البث المباشر

الشاعر ذي الرمة ۲

الإثنين 15 يوليو 2019 - 11:28 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم. تحايا محملة بشذى الشعر وعطر القوافي نبعثها اليكم على مركب القصائد عبر برنامجكم المتجدد سير القصائد وكلنا امل أيها الأحبة في أن تمضوا معنا أطيب الدقائق وأحلى الأوقات، رافقونا.
المحاورة: ما زلنا نتفيء ظلال شعر الشاعر ذي الرمة، الشاعر الذي تبوء مقعده بين الشعراء الآخرين القريبي العهد بالعصر الجاهلي والساعر الذي يمثل الشعر الأخير خير تمثيل من حيث الشكل والألفاظ والمعاني والمباني كما يقول نقاد الشعر القدامى ومازلنا نجول بين رحاب قصيدته ذات النفس الطويل ولاندري هل نقول إنه يتغزل في صاحبته مية او الخرقاء كما يسميها، فمن الصعب أن نقرر ذلك خاصة وأن الطابع العام للقصيدة هو الشجن والتعبير عن الآلام والهموم التي حاصرت روح الشاعر وقلبه وهو يقف امام المواضع التي تثير في نفسه ذكرى الحبيب وأيامه الجميلة السالفة حيث كان الزمان يجود بالوصال ولم يكن يخطر على بال الشاعر أن الزمان هذا سيقلب له ظهر المجن فيحول ذلك الوصال الى لوعة للفراق تكوي القلب وتعتصره وتهيج الشجن وتصب الحسرات على القلب حتى تجري الدموع همالة لتسقي أطلال ديار الحبيب بل دممه. فلنستمع معاً أيها الأحبة الى بعد هذا الفاصل الى المقاطع الشعرية من أشعار الشاعر ذي الرمة.

تلك التي تيمت قلبي فصار لها

من وده ظاهر باد ومكتوم

للجن بالليل في حافاتها زجل

كما تناوح يوم الريح عيشوم

يجلى بها الليل عنا في ملمعة

مثل الأديم لها من هبوة

كأن أدمانها والشمس جانحة

ودع بأرجاءها فض ومنظوم

من الطنابير يزهى صوته ثمل

في لحنه عن لغات العرب تعجم

كأن رجليه رجلا مقطف عجل

اذا تجاوب من برديه ترنيم

هيهات خرقاء إلا أن يقربها

ذو العرش والشعشعانات العياهيم

هل تدنيك من خرقاء ناجية

بين الأشاء تعلاه العياجيم


المحاورة: أطيب واحلى التحيات لكم من جديد مستمعينا الأفاضل وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. معنا في الستوديو خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان الذي تقبل دعوتنا للحضور مشكوراً، اهلاً ومرحباً بكم دكتور.
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: حياكم الله وحيا المستمعين الكرام وأنتم أهلاً لن تقبل دعوتكم
المحاورة: شكراً لكم دكتور اهلاً بكم مرة اخرى. دكتور نرجو أن تكملوا حديثكم الذي بدأتموه حول شاعر الدمن والأطلال إن صح التعبير ذي الرمة والخصوصيات التي ميزته عن سائر الشعراء في عصره.
الشحمان: نعم بالاضافة الى أنه خصص معظم شعره لهذه المقدمات التي يقف بها عند الأطلال والدمن حتى لكأنه شاعر جاهلي رغم أنه عاش في العصر الأموي، نستطيع ايضاً أن نصفه بأنه كان شاعر الغزل او بالأحرى كان شاعرة مية يعني يمكن القول إن ثلاثة أرباع قصائده في صاحبته هذه التي انشد فيها الكثير من القصائد. وعادة هناك شيء يحرك قريحة الشاعر في حياته، هناك تجربة معينة.
المحاورة: تجربة عاطفية ربما
الشحمان: بعض الشعراء لهم تجربة عاطفية، بعض الشعراء متعلقين مثلاً بأمهم او أبيهم او حدثت حادثة معينة في حياتهم أثرت تأثيراً عميقاً عليهم ولونت أشعارهم بتلك الحادثة. أما بالنسبة لذي الرمة، بالمناسبة الرمة تعني القطعة من الحبل ولهذا اللقب قصة مع صاحبته يقال إنه أراد أن يستسقي الماء فوجد عند الماء امرأة وطلب منها أن تسقيه الماء فقامت وأتته بالماء وفي هذه اللحظة كان يضع الشاعر على كتفه رمة أي قطعة من الحبل فخاطبته بهذا اللقب فقالت اشرب يا ذا الرمة فيقال إنه منذ ذلك الحين عرف بهذا اللقب. وهناك قصص اخرى تذكر في تفسير لقبه بهذا اللقب. بالاضافة الى القصيدة التي تفضلتم بإنشادها من أشهر قصائده في مية التي وصفها في تلك القصيدة بالخرقاء هي القصيدة التي تبدأ بقولها:

ما بال عينك منها الماء ينسكب

كأنه من كلا مفرية سرب

وفراء غرفية أثئا خوارزها

مشلشل ضيعته بينها الكتب

أستحدث الركب عن أشياعهم خبراً

أم راجع القلب من اطرابه طرب

من دمنة نسفت عنها الصبا

سفعاً كما تنشر بعد الطية الكتب


الشحمان: نلاحظ تأثير القرآن الكريم في الشطر الأخير من البيت الأخير كما تنشر بعد الطية الكتب، "يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب". على كل حال هذه القصيدة تعد من أشهر القصائد او نستطيع القول إنها من أشهر القصائد التي قالها في محبوبته مية حتى عرف الشاعر بأنه من الشعراء العشاق بالاضافة الى شعراء آخرين من مثل امرئ القيس وكثير وغيرهم. حكايته مع هذه المرأة تبدأ عندما سمعها تقول:

يامن يرى برقاً يمر حينا

زمزم رعداً وإنتحى يميناً

كأن في حافاته حنيناً

او صوت خيل ضمر يردينا


الشحمان: وهو رجز فعجب الشاعر بها وقال والله ليطولن هيامي بها ثم إنطلق منشداً شعره فيها منذ تلك اللحظة وأصبحت هذه المرأة ملهمته في الشعر منذ ذلك الوقت ..
المحاورة: نعم هذه العلاقة الحميمية جعلت الشاعر ..
الشحمان: نعم هي كانت علاقة عفيفة ولاأدري هل إنتهت بالزواج والنهاية الطبيعية التي من المفترض أن تنتهي بها ولكننا على كل حال نذكر هذه القصة ونؤكد عليها بإعتبارها ملهمة للشاعر وبإعتبارها ساعدته في الإبداع..
المحاورة: نعم ساعدت قريحته الشعرية.
الشحمان: نعم وأنشد أشعاراً جميلة جمعت بين الفخامة والجزالة وبين هذا الموضوع الذي يتطلب الرقة واللطافة في التعبير. لاأدري هل تبقى من الوقت؟
المحاورة: نعم على مايبدو شارفنا على اللحظات الأخيرة دكتور، فقط اذا تسمحوا لنا نواصل معاً مواصلة تطوافنا بين رحاب أشعار ذي الرمة بعد هذا الفاصل
الشحمان: ياحبذا
المحاورة: شكراً جزيلاً لإيضاحاتكم، شكراً لكم دكتور
الشحمان: حياكم الله بارك الله بكم
*************************

جاد الربيع له روض القذاف

اذا قوين وإنعذلت عنها الأصاريم

حتى كسا كل مرتاد له خضم

مستحلس مثل عرض الليل يحوم

وحف كأن الندى والشمس

ماتعة اذا توقدت في أفنانه التوم

ما آنست عينه عيناً يفزعه

مذ جاده المكفرهات اللهاميم

حتى إنجلى البرد عنه وهو محتقر

عرض اللوى زلق المتمين مذموم

تبنيه بالمور مهياف يمانية

هوجاء فيها لباقي الرغد تجريم


المحاورة: مستمعينا الأفاضل وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد. في النهاية نشكر الضيف الكريم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، شكراً لكم دكتور
الشحمان: وأشكركم على حسن الاستضافة
المحاورة: شكراً لهذه الايضاحات والأضواء التي سلطتموها على شخصية الشاعر ذي الرمة. شكراً لكم مستمعينا الأفاضل حتى الملتقى أطيب المنى.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة