البث المباشر

تجليات الإيمان والخير في مسلم بن عوسجة وبرير وجون

الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 - 09:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- هدير الملاحم: الحلقة 20

خرج يوم عاشوراء تلميذ المدرسة المحمدية العلوية مسلم بن عوسجة وهو خاطب عساكر الغدر الأموي يروح الناصح الشفيق قائلاً:

إن تسألوا عني فإني ذو لبد

من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغانا حائد عن الرشد

وكافر بدين جبار صمد


وقال الناصح المؤمن بريربن خضير الهمداني في رجزه في ملحمة الطف الخالدة وبعد فكت عساكر البغي الأموي عن سماع نصائحه:

أنا برير وفتى خضير

يعرف فينا الخير أهل الخير

أضربكم ولاأرى من ضير

كذلك فعل الخير من برير


وفي أرجوزته العاشورائية الخالدة قال عتيق آل محمد وأنيسهم العبد الوفي جون:

بالسيف ضرباً عن بني محمد

أذب عنهم باللسان واليد

أرجو بذاك يوم الموعد

من الإله الواحد الموحد

إذ لاشفيع له كأحمد


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله وأزكى الصلاة والسلام على آل الله محمد رسول الله وأوصياءه أمناء الله
أخوتنا وأعزتنا المؤمنين الأطائب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم وأهلاً بكم
قال تعالى في محكم تنزيله الحكيم: "بسم الله الرحمن الرحيم وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم" صدق الله العلي العظيم. وفي الآية أمر عام بتهيئة المؤمنين مبلغ إستطاعنهم من القوة الحربية وما يحتاجون اليه قبال ما لهم من الأعداء في الوجود او في الفرض ولعل من الوسائل الحربية الخطاب الموجه الى المعتدين فقد يدخل في قلوبهم الرهبة من المسلمين او الرهبة مما سيؤول اليه أمرهم يوم الحساب اذا قدموا على محاربة الإسلام وقتل الصالحين. وكربلاء أيها الأخوة الأكارم كانت ساحة مفتوحة شهدت خطباً شريفة إنطلقت من فم الإمامة الطاهرة فبثها أبو عبد الله الحسين عليه السلام بيانات عقائدية ونصائح اخلاقية ومواعظ اخروية رادعت البعض فإنسحب الى الخلف او خشع فإنحاز الى معسكر سيد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه. أمام الأصحاب صلوات الله عليهم فقد كان لديهم أيها الأخوة أراجيز قتالية لم تخلو من إظهار الشجاعة والتعريف بالهدف الذي أقدموا عليه من طلب مرضاة الله وتنفيذ وصايا ولي الله فأدخل ذلك رهبة في بعض القلوب وخشية في قلوب اخرى بل وأثبت على الأعداء حجة بينة أسقطت جميع المعاذير.
في يوم عاشوراء أيها الكرام برز بطل غيور من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وهو مسلم بن عوسجة وقد تأجج إيماناً وحماساً وبسالة وغيرة حتى اذا نزل الى ساحة المعركة أخذ يرتجز ويصدع بها بين البيتين:

إن تسألوا عني فإني ذو لبد

من فرع قوم من ذرى بني أسد

فمن بغانا حائد عن الرشد

وكافر بدين جبار صمد


فعرّف نفسه أنه كالأسد وأنه من بني أسد وعرّف أعداءه بأهم زاغوا عن الحق لأنهم كفروا حينما حاربوا الإمام الحق وكأن نافع بن هلال الجملي رضوان الله عليه أنس بأبيات مسلم بن عوسجة فتابعه ينادي في عسكر عمر بن سعد:

إني على دين علي بن هلال الجملي

أضربكم بمنصلي تحت عجاج القصطلي


فخرج لنافع رجل يقول له: أنا على دين فلان.
فأجابه نافع: أنت على دين الشيطان!
ثم أخذ نافع ومسلم بن عوسجة يجولان في ميمنة جيش بن سعد بعد ذلك كان قتال إنتهى بشهادة خيرة الرجال، وتنطوي الأعوام فيزوره حجة الله المهدي سلام الله عليه منادياً عليه "السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي" ومخاطباً إياه "شكر الله إستقدامك ومواساتك إمامك إذ مشى اليك وانت صريع فقال (رحمك الله يامسلم بن عوسجة)".
ويتقدم البار مع إمامه برير بن خضير الهمداني فتكون مواقف وكلمات وقد تشرف بأمر الإمام الحسين أن يكلم القوم فخاطبهم بفصاحة الإيمان وجهاد اللسان فلما لم ينفع كلمهم بلغة السيف والسنان.
وحلال ذلك كانت له أرجوزة تتحدى المعاندين على الضلال فسُمع وسط المعركة يقول مخاطباً:

أنا برير وفتى خضير

ليث يروع الأسد عند الزير

يعرف فينا الخير أهل الخير

أضربكم ولاأرى من ضير

كذاك فعل الخير من برير


أعزائي الكرام إن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام تعدد طرق قدومهم وبذلك تعددت منحدراتهم فكان فيهم الهمداني والأسدي والهاشمي والعلوي والعجوز والشاب والصبي وكان فيهم المخدوم والخادم والمملوك والمالك والتركي والعربي وهكذا. وقد كان يوماً سعيداً ذاك اليوم الذي قدم فيه غلام إسمه أسلم فوقف بخشوع أمام أبي عبد الله الحسين يقول له معرفاً بنفسه: إني غلام تركي أكمل العربية وأجيد الكتابة فينظر اليه الحسين عليه السلام نظرة الأولياء ثم يقول له: جعلتك كاتباً لبعض حوائجي. وتدور الأيام والسنوات وتتم السعادة لأسلم التركي فيكون مجاهداً بين يدي إمامه يتقدم في ساحة النزال بروحية عالية وشخصية رصينة فيشهر سيفه ويطلق بأرجوزة لسانه فيقول:

البحر من طعني وضربي يصطلي

والجو من سهمي ونبلي يمتلي

اذا حسامي في يميني ينجلي

ينشق قلب الحاسد المبجل


فقتل عدداً من الأعداء بسيفه وكان كأنه قتلهم قبل ذلك بأرجوزته. قال الإمام علي بن الحسين عليه السلام وكان عليلاً في الخيمة: إرفعوا طرف الخيمة لأنظر كيف يقاتل فكان نِعم المقاتل حتى قتل جماعة ومضى يواصل حتى أجهده الظمأ وأعياه المزال فتحاوشه الجبناء وهو وحده فضربوه وسقط صريعاً شهيداً.
وهناك عبد مملوك إشتراه امير المؤمنين علي عليه السلام يوماً ثم وهبه الى الصحابي المخلص أبي ذر الغفاري فلما توفي أبي ذر رحمه الله رجع هذا المملوك النجيب الى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وكان اسمه جون الذي لم يشعر بالرق وهو يعيش في كنف أهل البيت عليهم السلام وقد تمتع بشخصية ايمانية حرة جعلته يختار مراتب العز والكرامة فما إن رأى الحسين عليه الصلاة والسلام يشد أمتعة سفره الى كربلاء حتى إلتحق جون بالركب الحسيني فإذا راصفه الحسين عليه السلام بالرجوع الى بيته في المدينة كان لجون كلمته الولائية: "يابن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة اخذلكم؟ لا والله لاأفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دماءكم"!!
وتحقق ذلك لجون رضوان الله عليه بعد أن صمم على نصرة امامه والشهادة بين يديه فتقدم بعزيمة وغيرة وبسالة وهو يصدع بأرجوزته قائلاً:

سوف يرى الفجّار ضرب الأسود

بالمشرفي الصارم المهندي

بالسيف ضرباً عن بني محمد

أذب عنهم باللسان واليد

أرجو بذاك الفوز يوم الموعد

من الإله الواحد الموحد

إذ لاشفيع عنده كأحمد


ثم أستشهد على حسن الإعتقاد وحسن الموقف وصلابة الجهاد.
أخوة الولاء ثمة قضية مشتركة مهمة نجدها في أراجيز هؤلاء الشهداء السعداء من أبطال ملحمة كربلاء القدسية أي مسلم بن عوسجة وبرير بن خضير وأسلم التركي وجون رضوان الله عليهم أجمعين وهي أن تجليات الإيمان الصادق إنما تظهر في ترسخ الولاء لأهل بيت النبوة عليهم السلام لأن عنهم الهداية الإلهية الحقة والشفاعة المحمدية الصادقة.
أيها الأخوة والأخوات رزقنا الله وإياكم ذلك وشكر لكم جميل الإصغاء للحلقة العشرين من برنامج هدير الملاحم إستمهتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران. تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة