البث المباشر

آية السؤال عن ولاية علي(ع)

السبت 28 سبتمبر 2019 - 10:49 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 39

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الملك الوهّاب، وأسمى صلواته على حبيبه المصطفى وآله الأطياب. السلام عليكم أعزتنا المؤمنين ورحمة الله وبركاته، في كتاب الله تبارك وتعالى آيةٌ تستوقفنا اليوم قبل غد، وفي الدنيا قبل الآخرة، وفي الحياة قبل الممات، تلك هي قوله تبارك آسمه: " وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" (سورة الصافات۲٤) وهي الآية الرابعة والعشرون من السورة الشزيفة سورة الصّافآت، جاءت في سياقٍ رهيب، حيث قال جلّ وعلا: "فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ{۱۹} وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ{۲۰} هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ{۲۱} احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ{۲۲} مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ{۲۳} وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ{۲٤}"، أجل هم مسئولون، ونحن كذلك مسئولون، والجميع يومئذٍ مسئولون، ولكن عمّاذا مسئولون؟
يكتب بعض أهل البيان أنّ الآية الشريفة: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" تمثل هوية يوم الفصل، والمعالم الرئيسية له، ففيه تفترق النتائج وتتحدّد المصائر، طبعاً وفق ما كان عمل العامل وأجاب المسؤول، فالامتحان عسير، والموقف في عرصات القيامة خطير، والناس قد خرجوا من الأجداث كالجراد المنتشر، واجتمع الخلق وهم سكارى من الفزع. وقد فرّ كلّ امرئٍ من أخيه وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، فكلٌّ في ذهولٍ وحيرةٍ واستيحاش، ولا يدري إلى أين سيؤول الأمر! وإذا بالإنسان يوقف ليسأل ويستجوب، فذلكم أمر الله الواحد القهّار: (قفوهم) أي: احبسوهم، لماذا؟! لأنهم مسئولون، قيل: وذلك إنّما يكون في صراط الجحيم. فلابدَّ أن يكون السؤال عن أمرٍ عظيم، ينسجم مع عظمة ذلك الموقف والإيقاف في ذلك اليوم العسير الخطير، وينسجم أيضاً مع ما كان يريده الله سبحانه وتعالى من عباده عل وجد الاهتمام والتأكيد!. يروي الحافظ أبو نعيم الأصفهانيّ، وهو من علماء السنة المعروفين في كتابه (النور المشتعل) بسندٍ ينتهي إلى الشعبي ان ابن عبّاس قال في قوله عزّوجلّ: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ": مسئولون عن ولاية عليّ بن أبي طالب. رواه في معناه عن مجاهدٍ سبط ابن الجوزيّ في أوائل الباب الثاني من كتابه (تذكرة خواص الأمّة)، وأورده ابن حجرٍ الهيثميُّ في (الصواعق المحرقة) تحت عنوان الآية الرابعة ممّا نزل في عليّ، قال بعد ذكر الآية المباركة: أخرج الدّيلميّ عن أبي سعيد الخدريّ، أنّ النبيّ صلّى عليه وآله وسلّم، أم أضاعوها، وأهملوها، فتكون المطالبة والتّبعة؟!
ونبقى إخوتنا الأعزة الأفاضل مع الرواية، وهي تحوم حول معنى عظيمٍ للآية، بل وعن أمرٍخطيرٍ للغاية! فغداً حساب، يا له من حساب، وسؤال، يا له من سؤال، يسبقها أمرٌ إلهيٌ رهيب: (قفوهم) فيذهل المرء هناك بين فزعين: فزعٍ من هيبة السائل وعظم السؤال، وفزعٍ من المصير إذا لم يكن جوابٌ مناسبٌ لذلك السؤال!
في ترجمة (عليّ بن حاتم) يروي الذهبيُّ في مؤلّفه (ميزان العتدال)، وكذا ابن حجر في كتابه (لسان الميزان) أنّ مجاهد بن جبر قال في قوله تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" أي عن ولاية عليّ. رواه أيضاً: الخوارزميُّّ الحنفيّ، وهو كذلك من علماء السنّة، في (المناقب) نقلاً عن ابن مردويه، وعن ابن إسحاق في ظلّ الآية الكريمة قال: يعني مسئولون عن ولاية عليّ بن أبيطالب أنه لا يجوز احدٌ الصراط إلاّ وبيده براءةٌ بولاية عليّ بن أبي طالب. وعن ابن عبّاس روى الحبريّ في تفسيره قوله: مسؤولون عن ولاية عليّ عليه السلام. فيما أخرج الحاكم الحسكانيّ وهو حنفيّ المذهب، في كتابه المعروف (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في قوله تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" أنه قال: عن ولاية عليّ بن أبي طالب. ويورد ذلك أيضاً: الماورديُّ في تفسيره (النّكت والعيون) قال: وقفوهم إنهم مسؤولون عن ولاية عليّ. وعين ذلك رواه سلطان العلماء الدمشقيّ الشافعيّ في كتابه (تفسير القرآن)، فيما روى الحسكانيُّّ الحنفيّ عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (إذا كان يوم القيامة، أقف أنا وعليٌ على الصراط فما يمرّ بنا أحدٌ إلاّ سألناه عن ولاية عليّ فمن كانت معه، وإلّا ألقيناه في النار، وذلك قوله تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ". وفي روايةٍ للعالم الشافعيّ، الجوينيّ الحموينيّ أوردها كتابه (فرائد السمطين) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال في ظلّ الآية المباركة: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ": يسألون عن الإقرار بولاية عليّ بن أبي طالب. أخرجه أيضاً: الواحديُّ في (أسباب النزول)، وشهاب الدين الشافعيّ في (رشفة الصادي)، وابن الصبّاغ المالكيّ في (الفصول المهمّة)، وغيرهم. فيما كتب في كتاب (شرف المصطفى): بلغنا عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال: إنّ الله فرض فرائض فوضعها في حال، وخفّف في حال، وفرض ولايتنا أهل البيت فلم يضعها في حالٍ من الأحوال، أي فرضها فرضاً عينياً لا تسامح فيه، لأن ولاية أهل البيت عليه السلام يسأل عنها يوم القيامة، فلا تكون إلاّ واجبةً قائمةً مقام النبوّة، وإلاّ لما سئل عنها ولم يتسامح فيها! وقد استدلّ العلامة الحلّي في كتابه (منهاج الكرامة في معرفة الإمامة) بقوله تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ" لإثبات إمامة عليٍّ أمير المؤمنين، قائلاً: وإذا سئلوا عن الولاية، وجب أن تكون ثابتةً له، ولم يثبت لغيره من الصحابة ذلك، فيكون هو الإمام. أجل، وغداً سؤال، يطالب بالجواب!.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة