البث المباشر

شرح قوله (عليه السلام): (ياخير من دعي لكشف الضر، والمأمول لكل عسر ويسر)

السبت 10 أغسطس 2019 - 10:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " ياخير من دعي لكشف الضر، والمأمول لكل عسر ويسر " من دعاء الصباح.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الصباح للامام علي(ع)، حيث قدمنا - في لقاءات سابقة - غالبية مقاطعه، ونقدم اخيرا المقطع الذي اختتم به الدعاء، مع ملاحظة ان الدعاء يتضمن بالاضافة الى ذلك ختاما آخر هو جملة مقاطع تقرأ سجوداً (حيث سنحدثك عنها ان شاء الله تعالى لاحقاً).
اما الآن، فنحدثك عن المقطع الاخير من الدعاء، وهو (ياخير من دُعي لكشف الضرّ، والمأمول لكل عسر ويُسر، بك أنزلت حاجتي، فلا تردّني من سني مواهبك خائباً...).
هذا المقطع من الدعاء يتضمن موضوعات لا تحتاج الى القاء الانارة عليها، نظرا لوضوحها وتكرار دلالاتها في غالبية الادعية، ولكن - مع ذلك - ثمة نكات لا مناص لقارئ الدعاء من النظر اليها، وفي مقدمتها العبارة القائلة (والمأمول لكل عسر ويُسر)، حيث ان قارئ الدعاء من الممكن ان يتساءل قائلا: نحن نعرف بأن العسر او الشدة التي يواجهها الانسان هي: موضوع السؤال من الله تعالى بان يكشفها الله تعالى عن قارئ الدعاء، واما التوسل بالله تعالى بانه المأمول لكل يسر ايضاً، هو امر يحتاج الى اضاءة الموقف...
فماذا تعني هذه العبارة؟
لا نعلم - اذا ما كنت متذكرا بدايات لقاءاتنا عن الدعاء - عندما كنا نتحدث عن آداب الدعاء وشروطه و...، حيث قلنا ان النصوص الواردة عن المعصومين عليهم السلام طالما تؤكد ضرورة أن يدعو العبد، عبر توسله بالله تعالى بقضاء حوائجه وازاحة الشدائد عنه، يدعو الله تعالى في اليسر حتى يفرج عنه في العسر.
والسؤال الآن: ما هي الفلسلفة الكامنة وراء الشرط المذكور، اي: ان ندعوه تعالى في حالات يسرنا حتى يستجيب لنا في حالات عسرنا؟
ان الاجابة عن السؤال المتقدم لها اهمية كبيرة في ميدان المعرفة العقائدية، او ميدان التعامل مع الله تعالى.
ان العبد ما دام محتاجا في جميع حالاته الى الله تعالى حينئذ، فان التعامل مع الله تعالى ينبغي ان يتم في الحالات جميعا، هذا من جانب...
من جانب آخر ان تعاملنا مع الله تعالى هل هو منحصر في الشدة بحيث لا نعرفه الا في الشدائد، واما في الرخاء فنغفل عنه تعالى، اذا كان الله تعالى هو المتصرف في شؤوننا، ونعبده دون سواه، ولا نملك لانفسنا نفعا ولا ضرا ولاموتا ولاحياة...، عندئذ أليس الاجدر بنا ان نعرفه في الحالات جميعا؟
لا يتردد اثنان ان الانسان اذا ما تعامل حتى في نطاق تجربته مع بشر مثله تعاملاً ذاتياً وفردياً وانانياً بحيث لا يتجاوب مع الآخر الا بقدر ما يقدم له من الاشباع ثم لا يعرفه في الحالات الاعتيادية التي لا ترتبط بالفائدة الشخصية، هل ان امثلة هذا الانسان ينتسب حقا الى الانسانية التي تعين محبة الانسان لاخيه الانسان؟ لو كان الناس يتعاملون وفق مصالحهم الشخصية فحسب لتعذرت استمرارية الحياة.
لذلك نجد علماء الاجتماع - وهم منعزلون عن مبادئ السماء - يحاولون تفسير المجتمعات وامكان قيامها واستمراريتها، على مبدأ التبادل بين المصالح، ومبدأ التنازل عن مقدار من حاجاتهم، حتى يمكن لهم ان يتعايشوا، والا اذا كان كل واحد منهم يسعى لاشباع حاجاته وحده، فسيرتطم بحاجات الآخر، وهذا يستتلي حرب كل واحد مع الآخر، وبذلك تتهدم الحياة، ويتعذر مجراها بل ويمتنع امكان التعايش بين البشر.
وهذا كله في ميدان التعامل مع البشر بعضهم مع الآخر... واما اذا نقلنا هذه التجربة الى تعاملنا مع الله تعالى، حينئذ نستطيع الذهاب الى القول: ان العبد اذا تعامل مع الله في الشدة فحسب، فهذا يعني انه لا يعرف الله تعالى في حالات الرخاء، فهل يتناسب مثل هذا الموقف مع مفهوم العبودية؟ هل يتناسب مع معرفتنا بان الله تعالى هو السبب في رخائنا، فكيف نغفل عنه تعالى في حالة رخائنا؟
اننا سنلقي المزيد من الاضواء على هذا الجانب (في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى) ولكننا الآن نذكر بضرورة ان نتعرف على الله تعالى في اليسر حتى يعرفنا في العسر، كما نطقت النصوص الشرعية بذلك.
اخيراً يتعين علينا ان نفيد من هذا الدعاء من حيث تعاملنا مع الله تعالى، وممارسة عملنا العبادي والتصاعد به الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة