البث المباشر

آية علي(ع) وشيعته خير البرية

السبت 28 سبتمبر 2019 - 11:12 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 47

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وأسمى الصلوات على محمّد المصطفى حبيب الله، وعلى آله آل الله. السلام عليكم إخوتنا وأعزتنا المؤمنين ورحمة الله وبركاته، نقرأ في كتاب الله العزيز قوله تبارك وتعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ"(سورة البينة الآية ۷)، فمن يا ترى خير البرية، إذا أصبح هذا التعبير لقباً قرآنياً كان وراءه سببٌ لنزول هذه الآية المباركة، وهي السابعة من سورة البينة؟، في (النور المشتعل) يروي الحافظ أبونعيم بسندٍ يصل الى الصحابيّ المعروف ابن عبّاس ليقول: لمّا نزلت هذه الآية: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ"، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (هم أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوّك غضاباً مقمحين). كتب اهل التحقيق أن هذه الرواية رواها ابن عساكر الدمشقيُّ الشافعيُّ في (تاريخ دمشق)، والطبرانيّ في معجَمَيهِ: الأوسط والكبير، وفيهما قول النّبيّ لعلي صلى الله عليهما وآلهما: (أنت وشيعتك تردون عليّ الحوض رواءً مرويّين، مُبيضّةً وجوهكم، وإن عدوّك يردون عليّ ظماءً مقمحين) .وفي رواية (شواهد التنزيل) عن ابن عباس كما يروي الحسكانيُّ الحنفيّ أنّ علياً عليه السلام سأل: يا رسول الله، وممّن عدوّي؟ فأجابه النّبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من تبرّأ منك ولعنك. ثم قال: رحم الله علياً ويرحمه الله). فيما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام نفسه قوله: (حدّثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مسنده الى صدري، فقال: يا علي، أما تسمع قول الله عزّ وجلّ: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" هم انت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض اذا اجتمعت الأُمَمُ للحساب، تُدعون غرّاً محَجَّلين. ومثل هذه الرواية أو قريباً منها يروي السّيوطيُّ الشافعيُ في كتابه (جمع الجوامع) وابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث)، والخوارزميّ الحنفيُّ في مؤلفه (المناقب) والعبارة عنده قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب).
ومن خلال استقراء الروايات الشريفة أيّها الإخوة الأحبّة، تتجلّى لنا أمورٌ عديدة، أهمّها: أنّ الآية نازلةٌ في أمير المؤمنين علي عليه السلام، على ذلك ورد الإجماع والتواتر والتسالم، حتّى روى الحافظ أبو نعيم في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) بسندٍ عن أبي إسحاق، عن الحارث أنه روى قائلاً: قال لي علي: (نحن اهل بيتٍ لا نُقاس بالنّاس، فقام رجلٌ فأتى ابن عباس، فذكر ما سمعه من علي، فقال ابن عباس: صدق علي، أو ليس كان النّبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقاس بالنّاس؟! أي بما أنّ علياً هو نفس النّبي، كما في آية المباهلة، فهو سلام الله عليه أيضاً لا يقاس بالناس. ثمّ قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في علي: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ". والأمر الثاني أيها الإخوة والاكارم، هو أن مصطلح (خير البريّة) قد اشتهر بين المسلمين من هو! حتّى روى عن جابر الأنصاري في حديث له رواه: الحسكانيّ في (شواهد التنزيل)، والسيوطيُّ في (الدّر المنثور)، والگنجيُّ الشافعيُ في (كفاية الطالب) وابن ُ عساكر في (تاريخ دمشق) أنّه رضي الله عنه قال: كنّا جلوساً عند رسول الله إذ أقبل علي بن أبي طالب، فلمّا نظر اليه النّبي قال: (قد أتاكم أخي، ثمّ التفت الى الكعبة فقال: وربّ هذه البيّنة، إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثمّ أقبل علينا بوجهه فقال: أما والله إنّه أوّلكم إيماناً بالله، وأوفاكم بعهد الله، وأقضاكم بحكم الله، وأقسمكم بالسَّويَّة، وأعدلكم في الرعيّة، وأعظمكم عند الله مزيّة). قال جابر: فأنزل الله: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ"، فكان علي، والحديث ما يزال لجابر إذ أقبل قال أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله: قد أتاكم خير البريّة بعد رسول الله. ويتأكّد ذلك ما روى عن معاذ بن جبل في الآية الشريفة قوله في خير البريّة: هو علي بن أبي طالب، ما يختلف فيها أحد. والأمر الثالث إخوتنا الأعزّة الأفاضل، هو أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد أشار الى علي عليه السلام صريحاً في بيانه لآية خير البريّة مرّات عديدة، في مواقع متعدّدة، ليتأكد هذا المعنى ويشيع ويثبت لدى المسلمين على مدى الأجيال، حتّى يصبح حجّةً لازمةً تستوجب الاعتقاد بأنّ علياً صلوات الله عليه هو الأفضل، والأكمل، والأسمى والأوّل، في جميع الفضائل، حتّى عرّفه الباري جلّ شأنه بأنه خير البريّة. وهذا ما روته طائفة واسعة من كتب المسلمين: جامع البيان للطبريّ، ونور الأبصار للشبلنجيّ الشافعيّ، وتفسير الحِبَريّ، والصواعق المحرقة لابن حجر، ونظم دُرر السمطَين للزّرنديِّ الحنفيّ، وفرائد السمطين للجوينيِّ الشافعيّ، وعشرات المصادر عن عشرات الطّرق الموثّقة، حتّى كتب السيّد ابنُ طاووس في (سَعد السعود) يقول: رأيت في تفسير محمّد بن عبّاس بن مروان في تفسير قوله تعالى: "أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ"، أنها نزلت في أمير المؤمنين علي عليه السلام وشيعته، رواه من نحو ستّةٍ وعشرين طريقاً، أكثرها برجال العامّة.
وأخيراً نقرأ في الاحاديث الشريفة، ترويها كتب علماء السنّة، بل مشاهيرهم، أنّ النّبي صلى الله عليه وآله قال: (من لم يقل: علي خير الناس، فقد كفر)، وأنه قال في علي لمّا سئل عنه: (ذاك خير البشر، لا يشكّ فيه إلا كافر)، وفي رواية أخرى: (ذاك خير البريّة، لا يبغضه إلا كافر)، وتواتر الخبر عن عائشة وكذا عن حذيفة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (علي خير البشر، من أبى فقد كفر)! روى هذا وأمثاله وما سبق: البغداديُّ في (تاريخ بغداد)، وابنُ حجر في (تهذيب التهذيب)، والطبريُّ في تفسيره (جامع البيان)، والمحبّ الطبريّ في (ذخائر العقبى)، وكذا (الرياض النضرة)، والمناويُّ في (كنوز الحقائق)، وغيرهم وكلّهم من أعلام السنّة، رَوَوا ذلك مؤكّدين تفسير الآية المباركة (آيةُ خير البريّة) أنها نازلة في الإمام علي عليه السلام، لكنّهم أعرضوا عن مدلولها ومقتضياتها، وموجباتها، كما صرّح العلامة الحلّي في (منهاج الكرامة) بقوله: إذا كان علي عليه السلام خير البريّة، وجب أن يكون هو الإمام.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة