وكذلك كتابه الوعظي المؤثر: مسكن الفؤاد عند فقد الاحبة والاولاد الذي صنفه بسبب ما مُني به من وفاة اولاده في صغرهم.
وهذه الملاحظة تدلنا علي ان هاجس التقرب الي الله عزوجل ينبغي ان يكون حاكماً علي جميع نشاطات السالك حتي العلمية والكسبية، فهو في نشاطه العلمي مثلاً يختار من البحوث العلمية ما تمس اليه الحاجة في طريق سلوكه مؤكداً علي العلمي منها مجتنباً الترف العلمي والسالك حتي في نشاطه الكسبي مثلاً يختار من الاعمال ما فيه ايصال النفع للاخرين وخدمتهم لان في ذلك رضا خالقه عزوجل فيكون بذلك حتي عمله التجاري عبادة تقربه من هدفه الاسمي.

 

نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج من عرفاء مدرسة الثقلين بالتطرق الي احدي الموضوعات المهمة فيما يرتبط بالسير والسلوك الي الله عزوجل عرضها زميلنا علي خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند في الاتصال الهاتفي التالي، نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احبائنا اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة من فقرات البرنامج، جعلنا الله واياكم من المحبين للصالحين والسعي لاقتفاء آثارهم والاقتداء بهم، معنا مشكوراً في هذه الحلقة ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ كثير من الاحاديث الشريفة تؤكد على المحاسبة وان يحاسب الانسان نفسه، سؤالنا في هذه الحلقة عن هذه المحاسبة المطلوبة وعن آثارها في التقرب الى الله تبارك وتعالى؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية ورد حديث عن الامام الكاظم عليه السلام "ليس من شيعتنا من لم يحاسب نفسه في كل يوم"، فان عمل حسن استزاد الله عز وجل وان عمل سيئاً استغفر الله عز وجل، وبالتالي لابد للانسان المؤمن ان يحاسب نفسه، فالشركات الان اذا لا يوجد فيها متابعة ودقة وجرد شهري او يومي او سنوي ربما تتعرض الى خسارة فادحة، هكذا الانسان المؤمن في حياته لابد ان يحاسب نفسه في كل يوم لكي لا يتعرض الى الخسارة الكبيرة، هناك بعض الصلحاء الاولياء يجعل في جيبه ورقة وقلم او دفتر يسجل بعض الاشياء التي قام بها حتى بعض الغفلات التي يتعرض لها في حياته في يومه، وفي الليل وهو على الفراش يحاسب نفسه لماذا انا صنعت كذا يستغفر ربه، ومن لطف الله عز وجل جعل هناك للانسان المؤمن مجال يعني لكل انسان، ملك الشمال لا يكتب هذه السيئة بل يمهله سبع ساعات لعله يتذكر لعله يصلي لعله يستغفر الله، وهذه من رحمة الله عز وجل.
فاذن المحاسبة لها دور مهم في تربية الانسان وتخليصه من الغفلة لان المعاصي التي يتعرض لها الانسان في الحياة كلها بسبب الغفلة عن الله عز وجل، فدور المحاسبة تقيض عند الانسان حالة من الحذر والمتابعة والمراقبة حتى بالالفاض حتى بالاعمال حتى حينما يتعرض الى حالات ربما يسقط ربما يعثر يرى هذه تجعل له نوع من المحاسبة لماذا انا قمت بهذا لماذا تعرضت الى هذا العمل، المؤمن دائماً يحاسب نفسه، كان بعض علمائنا يتخذ بعض الاساليب في المحاسبة والمراقبة ربما كان عند الصباح ينزل في قبر يحفره في داره ويقول ربي ارجعني لعلِ اعمل صالحاً فيما تركت، ويقول لنفسه يا فلان ارجعك ربك الان الى الحياة واعمل، هذه كلها لها دور مهم في تقويم سلوك الانسان، ومن هنا ورد عن الامام الصادق عليه السلام "حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا، وزنوها قبل ان توزنوا"، فان في عرصات القيامة هناك موقف وهناك يوم هذا اليوم يطول كما اشار القرآن ما مضمون الآية خمسون الف سنة مما تعدون، وبالتالي الانسان بهذا السلوك وبهذه المحاسبة ممكن ان يتزود بلقاء الله ويستعد الى ذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم، اعانا الله واياكم وجميع المؤمنين على هذا اليوم وعلى لقاء الله والاستعداد له.
المحاور: اللهم امين سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لاحبائنا وهم يتفضلون بمتابعة باقي فقرات هذه الحلقة من البرنامج.

 

لازلنا معكم اعزاءنا المستمعين وهذه الحلقة من برنامج من عرفاء مدرسة الثقلين، تستمعون اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، وحديثنا في هذه الحلقة عن العارف الجليل زين الدين العاملي المعروف بلقب الشهيد الثاني (رضوان الله عليه) وننقلكم الآن احباءنا الي صورة مجملة عن سيرته العلميه، رسمها تلميذه الجليل الشيخ ابن العودي في رسالة خاصة الفها في احوالها : وقال في جانب منها في وصف حياة استاذه:
كان رحمة الله قد ضبط اوقاته ووزع اعماله عليها ولم يصرف لحظة من عمره الا في اكتساب فضيلة ووزع اوقاته علي ما يعود نفعه عليه في اليوم والليلة، هذا مع غابة اجتهاده في التوجه الي مولاه وقيامه باوراد العباده حتي تكل قدماه وهو مع ذلك قائمٌ بالنظر في احوال معيشته علي احسن نظام وقضاء حوائج المحتاجين باتم قيام، يلقي الاضياف بوجه مسفر وكان مع علو رتبته علي غاية من التواضع ولين الجانب ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطلب، اذا اجتمع بالاصحاب عد نفسه كواحدٍ منهم ولم تمل نفسه بشيء الي التميز عنهم.
بعض مختصرات المواعظ السلوكية للشهيد الثاني نختارها من رسالته القيمة ( الدنيا مزرعة الآخرة )، قال (رضوان الله عليه):
النفس المستغرقة بحب الدنيا كالارض السنجة التي لا تقبل الانبات.
• الصلاة في اول الوقت بمنزلة الزرع في اول وقت المطر.
• الفرائض راس المال والنوافل الربح وبه الفوز بالدرجات.
• اجتهد ان لا يراك مولاك حيث نهاك ولا يفقدك حيث امرك فذلك هو التقوي.
• ليكن اول ما يجري علي قلبك ولسانك ذكر الله تعالي.

مستمعينا الاكارم ولنا وقفة اخري في رحاب العارف الامامي الجليل زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني، فكونوا معنا في الحلقة المقبلة من البرنامج الي حينها نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة