البث المباشر

وصف القرآن للامام علي(ع) بانه صالح المؤمنين

السبت 28 سبتمبر 2019 - 11:05 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 45

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ذي الجلال والإكرام، وأزكى الصّلاة والسلام، على نبيّ الهدى والسّلام، وعلى آله الهداة الكرام. إخوتنا وأعزّتنا المؤمنين الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في لقائنا الطيّب هذا معكم، وآيةٍ شريفةٍ أخرى من القرآن الكريم، تعرّفنا هي الأخرى على منقبةٍ وفضيلةٍ أخرى للإمام علي أمير المؤمنين، عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي قوله تبارك شأنه في الآية الرابعة من سورة التحريم: "إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ"، كتب السيّد محمّد حسين الطباطبائيّ رحمه الله في ظلّ هذه الآية المباركة قائلاً في معناها: أي، إن تتوبا إلى الله فقد تحقّق منكما سابقاً، ما يستوجب عليكما التوبة، وإن تظاهرا، أي تتظاهرا وتتعاونا عليه صلى الله عليه وآله فإنّ الله مولاه، دلالةً على أنّ لله سبحانه عنايةً خاصّةً بنبيّه صلى الله عليه وآله ينصره ويتولّى أمره من غير واسطةٍ من خلقه، وجبريل، وصالح المؤمنين، وهو من وردت الرواية فيه من طرق أهل السنّة وطرق الشيعة أنّ المراد به هو عليّ عليه أفضل الصلاة السلام. ومن طرق علماء السنّة أيّها الإخوة الأعزّة، على سبيل المثال، ما رواه الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ في كتابه (ما نزل من القرآن في عليّ) بسندٍ طويلٍ في آخره: عن أمّ جعفر بنت عبدالله بن جعفر، عن جدّتها أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمّ يقرأ هذه الآية: "وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ" ، ثمّ قال: (صالح المؤمنين عليّ بن أبي طالب)، رواه الحبريُّ في تفسيره، والنّطنزيُّ في (الخصائص)، والجوينيُّ الشافعيّ في (فرائد السمطين)، والحسكانيّ الحنفيُّ في (شواهد التنزيل) عن أسماء بنت عميس وجماعةٍ من الصحابة، والسيوطيّ الشافعيّ في (الدرّ المنثور) عن أسماء وابن عبّاس، والمتّقي الهنديّ في (كنز العمّال)، والثعلبيُّ في (الكشف والبيان)، وابن حجر العسقلانيُّ في (فتح الباري) عن مجاهد، أنّ صالح المؤمنين عليُّ بن أبي طالب، ثمّ قال: وذكر النقّاش عن ابن عبّاس ومحمّد بن عليّ الباقر وابنه جعفر بن محمّد الصادق، أنّ صالح المؤمنين عليُّ بن أبي طالب.
ونبقى أيّها الإخوة الأكارم، مع الرواية المفسّرة، والخبر المفسّر للآية الشريفة، فنجد ابن عساكر الشافعيّ في تاريخه الشهير (تاريخ مدينة دمشق) يروي في ضمن ترجمته لأمير المؤمنين عليه السلام، بسندين عن ابن عبّاس وحذيفة بن اليمان قولهما: (وصالح المؤمنين) هو عليُّ بن أبي طالب. فيما يروي ابن المغازليّ الشافعي في (مناقب عليّ بن أبي طالب) بسند طويل منته الى مجاهد حيث يقول: صالح المؤمنين علي بن ابي طالب. كذا يروي ذلك عن مجاهد: الطبريّ في (جامع البيان في تفسير القرآن)، والطبرانيُّ في معجمه. هكذاً، روايةً عن رسول الله صلى الله عليه وآله بالنصّ، أو تفسيراً بالمعنى، أو رأياً اشتهر عند الصحابة الأوائل مسلماً لا ريب فيه.
أماّ ما هو الأمر في سبب الآية ومناسبتها!، فتلك قصّةٌ دوّنت في التفاسير، واشتهرت وتسالم عليها المفسّرون، أماّ في صالح المؤمنين، أنّه عليٌّ أمير المؤمنين، فقد أورد محمّد بن العبّاس سبعين حديثاً: من طرق الخاصّة والعامّة في ذلك، منها بسندٍ ينتهي إلى عون بن عبد الله بن رافع حيث قال: لمّا كان اليوم الذي توفّي فيه رسول الله صلى الله عليه وآله غشي عليه ثمّ أفاق، وأنا أبكي وأقبّل يديه وأقول: من لي ولولدي بعدك يا رسول الله؟! فقال صلى الله عليه وآله: (لك الله بعدي، ووصيي صالح المؤمنين عليُّ بن أبي طالب).
وقريباً ممّا ذكرنا أيّها الإخوة الأحبة ،روى الگنجيُّ الشافعيُّ في (كفاية الطالب) والقندوزيُّ الحنفيُّ في (ينابيع المودّة)، وابن حجر في (الصواعق المحرقة)، وأبو حيّان في (البحر المحيط)، وابن كثير في (تفسير القرآن العظيم)، وسبط ابن الجوزيّ الحنبليُّ في (تذكرة خواصّ الأمّة)، وغيرهم متفقين على أنّ المراد بصالح المؤمنين هو عليٌّ سلام الله عليه، هو المولى والناصر لرسول الله، أو كما قال البياضيّ في (الصراط المستقيم): يراد بصالح المؤمنين: الأصلح، وإذا كان عليٌّ هو الأصلح، فتقديمه هو الأنجح، لأنه الأرجح، فالقول بإمامته هو الأربح. أماّ الشيخ المجلسيّ فقد كتب في (بحار الأنوار): إذا علمت بنقل الخاصّ والعامّ من خلال الطرق المتعدّدة، أنّ صالح المؤمنين في الآية هو أمير المؤمنين عليه السلام، وبإجماع الشيعة على ذلك كما ادّعاه السيّد المرتضى، فقد ثبت فضله بوجهين: الأوّل، أنّه ليس يجوز أن يخبر الله أنّ ناصر رسول الله (ص)، إذا وقع التظاهر عليه بعد ذكر نفسه وذكر جبرئيل إلاّ من كان أقوى الخلق نصرةً لنبيّه، وأمنعهم جانباً في الدفاع عنه. والثاني، أنّ قوله تعالى: "وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ" يدلّ على أنّه أصلح من جميعهم، بدلالة العرف والاستعمال. فيما قال الشيخ المظفّر في (دلائل الصّدق): فإذا عرفت أنّ المراد بصالح المؤمنين هو أوحدهم، وأنه عليٌّ عليه السلام، عرفت أنّه الأحقّ بالإمامة، لأنّ الإمامة منزلة دينيةٌ لا يليق لها إلاّ الأصلح الأقوى في النّصرة.
وأخيراً، كان للعلاّمة الحليّ في كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) كلمته المستدلّة في ظلّ البرهان الأربعين، حيث قال: لقد أجمع المفسّرون، وروى الجمهور، على أنّ صالح المؤمنين هو عليٌّ عليه السلام، واختصاصه عليه السلام بذلك يدلُّ على أفضليّته، فيكون هو الإمام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة