البث المباشر

شرح قوله عليه السلام (صل على محمد وآله الأتقياء وأسمع ندائي واستجب دعائي وحقق بفضلك أملي ورجائي)

السبت 10 أغسطس 2019 - 10:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " صل على محمد وآله الأتقياء وأسمع ندائي واستجب دعائي وحقق بفضلك أملي ورجائي " من دعاء الصباح.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من النكات البلاغية ودقائق المعاني، وصنوف المعرفة، ومن ذلك: دعاء الصباح للامام علي(ع)، حيث حدثناك عن جملة مقاطع منه، ونحدثك الآن عن موضوع جديد طالما ندعو به، حيث يتسم بكل وضوح، ويتكرر دواماً، ألا وهو العبارات الآتية: (صلّ على محمد وآله الاتقياء، واسمع ندائي واستجب دعائي، وحقق بفضلك أملي ورجائي)، وهذا المقطع من الدعاء - كما قلنا - مطبوع بسهولة مفرداته، ووضوح معانيه، وكثرة تردده على الالسنة، ولكن هل تساءل قارئ الدعاء مع نفسه، عن النكات الكامنة فيه؟ هل سأل مثلا عن الفارق بين النداء وبين الدعاء حينما قال (واسمع ندائي واستجب دعائي)؟ ثم هل سأل مثلا عن الفارق بين الامل والرجاء حينما قال (وحقق بفضلك املي ورجائي)؟ نعتقد ان القلة من قراء الادعية طرحوا امثلة هذه الاسئلة... وهذا ما نحاول ان نتحدث عنه...
لنقرأ فقرة الدعاء الاولى (واسمع ندائي واستجب دعائي) هنا، فسارع الى القول بان العبارة الاولى تتوسل بالله تعالى بان (يسمع) لكلام العبد، وكذلك نسارع هنا ونقول بالنسبة الى العبارة الثانية من المقطع وهي (استجب دعائي)، حيث نستخلص بسهولة دلالة ما تعنيه العبارة المذكورة، وهي: ان العبد يدعو الله تعالى فيستجيب الله تعالى دعاء الشخصية المذكورة.
اذن: العبارة الاولى تتوسل بالله تعالى بان (يسمع) تعالى كلام العبد، والثانية تتوسل بالله تعالى بأن (يستجيب) دعاء العبد، اي: ان المسآلة هي: ان يسمع تعالى دعاء عبده ويحقق له مضمون دعائه.
ولكن هذا المعنى العام ليس هو بلاغة المقطع المتقدم، بل بلاغته تتمثل في ان الدعاء استخدم كلمة (ندائي).
في عبارته القائلة (واسمع ندائي) لماذا لم يقل على سبيل المثال (اسمع دعائي) ؟ بل في عبارة (النداء)؟ هنا تكمن النكتة وطرافة الدلالة... كيف؟
من الواضح ان كلمة (النداء) تعني لغوياً: مناداة الطرف الآخر كما لو قال (يا فلان) مثلا... وحينما نتجه الى التعامل مع الله تعالى فهذا يعني اننا نتوسل به بأن يسمع كلامنا الذي اتجهنا به اليه وقلنا (يا الله) ومن الواضح كذلك ان (النداء) هو غير (الكلام) المألوف، بل هو اسلوب لغوي، يعبر عن الحالة الداخلية للانسان حينما يتطلع الى تحقيق ما يحتاج اليه، فينادي، اي: يصيح بصوت عالٍ يا فلان....
والصياح بصوتٍ عالٍ: له دلالته المهمة، وحينئذ نستخلص بأن قارئ الدعاء عندما يمارس عملية (نداء) الى الله تعالى، فهذا يعني: ان العبد بحاجة حادة... انه يتطلع الى اشباع حاجته، ان حاجته ملحة، ولذلك (ينادي: يصيح بصوت عال)، ويقول (يا الله) اسمع توسلي غير العادي، وهذا يعني - كما كررنا - حاجته الملحة.
ولذلك قال بعد ذلك: (وحقق بفضلك املي ورجائي) وهنا نتساءل: ما هو الفارق بين الرجاء وبين الامل؟
الرجاء هو: ما يتطلع الانسان اليه مع اقربية الوصول الى اشباع الحاجة كقوله (من كان يرجو لقاء الله...)، حيث ان معناه: ان العبد يتطلع الى ما هو قريب من التحقق.
واما الامل فهو ابعد من ذلك، اي: ان الامل ابعد حصولا من الرجاء، ولكنه ممكن الحصول...، لذلك فان الدعاء المذكور: اراد الاشارة الى ان الله تعالى يستجيب لدعاء العبد، سواء أكان ما يدعو به هو حاجة قريبة او حاجة بعيدة، حيث ان كلتيهما من الممكن ان تتحققا ما دام الله تعالى لا حدود في رحمته.
اذن: امكنا ان نتبين الفارق بين الامل وبين الرجاء، وانعكاسات ذلك على حاجاتنا، وهو امر يدعونا الى نتعظ بما قرأناه، وان نتوسل بالله تعالى بأن يوفقنا لمرضاته، وان نمارس الطاعة ونتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة