البث المباشر

الشاعر ذو الرمة

الإثنين 15 يوليو 2019 - 11:27 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل محبي الأدب وعشاق القوافي أينما كنتم السلام عليكم. يسرنا أن نجدد اللقاء بكم بين دروب الشعر العربي لنجوب آفاقه ونستجدي فضاءاته ونعيش لدقائق من يومنا نتناسم عبيره ونستشم شذاه ونشبع منه الذهن والروح عبر ما جادت له قريحة ناظميه على مر العصور. تعالوا معنا أيها الكرام لنستقل مركبة الشعر لنرى أين ستنطلق بنا هذه المرة.
المحاورة: أيها الأحبة قصيدتنا التي نتناول أطرافها ونعيش بين جنباتها ونتملى أبياتها في هذا الأسبوع هي قصيدة مطولة مجودة من العصر الأموي الذي ما زلنا نتردد فيه ونجول في دائرته من دون أن يسمح لنا شعراءه بالخروج منه لعظم هؤلاء الشعراء وروعة ما جادوا به شكلاً ومضموناً وتذكير أشعارهم لنا بفخامة شعر شعراء العصر الجاهلي ورصانته ومكانته وفصاحته وبلاغته، إنها قصيدة شاعر المطولات والشاعر الذي لطالما بكى على الديار والدمن وأبدى لوعته من فراق محبوبته التي بعدت الشقة بينه وبينها. وكان نصيب هذا الحب لها أن يقبر وهو في المهد ويبدو أن شاعرنا ذا الرمة يذكر في قصيدته هذه المحملة بشجون الحب والفراق وطول المسافات صاحبته بإسم الخرقاء. فيبدأ قصيدته هذه بمقدمة فيها الكثير من الشجن والهموم التي تعتصر القلب ثم الأماني بعودة الوصال وزمن لم الشمل الجميل فتنطلق عقيرته بالزفرات قائلاً:

أأن ترسمت من خرقاء منزلة

ماء الصبابة من عينيك مسجوم

كأنها بعد أحوال مضين لها

بالأشيمين يمام فيه دفيم

أودى بها كل عراف ألست بها

وجافل من عجاج الصيف مهجوم

ودمنة هيجت شوقي معالمها

كأنها بالهدملات الرواسم

منازل الحي اذ لاالدار نازحة

بالأصفياء واذ العيش مذموم

كابت بها العين تنبو طبتها

معارف الدار والجون اليحاميم

هل حبل خرقاء بعد الهجر مرموم

مخافة الرمي حتى كلها هيم

أم نازح الوصل مخلاف بشيمته

لونان منقطع منه فمفروم

لاغير أنا كأنا من تذكرها

وطول ما قد نأتنا نزع هيم

تعتادني زفرات حين أذكرها

تكاد تنفض منهن الحيازيم

كأنني من هوى خرقاء مطرف

داني الأظل بعيد السأو مهيوم

دان له القيد في ديمومة قذف

قينيه وإنحصرت عنه الألاعيم

هام الفؤاد لذكراها وخامره

منها على عدواء الدار تسقيم

كما أقول إرعوى إلا تهيضه

حظ له من خبال الشوق مقسوم


المحاورة: أبيات جميلة مؤثرة قدمها لنا الشاعر ذو الرمة على طبق من فصاحته وبلاغته وقدرته الفذة على رسم الصور الذاتية عن الحالة التي كانت تعتريه كلما ذكر الحبيب والأيام السالفة وهذا ما يميز الشاعر في معظم قصائده. على أن ضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره في الستوديو قد يكون له رأي آخر في هذا الشاعر وأسلوبه وخصائصه. نرحب بكم دكتور السلام عليكم ورحمة الله
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. انا ايضاً أذهب الى ماذهبتم اليه في تقييمكم لشخصية ذي الرمة وشعره ولكن أضيف الى أن الشاعر ذو الرمة يعتبر من الشعراء الذين تميزوا بالبلاغة والفصاحة وهو يكاد يكون أشبه الشعراء بالطريقة الجاهلية من حيث بداية القصيدة ومن حيث الحبكة والنسيج اللغوي الذي لم شمل قصائده. بالتأكيد أنتم والمستمعون الكرام لاحظتم ذلك من خلال الأبيات التي تفضلتم بإنشادها..
المحاورة: نعم كلها مرتبطة بالبعض..
الشحمان: نعم متراصة ومتماسكة ورغم انه كان يعيش في العصر الأموي إلا أنه كان متأثراً الى حد كبير جداً بطريقة الشعراء الجاهليين وإن كنا لم نعرف هذا الشاعر وسمعنا شعره لشككنا أنه من الشعراء الجاهليين، الى حد أن علماء اللغة وعلماء النحو كان يستشهدون بأشعار هذا الشاعر نظراً الى فصاحتها وبلاغتها وإلتزام الشاعر الدقيق بالقواعد اللغوية في نظم قصائده وأشعاره. اذا أردنا أن نعرف بهذا الشاعر نقول إن ذو الرمة هو لقب له وإن شاء الله اذا سنحت لنا الفرصة سنذكر سبب تلقيبه بهذا اللقب، أسمه غيلان بن عقبة العدوي. ولد سنة ۷۷ من الهجرة النبوية الشريفة ومن ناحية النسب يعود الى قبيلة مضر الكبيرة ويعتبر من شعراء العصر الأموي وصنفه الناقدون بأنه كان من فحول شعراء الطبقة الثانية في عصره، كان شعره يغلب عليه الطابع البدوي وهو بالفعل كان يقيم في البادية ولكنه كان يتردد على بعض المدن من مثل اليمامة والبصرة. من المضامين الشعرية التي غلبت على أشعاره، اذا ذكر ذو الرمة يذكر شعر الغزل عادة او ما أصطلح عليه شعر في نقد الشعر بالتشبيب والبكاء على الأطلال وكما ذكرنا هو ذهب مذهب الشعراء الجاهليين وأكثر من شعر التغزل بامرأة تدعى ميم كما نلاحظ في أشعاره تعشقه للصحراء وللطبيعة، لذاك أشعاره تضمنت الكثير من ملامح الطبيعة والصحراء. من ضمن الأغراض الأخرى التي أجاد فيها هذا الشاعر والتي تلفت النظر في أشعاره هو المدح ولكنه لم يكن يركز على المدح إلا في بداية القصيدة ثم يستطرق الى مواضيع اخرى. من المواضيع الأخرى المحببة الى نفسه من مثل الغزل كما ذكرنا هو وصف الطبيعة، وصف الصحراء والابل او الناقة التي كان يسافر بواسطتها. استطاع هذا الشاعر الكبير أن يحافظ على سلامة اللغة العربية الأصيلة...
المحاورة: هناك بعض التعابير الصعبة ايضاً في شعره
الشحمان: نعم هناك الكثير من التعابير الصعبة التي تذكرنا بالتعابير الجاهلية والتي كان يستخدمها الشعراء الجاهليون وكانت تعتبر ولكنها لم تكن بتلك الصعوبة التي نتصورها وإنما مرور الزمن والمسافة التي تفصل بين العصر الأموي والعصر الجاهلي أسهمت بعض الشيء في وضوح المعاني التي كان يطرحها من خلال أسلوبها فأشاد به الكثير من علماء اللغة ونقاد الشعر من مثل أبي عمرو، أبي العلاء حتى قيل فيه فتح الشعر بإمرء القيس وختم بذي الرمة يعني اذا دققنا في قوله يريد القول إن الشعر الجاهلي والبليغ بدأ بإمرء القيس وختم بهذا الشاعر. وايضاً قال عنه الشاعر الكبير جرير صاحب النقائض يقول:

لو خرس ذو الرمة بعد قصيدته

ما بال عينك منها الماء ينسكب


الشحمان: وهي قصيدة أخرى تعتبر من الروائع الشعرية لهذا الشاعر يقول لو سكت ذو الرمة لكان أشعر الناس. سوف نواصل حديثنا إن شاء الله عن هذا الشاعر في اللقاء القادم بإذن الله.
المحاورة: حديث شيق ولكن الوقت لايسمح لنا بالمزيد حول هذا الشاعر وإن شاء الله سنتحدث عنه اكثر وأكثر في الحلقة المقبلة من البرنامج.
الشحمان: إن شاء الله
المحاورة: الشكر لكم موصول دكتور وشكراً لكم مستمعينا الأفاضل على طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد حتى الملتقى أطيب المنى.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة