البث المباشر

من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).. شرح فقرة "تعلم ما في نفسي"

الأحد 4 أغسطس 2019 - 09:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "تعلم ما في نفسي" من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها أدعية الزهراء (عليها السلام) حيث حدثناك عن احدها (وهو خاص بتعقيبات صلاة العصر)، حدثناك عن ذلك في لقاءات سابقة عبر مقاطع متسلسلة من الدعاء، ووقفنا عند احد مقاطع الدعاء وهو القائل عن احد مظاهر عظمة الله تعالي ونعني به: العلم المطلق له تعالي، ومنها: علمه بما عليه النفوس ومن ثم علمه تعالي بقارئ الدعاء حيث يقول النص: (تعلم ما في نفسي، ولا يخفي عليك شيء من أمري). 
ان هاتين الفقرتين تبدوان وكأنهما بمعني واحد اي: ان قارئ الدعاء يقول مثلاً: مالفارق بين عبارة (تعلم ما في نفسي)، وعبارة (لا يخفي عليك شيء من امري). ان طرح مثل هذه الأسئلة يتسم بأهمية كبيرة، الا وهي: ان قارئ الدعاء يتعين عليه ان يعي ما يقرأ والا ما فائدة ان يسال من الله تعالي ما لا يعرفه من الكلمات التي ينطق بها، هذا من جانب، ومن جانب آخر، يتعين علينا ونحن نتلقي نصوصاً من المعصومين (عليهم السلام) ان نقر اولاً بعصمة الكلام الصادر عنهم اي: ان فاطمة الزهراء (عليه السلام) معصومة، وحينئذ فان كلامها معصوم ايضاً ولذلك فان النظرة الاولية والعابرة بالنسبة الي فقرتي: (تعلم ما في نفسي) و (لا يخفي عليك شيء من امري)، ينبغي الا نتسرع الي الحكم والتساؤل بقدر ما ينبغي ان نمعن النظر في ذلك حتي نكشف الاسرار البلاغية وراء الكلام المعصوم. 
من الواضح، بان عبارة (تعلم ما في نفسي)، تعني: ان الله تعالي يعلم ما يدور في خلد او نفس الشخصية من افكار وتساؤلات، انه تعالي يعلم السر وأخفي، يعلم العلن والسر وهذا ما ينسحب عليه كلامها (عليها السلام) (تعلم ما في نفسي)، وهي عبارة قرآنية نطق بها المسيح (عليه السلام) عندما سأله الله تعالي: «أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ» والمهم هذه العبارة تختلف عن العبارة الثانية التي اوردتها الزهراء (عليه السلام) وهي (لا يخفي عليك شيء من أمري). كيف ذلك؟ 
ان عبارة (تعلم ما في نفسي) تعني - كما اشرنا - الافكار والخواطر والنوايا بينما عبارة (لا يخفي عليك شيء من امري)، تعني: ما هو الاعم من الافكار والخواطر والنوايا، لتشمل مطلق ما عليه الشخصية من امور تتعلق بها. ان الامر قد يكون سؤالاً او مجموعة حاجات وقد يكون اموراً لا يعيها الشخص أو لا يلتفت الي ما ينتج خلالها من عواقب وأثار، أو حتي مطلق سلوك الشخصية، حيث نعرف تماماً ان الله تعالي وهو ذو الرحمة التي لا حدود لسعتها، يحقق حاجات للانسان قبل ان يسألها، ويرد عنه السوء دون ان يعلم الشخص بذلك، ويوفقه الي ممارسات لو يحتسبها، ولذلك ورد عنهم (عليهم السلام) بما معناه: كن لما لا ترجوه اكثر مما ترجوه، فان موسي (عليه السلام) ذهب ليطلب الدفأ لزوجته، واذا به يتسلم (النبوة) وهي اعلي موقع عبادي: كما هو واضح. 
اذن عبارة (لا يخفي عليك شيء من أمري)، هي اوسع واشمل واعم من عبارة (تعلم ما في نفسي) بالشكل الذي اوضحناه. 
بعد ذلك نواجه عبارة (وقد سعيت اليك في طلبتي، وطلبت اليك في حاجتي، وتضرعت اليك في مسألتي) ان هذه الفقرات الثلاث، تظل كسابقتها مثار تساؤل عن الفارق بين دلالاتها. 
فهناك اولاً مصطلح (طلبت) ومصطلح (سعيت) ومصطلح (تضرعت) وكلها تعبير عن السؤال لله تعالي. 
كما ان هناك مصطلح (طلبتي) ومصطلح (حاجتي) ومصطلح (مسألتي)، حيث ان القارئ العابد قد يخيل اليه ان (طلبت) و(سعيت) و (تضرعت): كلها بمعني واحد، او يخيل اليه ان (طلبتي) و (حاجتي) و (مسألتي)، ايضاً بمعني واحد، الا ان التدقيق في هذه المصطلحات تقتادنا الي القول بان لكل مصطلح دلالته المتفاوتة عن المصطلحات الاخرى كما انها - من جانب آخر - مشتركة في دلالاتها العامة، اي: ثمة دلالات مشتركة بين العبارات المتقدمة، وفي نفس الوقت ثمة دلالات متفاوتة بينها (علي نحو ما سنحدثك عنها في لقاء لاحق ان شاء الله تعالي). 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة