البث المباشر

شرح فقرة: وأجرني من كل ما يضرني ويجحف بي

السبت 14 سبتمبر 2019 - 10:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأجرني من كل ما يضرني ويجحف بي " من دعاء عالي المضامين.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من المعرفة المتنوعة، ومنها الدعاء الموسوم بعبارة (عالي المضامين)، حيث يقرأ بعد زيارة الائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان يحفظ قارئ الدعاء من الشدائد جميعاً وختم بهذه الفقرة (واجرني من كل ما يضرني ويجحف بي واعطني جميع الخير كله مما اعلم ومما لا اعلم)، ان هذه الفقرة مع وضوحها تحتاج الى وضوح اكثر وهذا ما نبدأ به الان ...
فقرة الدعاء المذكورة تتضمن توسلاً منها ما هو اجارة قارئ الدعاء من الشر، واعطاؤه الخير وهما حاجتان متوازيتان ومتقابلتان، حيث ان الشر او السوء في الحالات جميعاً مرفوض، واما الخير فمطلوب عكس ذلك، ولكن السؤال هو تحديد الخير والشر وما يرتبط بهما من دلالات.
يتضمن التوسل الاول عبارة واجرني من كل ما يضرني يجحف بي، هذه العبارة - كما قلنا - واضحة ولكنها تحتاج الى توضيح اشد، فماذا نستخلص منها؟ 
العبارة تتحدث عن الضرر ولم تذكر مصاديق الضرر كما لا تعمم ماهو سلبي كالشر والسوء والشدة، وانما تذكر الضرر فحسب، فما هو السر الكامن وراء ذلك؟
ان الضرر هو ضد النفع اي ما يقابل النفع هو الضرر كالربح قبالة الخسارة مثلاً، وهذا يعني ان فقرة الدعاء تتحدث عن الفائدة التي يحلم بها الانسان في آخرته ودنياه، والا لا معنى للحياة اذا لم تكن مقترنة بما هو نافع، هنا يتساءل احدنا فيقول مثلاً الحياة بطبيعتها مقترنة بالشدائد الم يقل الله تعالى ولقد خلقنا الانسان في كبد وتقول النصوص الشرعية ان الدنيا سجن المؤمن، فلماذا يطالب الدعاء بعكس ذلك؟
الجواب هو: ان الضرر هنا اعم من ان يكون مادياً او معنوياً كما انه لا يتعارض مع مقولة ان الانسان في كبد، وانما يتضمن نكتة كبيرة هي بما ان الضرر هو قبالة النفع، وبما ان النفع هو حصول الانسان على شيء له فائدته حينئذ اذا كانت الفائدة منتفية فان العقل يرفض كل ما هو غير منطو على الفائدة، وليس هنا فحسب بل ان ما يضر هو اشد مفارقة مما هو لا فائدة فيه، ولذلك فان الدعاء توسل بالله تعالى بان يدفع عنه ما لا فائدة فيه، اي الدعاء يطلب الفائدة المقبولة عقلياً سواء أكان ذلك دنيوياً او اخروياً.
العبارة الثانية تقول اجرني من كل ما يجحف بي ومعناها التوسل بالله تعالى بان يجير عبده ليس من الضرر فحسب بل كل ما ينتقص من حق العبد، اي حتى ابسط الضرر لان الضرر عقلياً وشرعياً غير مقبول ما دام غير مقترن بفائدة دنيوية واخروية.
اما التوسل الاخر في فقرة الدعاء فهو واعطني جميع الخير كله مما اعلم ومما لا اعلم هذه العبارة تنطوي على نكات مهمة يجدر بنا ان نلاحظها.
ما دام الدعاء توسل قبل ذلك بان يكفي الله تعالى عبده من الضرر فان المقابل هو الفائدة او الخير لذلك توسل الدعاء بما هو خير لقارئ الدعاء وتوسل باجارته من عكس ذلك، هنا نلاحظ بان الدعاء لم يكتف بقسط من الخير بل طلب كل الخير لان العبد لا يبلغ درجة الايمان المطلوبة الا اذا كان الخير كله قد وفق له.
من هنا فان عبارة الدعاء استخدمت اداتين توكيدتين هما جميع الخير وكله حيث ان الكل والجميع هما عبارتان توكيد بيان مثل قوله (كلهم اجمعين) المؤكدة للاستيعاب والشمول والتمامية.
اخيراً ختم مقطع الدعاء توسله بالله تعالى بان يعطيه الخير ما يعلمه وما لا يعلمه لان الانسان قد يغيب عنه ما هو خير له، اي يجهل ذلك، ومن هنا جاءت فقرة الدعاء مقررة بان ما لا يعلمه قارئ الدعاء من مصاديق الخير فليرزقه الله تعالى ذلك سواء أكان عارفاً بجميع موارد الخير او كان عارفاً بالبعض منها.
ختاماً امكننا ان نوضح جانباً من فقرة الدعاء المذكورة سائلين الله تعالى ان يوفقنا لممارسة جميع افعال الخير ويجنبنا ما لا خير او فائدة فيه، كما نسأله تعالى ان يجنبنا ما هو ضرر علينا وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة