البث المباشر

البدايات

الأربعاء 18 سبتمبر 2019 - 14:06 بتوقيت طهران

 

سلام من الله عليم – إخوتنا المستمعين الأكارم – ورحمة الله وبركاته ، وكلّ المراحب بكم في هذا البرنامج الجديد الذي يقدّمه لكم القسم الثقافي والاجتماعي في إذاعة طهران ، صوت الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران والذي يستعرض لكم مسيرة التعليم العالي في إيران وأهم الإنجازات التي تحقّقت في هذا المجال،كونوا برفقتنا...
مستمعينا الأحبّة !
بدأ التطوّر الجديد الذي طرأ علي التعليم العالي في إيران اعتباراً من القرن التاسع عشر تزامناً مع التطوّرات العلميّة الجديدة في العالم . فلقد فكّر علماء المجتمع الإيراني و المخلصون و ذوو الأذهان المتفتّحة وهم يواجهون الغرب و يشاهدون النموّ السريع للحضارة الغربيّة ، في مراجعة الأساليب والمناهج التعليميّة التقليديّة كي يبذلوا جهدهم من أجل تحسين أوضاع بلادهم من خلال توظيف التجارب الجديدة في العالم . وقد دفع الشعورُ بضرورة تعلّم العلوم والفنون والمهارات الجديدة الإيرانيين إلي أن يتعرّفوا علي الخلفيّات العلمية والتقنيات الحديثة قبل كل شيء ، كي يبادروا إلي الإنتاج العلمي من خلال المزج بينها مستندين في ذلك إلي علمهم الغزير و استعداداتهم الذاتية والتاريخية . ولذلك فقد تمّ منذ أوائل القرن التاسع عشر إرسالُ البعثات التعليميّة إلي خارج البلاد بهدف تلقّي العلوم والفنون الجديدة . وأدّي هذا الاتجاه الجديد إلي ترجمة بعض الكتب في المجالات العسكرية والتاريخية والرياضية وفي الفلك والجغرافيا و أدب الرحلات وانتهي بفضل جهود رئيس وزراء إيران آنذاك أمير كبيربتأسيس دار الفنون . وكانت دار الفنون أول مركز تعليمي في منتصف القرن التاسع عشر يتبع الأساليب الجديدة حيث تأسس عبر اقتباس التجارب التعليمية الجديدة في روسيا والامبراطورية العثمانيّة . 
وكما مرّت الإشارة ، فقد كانت بُذِلت العديدُ من الجهود والأنشطة قبل تأسيس دار الفنون لتلقّي العلوم والتخصصات المختلفة خارج البلد وكان قد تمّ إرسال الكثير من الأشخاص إلي أوروبا في عهد عبّاس ميرزا لتلقّي العلوم حيث هيّأت مجموعة هذه الإجراءات الأرضية لنشر التعليم الحديث في إيران .
مستمعينا الأفاضـــل !
بدأت دار الفنون نشاطها عام ۱۸٥۲ ( ۱۲٦٦هـ ) بثلاثين طالباً وسبعة معلّمين من النمسا وعدد من المترجمين حيث كان قد تمّ اختيارهم من بين الطلّاب المبعوثين إلي فرنســا و تمّ تجهيزها شيئاً فشيئاً بمختبرات للفيزياء والكيمياء والصيدلة ومطبعة ومكتبة و قاعة لتناول الطعام . وكان الدرس الأوّل الذي بدأ إلقاؤه في ذلك اليوم ، درساً عسكريّاً للمشاة ثم أضيف إليه التعليم في الفروع الأخري .
وكان صنف المشاة و الخيّالة والمدفعيّة ، والطبّ والجراحة والصيدلة و علم المعادن من الفروع التي كانت تُدرَّس في دار الفنون ، ولكن كان يتمّ تدريس اللغة العلوم الطبيعيّة والرياضيّات والتاريخ والجغرافيا في كلّ تلك الفروع بالفرنسيّة . ثم أضيفت اللغة الإنجليزيّة والروسيّة والرسم والموسيقي إلي البرنامج التعليمي لدار الفنون . 
وقد أبدع واجهةَ مبني دار الفنون المعمارُ الإيراني المعروف لرزاده وأما الخط الجميل الذي يعلوها فهو لـ عبد الحميد ملك الكلامي الملقّب بأمير الكتّاب . وكانت مكانة دار الفنون المرموقة قد أدّت إلي أن يتمّ اختيار رؤساء دار الفنون في العادة من بين أهم المسؤولين السياسيين في البلاد وكان اعتضاد السلطنة ، عمّ ناصر الدين شاه ورضا قلي خان هدايت أشهر رؤساء دار الفنون و كان عهد إدارتهم لها من أكثر عهودها ازدهاراً .
وماتزال دار الفنون تمارس حالياً نشاطها الثقافي والبحثي تحت عنوان معهد وثائق التعليم والتربية وتعدّ من فروع معهد التعليم والتربية . 
وبعد حوالي عقد من تأسيس مدرسة دار الفنون في إيران في العهد القاجاري ، تمّ تأسيس مدرسة رشيد الابتدائية في تبريز وتأسست بعدها بفترة قصيرة المدرسة الشوكتية في مدينة بيرجند والتي تعتبر المدرسة الثالثة من نوع المدارس الجديدة وافتُتِحت كلّ من مدرسة دشت بياض نهبندان و سربيشه و خوسف و مدرسة شوكتي للبنات .
ومالبثت أن تأسّست بعد ذلك مدارس ومؤسسات أخري للتعليم العالي مثل المدرسة العسكريّة عام ۱۸۸٥ ومدرسة العلوم السياسية عام ۱۸۹۹ والتي كانت تدار تحت إشراف وزارة الخارجيّة آنذاك .
مستمعينا الأفاضل !
وعلي أثر زوال حكم الأسرة القاجاريّة و تولّي الأسرة البهلويّة للحكم والتأكيد علي تحديث نظام التعليم ، برزت حركة اتّباع مظاهر الحضارة الغربية أكثر من ذي قبل . بحيث ظهرت في عام ۱۹۲٦ فكرة تأسيس جامعة طهران علي يد الدكتور سنك النائب في مجلس الشوري الوطني ضمن مباحثات مع السيّد محمد تديّن . وبعد فترة أي في عام ۱۹۳۲ بدأ المعهد الأمريكي ( الذي تغيّر اسمه بعد بضع سنوات إلي ثانويّة ألبرز ) نشاطَه في إيران من قبل جامعة ولاية نيويورك حيث نال بشكل رسمي امتيازَ ممارسة نشاطه في إيران ) . وكان الدكتور صاموئيل مارتين جوردن الأمريكي من الأشخاص الذين لعبوا دوراً مؤثّراً في تطوير هذه المؤسسة الممهِّدة للتعليم العالي ، ولذلك اعتبره البعض أبا التعليم الحديث في إيران . 
وقد كانت المراكز العلمية في إيران تمارس نشاطها قبل تأسيس جامعة طهران بشكل منفصل عن بعضها البعض ، ولكن تمّ في عام ۱۹۳٤ تأسيسُ جامعة طهران بهدف توحيد المدارس العالية ضمن نطاق معيّن ولكي تقوم دعائم التعليم العالي في إيران علي أساس متين . وقد افتتحت هذه الجامعة بعد أن أُدمِجت فيها دارُ الفنون و مدرسة العلوم السياسيّة ومدرست فلاحت مظفّر ومدرسة الصناعات والفن والمدرسة المعمارية العالية ومدرسة الحقوق العالية وبعض مراكز التعليم العالي الأخري في طهران علي ضوء منهج مؤسسات التعليم العالي في فرنسا وتولّي المهندسون الفرنسيون تصميمَ أبنية جامعة طهران . 
وبعد تأسيس جامعة طهران اقتصرت إدارة التعليم العالي في إيران علي هذه الجامعة والجامعة العسكريّة وجامعة النفط في آبادان . وظلّ هذا الاحتكار مقتصراً علي الجامعات الثلاث تلك حتي بعد أن تأسست منذ سنة ۱۹٤٦ وما بعدها جامعاتٌ في مدينة تبريز و أصفهان وشيراز ومشهد وأهواز . واعتباراً من الستينات أدّت الحاجات التخصصيّة للمؤسسات و المطالب الاجتماعية للأُسَر إلي أن يتمّ تأسيس مؤسسات التعليم العالي الخصوصيّة مثل مدرسة التجارة والمدرسة التكنلوجية وغيرهما بشكل مستقل عن تلك الجامعات . وبلغ نموّ هذه المؤسسات ذروته في عقد الثمانينات . 
وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة وعلي الرغم من الاضطرابات التي حدثت في أوائل عهد الثورة و التعطيل المؤقت للجامعات و حدوث الحرب المفروضة و العقوبات المختلفة خلال السنوات التي أعقبت ذلك ، طرأ علي التعليم العالي في إيران التطوّرُ من الناحيتين الكمّية والنوعيّة بشكل لم يسبق له مثيل . بحيث ازداد عدد الطلّاب الجامعيين في البلاد بنسبة ۲٦ ضعفاً . كما كان ارتفاع عدد الفروع الدراسية إلي ثمانية أضعاف و إنشاء أكثر من ٥۰۰ مركز بحثي في مجال الطبّ و النمو البالغ خمسة أضعاف للمؤسسات التعليميّة و ارتفاع عدد المقالات من ۳٤۱ في سنة ۱۹۷۹ إلي عشرين ألفاً في السنوات الأخيرة وغير ذلك من الإنجازات العلميّة التي تحقّقت بعد الثورة الإسلاميّة في إيران . 
مستعينا الأعزّة !
شكراً علي طيب المتابعة راجين منكم أن تكونوا في انتظارنا حتي الحلقة المقبلة بإذن الله لنستكمل حديثنا حول مسيرة التعليم في إيران الإسلام ضمن برنامجكم صروح حضاريّة ، في أمان الله .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة