البث المباشر

علي (ع) في الآية (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)

السبت 28 سبتمبر 2019 - 09:37 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 33

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الغنيّ الوهّاب، وأشرف الصلاة وأسمى السلام على النبيّ المصطفى وآله الاطياب. إخوتنا وأعزتنا المؤمنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في كتاب الله العزيز آيتان، كلتاهما يمكن أن تسمّى بـ (آية الشاهد)، وكم تحيّر التالون للقرآن الكريم، من هذا الشاهد الذي قرنه الله جلّ وعلا برسوله محمد صلى الله عليه وآله؟، فقال عز من قائل في سورة هود: "أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" (سورة هود الاية ۱۷)، وقال تبارك وتعالى في آخر سورة الرعد: "وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " (الآية ٤۳)، ولابدّ أن يكون الشاهد ايها الإخوة الأحبّة، شخصاً شريفاً، يستحق أن يقرن برسول الله صلى الله عليه وآله في حياته، ويتلوه بعد مماته.
كتب السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره (الميزان): الظاهر أن المراد بهذا الشاهد بعض من أيقن بحقيقة القرآن، وكان على بصيرة الهية من أمره، فآمن به عن بصيرته، وشهد بأنه حق منزل من عند الله تبارك وتعالى، كما يشهد بالتوحيد والرسالة، فإن شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن الإنسان مرية الاستيحاش وريب التفرّد، وعلى هذا فقوله (يتلوه) من التلو، أي الاتباع والتأييد. اما بخصوص شأن النزول، فقد ورد الكثير من الروايات في كتب الفريقين، منها، (النور المشتعل) للحافظ أبي نعيم، حيث روى عن الإمام علي عليه السلام قوله: (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بينة من ربه، وأنا الشاهد منه). كذا رواه عنه السيوطيّ الشافعيّ في (جمع الجوامع)، والمتقي الهندي في (كنز العمال)، والفخر الرازيّ في (التفسير الكبير)، والطبريّ في (جامع البيان)، وفيه عن عبد الله بن نجيّ: قال عليّ رضي الله عنه: ما من رجل من قريش الا وقد نزلت فيه الآية والآيتان. فسأله رجل: فأنت أي شيء نزل فيك؟
فقال علي: أما تقرأ الآية التي نزلت في هود: (ويتلوه شاهدٌ منه)؟!، كذلك روى الخبر ابن عساكر الدمشقيّ الشافعيّ في (تاريخ مدينة دمشق)، والكنجيّ الشافعيّ في (كفاية الطالب)، والثعلبيّ في تفسيره (الكشف والبيان)، وفيه، عن ابن عباس في قوله تعالى:"أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ" قال: هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" قال: هو عليّ خاصة. وروى ذلك أيضاً الحمويّ الجوينيّ الشافعيّ في مؤلفه القيم (فرائد السمطين) وابن المغازلي الشافعي في (مناقب عليّ بن أبي طالب)، وفيه عن عباد بن عبد الله قال: سمعت عليّاً يقول: (ما نزلت آية في كتاب الله جل وعز، إلا وقد علمت متى نزلت، وفيم نزلت. وما من قريش رجلٌ إلا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله، تسوقه إلى جنة أو نار!)، فقام إليه رجلٌ فقال: يا امير المؤمنين ما نزل فيك؟ فقال له: (لولا انك سألتني على رؤوس الملأ ما حدثتك، اما تقرأ: " أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" ؟! رسول الله على بينة من ربه، وأنا الشاهد منه أتلوه وأتبعه. وقريباً منه ما رواه الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل)، وسبط ابن الجوزيّ في (تذكرة خواصّ الأمّة)، والحافظ ابو نعيم الاصفهانيّ في (حلية الأولياء)، والواحديّ في (أسباب النزول)، والقرطبيّ والماورديّ وأبو حيان في تفاسيرهم والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودّة)، وابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة)، والخوارزمي الحنفيّ في (المناقب)، وقال النيسابوريّ في (تفسير غرائب القرآن): الشاهد منه: هو بعض محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يعني عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال سبط ابن الجوزي الحنبلي الحنفيّ في (تذكرة الخواصّ): "وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ" هو من كان أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأمّا قوله تعالى أيّها الإخوة الأكارم: "قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" ، (سورة الرعد: ٤۳)، فإن هذه الآية كسابقتها في أمور عدّة، منها اشتراكهما في التسمية بـ (آية الشاهد)، وفي وفرة المصادر المفسرة لها بتعيين اسم الشاهد على رسالة المصطفى صلى الله عليه وآله مقروناً بالله تعالى، ثمّ إجماع تلك المصادر واتفاق مؤلفيها على رأي واحد، حيث روى الحافظ أبو نعيم في كتابه (ما نزل من القرآن في عليّ) عن محمّد بن الحنفية في ظل قوله عزوجل: "وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" أنه قال: هو عليّ بن أبي طالب. وافقه على ذلك الحسكاني في (شواهد التنزيل)، والنطنزيّ في (الخصائص العلويّة)، والثعلبيّ في تفسيره أن ابن عباس قال: لا والله، ما هو أي الشاهد، ما هو إلا علي بن أبي طالب، لقد كان عالماً بالتفسير والتأويل، والناسخ والمنسوخ، والحلال والحرام. أمّا سعيد بن جبير وقد سئل هل الشاهد في الآية هو عبد الله بن سلام؟ فأجاب: لا، وكيف وهذه السورة أي سورة الرعد، مكية، وعبد الله بن سلام أسلم بالمدينة؟!. وممن أكدوا أن الشاهد في قوله تعالى: "وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" هو أمير المؤمنين علي سلام الله عليه، أيضاً السيوطي في (الدّر المنثور)، والحبريّ في تفسيره، والقرطبيّ في (جامع أحكام القرآن)، وشهاب الدين الشيرازي في (توضيح الدلائل)، وابن المغازلي الشافعي في (مناقب عليّ)، والقندوزي الحنفي في (ينابيع المودّة)، وغيرهم كثير، حتى كتب الحافظ رجب البرسيّ في (الدر الثمين): لقد جعل الله علياً الشاهد لرسوله صلى الله عليه وآله يوم القيامة على أمته، وخصه بعلم الكتاب كله، فقال: "قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" وهو عليّ عليه السلام بإجماع المفسرين.
أجل أيها الإخوة الأفاضل، وكذا بإجماع الرواة والمحدّثين، كما نجد ذلك في تفسير أبي حمزة الثمالي، وتفسير العياشيّ، وتفسير القميّ، وتفسير مجمع البيان للطبرسي، وشواهد التنزيل للحسكانيّ، وتفسير نور الثقلين للحويزي، وتأويل الآيات الظاهرة للأسترآبادي، والإتقان للسيوطيّ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب المازندرانيّ، وأمالي الصدوق، وخصائص الوحي المبين لابن بطريق الحليّ، وغيرهم.
 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة