البث المباشر

شرح فقرة: واصرف عني كيده واشغله عني بنفسه

السبت 14 سبتمبر 2019 - 10:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "واصرف عني كيده واشغله عني بنفسه" من دعاء عالي المضامين.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"عالي المضامين" حيث وظف لقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى احد مقاطعه المتوسل بالله تعالى ان يكفينا شر الاعداء، ومنهم العدو الذي وصفه المقطع على النحو الاتي واصرف عني كيده واشغله عني بنفسه، واكفني شره، هنا ثم هذه الفقرة من الدعاء مجموعة نكات يحسن بنا ان نلاحظها حتى نستكمل بها شروط الدعاء، حيث يجيء في مقدمتها معرفة ما ننطق به من الكلام.
ان اول ما يستوقفنا من فقرة الدعاء هو ان مقطع الدعاء ذكر كيد العدو وشره، والسؤال هو ما الفارق بين الكيد وبين الشر، الجواب الشر هو الاعم من الكيد ومن غيره، واما الكيد فهو نمط خاص من العداء يتمثل في ممارسة الحيلة والخداع والمكر في الحاق الشر بالاخر وبذلك يكون الشر اعم كما قلنا وللسبب المتقدم ذكر الدعاء اولاً احد مصاديق الشر، ثم ذكرمطلق الشرور حيث ان التأكيد لاحد مصاديق الشر يعني خطورة هذا النمط من الشر وهو فعلاً يتميز بكونه خطراً ذا نتائج مدمرمة، لانه ببساطة استخدام لحيلة قد يغفل عنها البريء بعكس ما لو اعلن العدو عداءه بفور وبمباشرة والمهم ان مقطع الدعاء توسل بالله تعالى كما هو دأب الادعية دائماً ان يدفع عن قارئ الدعاء اكبر مصاديق الشر وهو الكيد ويدفع عنه كل انماط الشر بنحو مطلق وبذلك يكون الدعاء قد علمنا على التوسل بالله تعالى بان ينقذنا من كل سوء صغيراً او كبيراً.
الملاحظة الثانية في فقرة الدعاء المتوسلة بالله تعالى بان يكفينا شر العدو كيده، هي عبارة واشغله عني بنفسه ان هذه العبارة تجسد قمة الدلالة البلاغية من حيث اكتنازها باهم الظواهر النفسية التي تحتجز العدو من ممارسة عدائه الا وهي ظاهرة ابتلاء العدو بمرض او فقر او شدة تشغله عن التفكير بغيره، بل يظل تفكره منحصراً في مشكلته الفردية، وهذا ما عبر عنه الدعاء بفقرة واشغله عني بنفسه، بصفة ان المبتلى بشدائده لا وقت لديه بان يشغل نفسه بالاخر وهذا من الوضوح بمكان.
بعد ذلك تواجهنا عبارتان او مصطلحان هما اتباع العدو وشياطينه حيث يقول المقطع واكفني شره وشر اتباعه وشياطينه، والسؤال الجديد هو ما المقصود بالاتباع؟ وما المقصود بالشياطين؟ واذا كان للعدو اتباع فما معنى ان تكون له شياطين؟
هذه الاسئلة تحتاج الى التوضيح فنقول، ان نمط العدو يختلف من واحد لاخر، حيث يمكن للعدو اذا كان يحتل موقعاً اجتماعياً ادارياً او عشائرياً او...، حينئذ سيكون له اتباع يلحقون الاذى بالاخرين كاجهزة الشرطة مثلاً او ابناء العشيرة او المريدين، ونحن نعرف تماماً بان التابع احياناً يتعامل بقسوة مع الاخر اكثر من المتبع الآمر، كما هو واضح، لذلك فان التوسل بالله تعالى بان يكفينا شر الاتباع يظل حاملاً مسوغاته كما اوضحنا.
وهذا فيما يتصل بالاتباع المرتبطين برئيسهم ولكن ماذا بالنسبة الى شياطين الرئيس المذكور؟
ان سائلاً ما قد يسأل قائلاً: اننا نعرف بان الشياطين لهم اتباع من الانس، اما ان يكون الانس لهم اتباع من الشياطين فلم نسمع بذلك، فما هو السر الكامن وراء هذا؟
الجواب: صحيح ان الشيطان هو الآمر بالسوء، ولكن الانسان السيء قد يتفنن في ممارسة السوء بحيث يتكل على الشياطين في تمرير مؤامراته كما هو بين، ان الشياطين قد يستخدمون لافعال الخير كالشياطين الذين سخرهم الله تعالى لسليمان(ع) وقد يكون العكس هو الملاحظ وهذا ما يتوفر عليه المنحرفون من البشر بحيث يمارسون اعمالاً خاصة يستخدمون من خلالها قوى شيطانية.
اخيراً من الممكن ان يقصد بالشياطين التابعين للانسان، هو مطلق الرمز الشرير لكل سلوك، فيكون معنى العبارة في فقرة الدعاء على النحو الاتي واكفني شر الممارسين للسلوك السلبي من خلال الوسائل الشيطانية التي يستخدمها الانسان في محاربة الاخر.
ختاماً نسأله تعالى ان يكفينا شر خلقه، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة