البث المباشر

معنى (الاستغفار حياءً) في الدعاء المسنون بعد زيارة الامام الرضا (عليه السلام)

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 12:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " في الدعاء المسنون بعد زيارة الامام الرضا (عليه السلام) " من دعاء الاستغفار.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تنطوي عليه من نكات واسرار بلاغية متنوعة، مضافاً الى ما تتضمنه من ثروة معرفية في نطاق العقائد والاحكام والسلوك الاخلاقي، ومن ذلك ما عرضناه في لقاءات سابقة وهو الدعاء الذي يتلى بعد زيارة الامام الرضا(ع) حيث ورد فيه: (اني استغفرك استغفار انابة ...). ان هذه السلسلة من الاستغفار، ليست مجرد مفردات يتقدم بها قارئ الدعاء لغفران ذنبه، بل هي مبادئ السلوك السوي على مستوى المعرفة العبادية ومستوى المعرفة المتصلة بالصحة النفسية فلو وقفنا عند المفردات الثلاث المتقدمة وهي الظواهر السلوكية المرتبطة بالندم على ممارسة الذنب والاستغفار منه، نجد ثلاث سمات هي الحياء، الرجاء، الانابة طبيعياً ثمة سمات اخرى متنوعة سنقف عندها لاحقاً ان شاء الله تعالى وكلها تتجانس في دلالاتها السوية وتتمايز في مصاديقها لكننا نرمي في الاشارة في لقائنا الحالي الى هذه السمات النفسية التي رسمها الدعاء للمستغفر حتى نتبين مدى ما يقدمه الدعاء من معطيات ثقافية ومعرفية لقارئ الدعاء بحيث اذا قرأها واعياً وليس غافلاً اسدى بجد نفسه متاثراً بها بحيث يعدل سلوكه ويتجه الى ما هو سوي من السلوك العبادي والنفسي. 
بالنسبة الى المفردة الاولى من سلوك المستغفر هي الحياء ولا نعتقد ان ظاهرة الحياء من حيث دلالتها خافية على قارئ الدعاء غير ان المهم هو صلتها بصدور الذنب من العبد.
اذن: لنتحدث عن الذنب او المعصية حتى نتلمس علاقة الحياء بذلك...
بالنسبة الى الذنب او المعصية ينبغي ان تيأمل قارئ الدعاء هذه الظاهرة بدقة ولا يجتازها عابراً ان كل واع منا يستحي او يخجل من ممارسة عمل سلبي امام الاخر هل يجرؤا احد مثلاً ممارسة الكذب مع يقينه بان المستمع اليه يعرف ذلك؟ اذا كان الامر اننا نخجل من الآخرين وهم بشر ان نمارس بمحضر او بعلم بينهم أي عمل سلبي حينئذ كيف لا نخجل من الله تعالى وهو معنا ويرانا ونعرف تماماً بانه تعالى مطلع على عملنا؟ للمرة الثانية ندعو انفسنا الى التأمل الدقيق حيال ما يصدر من المعاصي منا وهي معلومة عند الله تعالى ثم لنتجه الى ظاهرة الحياء التي وردت فيالاستغفار المذكور لتجد صداها في امثلة هذه الحالة...
مما لاشك فيه ان قارئ الدعاء عندما يقول "استغفرك استغفار حياء ..." حينئذ فان الحياء الذي يتجسد قارئ الدعاء ينبغي ان يكون من السعة بحيث لا يملك نفسه من الافصاح بذلك حتى في نطاق الكلام عنه ... من هنا فان قارئ الدعاء مدعو بان يفكر ساعة قراءته للدعاء بموضوع حيائه من الله تعال عبر استحضاره نمط المعصية واستخصاره لما واكب ذلك من اطلاع الله تعالى عليه ... وحينئذ سوف يدرك دلالة هذه العبارة ونعني بها عبارة انه يستغفره تعالى استغفار حياء استغفار أي انسان يقف امام الله تعالى وليس امام انسان آخر خجلاً مستحياً من الموقف حيث تمزقه مشاعر احاسيس مؤلمة كل الايلام هنا، يتعين علينا ان نفرق بين انماط من الشخصيات التي تتعامل مع المعصية ... فمنها من يمارس المعصية وهو في قمة استنكاره وندمه ... ومنها من يمارس المعصية وهو غير مبال بها ... ومنها من يمارس المعصية وهو فرح بها ... ومن من يتلذذ بها حينما يتذكرها ....
وبالنسبة الى ما نحن بصدده نجد ان الحياء يظل من نصيب الاشخاص النادمين والمستنكرين لعملهم اما المستويات الاخرى نستطيع الذهاب الى انهم اشخاص منحرفون يطلق عليهم في مصطلح علماء النفس الشخصيات اللا اجتماعية او السيكوبائية حيث ينعدم لديهم الاحساس بالمسؤولية وبأنه قيم ايجابية بقدر ما ينطلقون من الذاتية ومن العدوان.
من هنا، فان الحياء لا وجود له البتة لدى هؤلاء وهو اثر يدعونا من جديد الى ان نتأمل بدقة موضوع المعصية وموضوع الاستغفار وموضوع الحياء المرتبط بهذا الموقف.
اخيراً: للمرة الجديدة ينبغي ان نستثمر تلاوتنا لهذا الدعاء وان نصمم على عدم ممارسة المعصية وان نندم على ما مارسناه وان نستحي من الله تعالى ومن ثم ان نتدرب على ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة