البث المباشر

إخوة العباس (ع) والدفاع عن الامام الحق

الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 - 09:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- هدير الملاحم: الحلقة 10

المقدمة 

قال سمي الصحابي الجليل عثمان بن مضعون الهاشمي العلوي البطل سيدنا عثمان ابن أميرالمؤمنين _عليه السلام_ وهويرتجز في جهاده لعتاة بني أمية:

إني أنا عثمان ذوالمفاخر

شيخي عليٌّ ذوالفعال الظاهر

صنوالنبي ذي الرشاد السائر

ما بين كل غائبٍ وحاضر

وابن عمٍّ للنبي الطاهر

أخي حسينٌ خيرةُ الأخاير

وسيد الكباروالأصاغر

بعد الرسول والوصي الناصر


يوم الطف قائلاً بوجه عتاة بني أمية:

أنا ابنُ ذي النجدة والإفضال

ذاك عليُّ الخير في الفعال

سيف رسول الله ذوالنكال

في كلِّ قومٍ ظاهر الأهوال


بسم الله الرحمن الرّحيم الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصّلاة وأزكاها على خيرخلقه…محمّدٍ وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا الأعزّة الأطياب ورحمة الله وبركاته. ورد عن أميرالمؤمنين _عليه السلام_ في غررحكمه، ودرركلمه، قوله: "تكلّموا تعرفوا؛ فإنّ المرء مخبوءٌ تحت لسانه"، فإذا غالط امرؤٌ يوماً فأنكر أنّ قتلة الحسين _عليه السلام_ قد خرجوا عن ربقة الإسلام، أو ارتدّوا عن دين الله، وحاربوا الله في رسوله، وقتلوا النبيّ في أولاده، فليقف على ما روي عنهم من صريح القول، بعد فضيع الفعل، فقد عملوا خلاف ما أوصاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله من حفظه في أهل بيته، وخلاف ما أمر اللهُ تعالى في محكم كتابه، إذ خاطب نبيه بقوله: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..." (سورة الشوري: ۲۳) فكان جزاؤهم لرسول الله صلّى الله عليه وآله على ما بلّغ وجهد وعانى من تبليغ الرسالة وهداية الأمّة بأجيالها، أن خالفوه في كلِّ أوامره ونواهيه، وقتّلوا أهل بيته وذراريه، ورحم الشاعرحين قال مقارناً:

ملكنا…فكان العفو منّا سجيةً

فلمّا ملكتُم سال بالدَّم أبطُحُ

فحسبكم هذا التفاوت بيننا

وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ!


فإذا كان إناء الركب الحسينيّ قد نضح خيراً وشرفاً ونصحاً، ودعوةً إلى الحقّ وهدايةً إلى الدين الحنيف، فقد رشح إناءُ الركب اليزيديّ خسّةً وغدراً ولؤماً ودناءةً، وتشفّياً بما أورده من مصابٍ فجيع، وقتلٍ فضيع، على قلب المصطفى صلّى الله عليه وآله، فقد جاء عن شمربن ذي الجوشن الضّبابيّ، بعد فعلته النكراء العظمى، قوله وكأنّه يخاطب الحسين سيد الشهداء _عليه السلام_ بهذه الأرجوزة: أقتُلك اليوم ونفسي تعلمُ علماً يقيناً ما به توهُّمُ أنّ أباك خيرُمن يكلّمُ بعد النبيّ المصطفى المعظّمُ أقتُلك اليومَ وسوفَ أندمُ وإنّ مثواي غداً جهنّمُ ولا لأولاد النبيّ أرحمُ روي ذلك في مقتل الحسين _عليه السلام_ لأبي مخنف، ومقتل الحسين _عليه السلام_ للخوارزميّ الحنفيّ، والفتوح لابن أعثم الكوفيّ، وغيرها.


وكان شمربن ذي الجوشن -أيها الإخوة الأكارم- قد صاح: أين بنو أختنا؟ أين العبّاس وإخوته؟ فأعرضوا عنه. فقال الحسين _عليه السلام_: "أجيبوهُ ولوكان فاسقاً" ، قالوا: ما شأنك، وما تريد؟! قال: يا بني أختي، أنتم آمنون، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين، والزموا طاعة أميرالمؤمنين يزيد، فقال له العبّاس _عليه السلام_: "لعنك اللهُ ولعن أمانك، أتؤمنُنا وابنُ رسول اللهِ لا أمان له؟! وتأمرنا أن ندخُل في طاعة اللّعناء وأولاد اللُّعناء؟! وتكلّم إخوةُ العبّاس بنحو كلامه، ثمّ رجعوا. وفي بعض الأخبار أجابوه بقولهم: لا حاجة لنا في أمانكم، أمانُ اللهِ خيرٌمن أمان ابن سمّية! وكان من إخوة العبّاس لأبيه وأمّه أمِّ البنين ((عثمان))، الذي قال فيه أبوالفرج الأصفهانيُّ في (مقاتل الطالبيين): روي عن عليٍّ _عليه السلام_ أنّه قال: ((إنّما سمّيتُه باسمِ أخي عثمان بن مظعون". وقد برزعثمان ابنُ أميرالمؤمنين هذا إلى ساحة المعركة يضرب بسيفه وهو يرتجز ويقول مفتخراً وحقَّ له:

إنّي أنا عثمانُ ذوالمفاخر

شيخي عليٌّ ذوالفعال الظاهر

صنوالنبيّ ذي الرشاد السائر

ما بين كلِّ غائبٍ وحاضر

وإبنُ عمٍّ للنبيِّ الطاهر

أخي حسينٌ خيرة الأخاير

وسيد الكباروالأصاغر

بعد الرسول والوصيّ الناصر


وهكذا نجد أيها الإخوة الأعزّة أنّ أولادَ أميرالمؤمنين عليٍّ _عليه السلام_ يشعرون بالعزّة العليا، ويعرّفون أنفسهم من خلال أبيهم، ويفتخرون أن يكون أبوهم علياً ناصر رسول الله، وأن يكونوا هم ناصري ريحانة رسول الله. فذاك عبد الله بن عليٍّ _عليه السلام_، وأمّه أيضاً أمّ البنين الطاهرة رضوان الله عليها، اصطحب أخاه الحسين _عليه السلام_ من المدينة إلى كربلاء، هو وإخوته. قال أهل السير: لمّا قتل أصحاب الإمام الحسين وجملةٌ من أهل بيته، ورأى العباس كثرة القتلى في أهله دعا إخوته من أمّه أمّ البنين، وهم: عبد الله وجعفروعثمان، فقال لهم: يا بني أمّي، تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله. وقيل: قال لأخيه عبدالله: تقدّم بين يدي حتّى أراك وأحتسبك، فكان عبد الله يكر ويضرب بسيفه قدماً، ويجول في القوم وهو يرتجز ويقول:

أنا ابنُ ذي النّجدة والإفضال

ذاك عليُّ الخير في الفعال

سيف رسول الله ذو النّكال

في كلّ قومٍ ظاهر الأهوال

أما الأخ الثالث للعبّاس من أمّه أمّ البنين سلام الله عليها، فهو جعفر بن أميرالمؤمنين _عليه السلام_، فقد تقدّم إلى ساحة القتال وحده أيضاً، وذلك بعد أن استشهد أخواه عثمان وعبدالله، فقاتل أعداء الله، ونصر وليّ الله، وجاهد ثابتاً في سبيل الله، حتى نال الشرف الأسمى بالشهادة بين يدي سيده وإمامه أخيه الحسين سبط رسول الله، مضمّخا بدمه، صريعاً بين إخوته، والنّخبة الطيبّة من أهل بيته، وكان يرتجز بهذه الأبيات قبيل شهادته: إني أنا جعفر ذو المعالي إبن عليّ الخير ذي النّوال ذاك الوصيّ ذو الثناء الوالي حسبي بعمّي شرفاً وخالي أحمي حسينا ذا النّدى المفضال فسلام على أصحاب الإباء، والمفتخرين بأشرف الآباء، والنائلين درجات الكرامة بشهادتهم بين يدي سيد الشهداء.

لهفي لآل محمد لهفاً به

يذكي لهيب النار في أحشائي

السابقون.. فليس يدرك شأوهم

يوم الفخار بحلبة العلياء

والضاربون على السّماك قبابهم

والواطئون لهامة الجوزاء


مستمعينا الأفاضل ولعل من أهم القيم الإلهية التي تجسدها أراجيز إخوة أبي الفضل العباس عليه وعليهم السلام في واقعة كربلاء الملحمية هي التأكيد على أن الإمام الحق الذي يجب إتباعه وموالاته والدفاع عنه والتضحية له بكل شيء هو الذي تتجلى فيه فعال الخير بأسمى مراتبها ويكون سيد الأكابر والأصاغر في عصر مقتفياً آثار النبي المصطفى – صلى الله عليه وآله –، وهذا ما تجلى في أسمى صوره بسيد الشهداء أبي عبدالله الحسين _عليه السلام_. وبهذه الملاحظة ننهي لقاء اليوم من برنامج هدير الملاحم قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. شكراً لكم والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة