البث المباشر

دور الاحتجاجات والقيام الحسيني المقدس في الدعوة الى إحياء السنة النبوية

الثلاثاء 28 مايو 2019 - 14:13 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته..
أهلاً بكم في الحلقة الثالثة عشر من هذا البرنامج نخصصها لموضوع دور الإحتجاجات والقيام الحسيني المقدسة في الدعوة الى إحياء السنة النبوية وإماتة البدعة الأموية بجميع أشكالها وصورها المتجددة في كل عصر..
ونستضيف في لقاء اليوم سماحة الشيخ نعمة العبادي الباحث الإسلامي من العراق وهو يشاركنا في بيان أبعاد هذا الموضوع.. والبداية – أحباءنا – هي من فقرات الزيارة الجامعة تشير الى هذا الأمر فنخاطب بها الحسين وسائر أهل بيت النبوة المحمدية قائلين:
"اَشْهَدُ اَنَّكُمُ الاَئِمَّةُ الرّاشِدُونَ الْـمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ الْمُطيعُونَ للهِ، الْقَوّامُونَ بِاَمْرِهِ، الْعامِلُونَ بِاِرادَتِهِ، الْفائِزُونَ بِكَرامَتِهِ، اصْطَفاكُمْ بِعِلْمِهِ، وَارْتَضاكُمْ لِغَيْبِهِ، وَاخْتارَكُمْ لِسِرِّهِ، وَاجْتَباكُمْ بِقُدْرَتِهِ، وَاَعَزَّكُمْ بِهُداهُ، وَخَصَّكُمْ بِبُرْهانِهِ، وَانْتَجَبَكُمْ لِنُورِهِ، وَاَيَّدَكُمْ بِرُوحِهِ، وَرَضِيَكُمْ خُلَفاء فى اَرْضِهِ، وَحُجَجاً عَلى بَرِيَّتِهِ، وَاَنْصاراً لِدينِهِ، وَ حَفَظَةً لِسِرِّهِ، وَخَزَنَةً لِعِلْمِهِ، وَمُسْتَوْدَعاً لِحِكْمَتِهِ، وَتَراجِمَةً لِوَحْيِهِ، وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِهِ، وَشُهَداءَ عَلى خَلْقِهِ، وَاَعْلاماً لِعِبادِهِ، وَمَناراً فى بِلادِهِ، وَاَدِلاّءَ عَلى صِراطِهِ، عَصَمَكُمُ اللهُ مِنَ الزَّلَلِ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَطَهَّرَكُمْ مِنَ الدَّنَسِ، وَاَذْهَبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَكُمْ تَطْهيراً".
أيها الإخوة المؤمنون، حينما تظلم الحقائق وتخفى، لا سيما الحقائق الإلهية التي أراد الله تعالى لها أن تظهر وتشيع كفضائل النبي وآل النبي، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، فلابد من صوت سماوي يصدع بها، ويعرض بالمجتني عليها، في احتجاج برهاني، إحقاقاً للحق وإزهاقاً للباطل، ووضعاً للناس أمام المحجة البيضاء، وتعييناً لتكليفهم في الإعتقاد والموقف، وانتصاراً لحرم الله جل وعلا.
جاء في تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام – أيها الإخوة والأعزة – عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام قوله في ظل قوله تعالى " وَآتَى الزَّكَاةَ " (سورة البقرة:۱۷۷)
"الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين، فإن لم يكن له مال يزكيه، فزكاة بدنه وعقله، وهو أن يجهر بفضل علي والطيبين من آله إذا قدر.. "
أجل – إخوتنا الأفاضل – لا سيما إذا أريد لفضائلهم صلوات الله عليهم أن تنسى، أو أن تمحى، فيكون إظهارها واجباً في الإحتجاج وإثبات الحجج.. وهذا هو الذي تعرضت له كلمات الإمام الحسين سلام الله عليه في نهضته المباركة:
روى ابن عساكر الدمشقي الحنفي في (تاريخ مدينة دمشق)، والخوارزمي الحنفي في (مقتل الحسين عليه السلام) أن أباعبدالله سلام الله عليه وقف أمام أعدائه الذين جاؤوا لقتله يعرفهم نفسه المقدسة إلزاماً عليهم الحجة البالغة أولاً، وعسى أن يرعووا عن جريمتهم العظمى التي أقدموا عليها والتي سترديهم في أعظم العذاب وأشده ثانياً، فقال لهم من رحمته بهم، صلوات الله عليه: "أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم فعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي؟! ألست ابن بنت نبيكم،وابن وصيه وابن عمه، وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه.. أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟!".
ونمضي مع الإمام أبي عبدالله الحسين سلام ربنا عليه، فنجده يعرف ويبين، وهو يريد للأمة أن تستيقظ وتعلم ما هو تكليفها، وأين ينبغي عليها أ، تضع أقدامها، على أي طريق وخلف من؟ وقد أوضح الحسين صلوات الله عليه كل ذلك في بيانات إحتجاجية قامت عليهم بالحجج البينات:
كتب الخوارزمي في (مقتل الحسين عليه السلام): أن الحسين وقبل أن يغادر وطن جده رسول الله صلى الله عليه وآله، وقف عند قبره، وأخذ يناجي ربه قائلاً:
"اللهم إن هذا قبر نبيك محمد صلى الله عليه وآله، وأنا إبن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت. اللهم إني أحب المعروف وأنكر المنكر، وأسألك يا ذاالجلال والإكرام، بحق القبر ومن فيه، إلا اخترت لي ما هو لك رضى، ولرسولك رضى "
وكتب – سلام الله عليه – في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية فيما كتبه: "وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله.. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر، حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين".
فيما ذكر الطبري في (تاريخه) أن الحسين أرسل كتاباً الى أهل البصرة جاء فيه:
"وأنا أدعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه، فإن السنة قد أميتت، والبدعة قد أحييت، فإن تسمعوا قولي أهدكم الى سبيل الرشاد".
أما ابن كثير في (البداية والنهاية) فقد نقل أن الإمام الحسين صلوات الله عليه كتب رسالة جوابية جاء فيها: "أما بعد؛ فإنه لم يشاقق الله ورسوله من دعا الى الله عزوجل وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، وقد دعوت الى الإيمان والبر والصلة، فخير الأمان أمان الله، ولن يمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا".
ويوم سأله رجل عن معنى قوله تعالى: "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" (سورة الإسراء:۷۱ )
أجابه عليه السلام بقوله: "إمام دعا الى هدىً فأجابوا إليه، وإمام دعا الى ضلالة فأجابوا إليها: هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وهو قوله تعالى "فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" (سورة الشورى:۷)
هذا ما ذكره الشيخ الصدوق في (أماليه)، وأما ما ذكره ابن الأثير في (الكامل في التاريخ)، فهو جواب الحسين عليه السلام لأهل مكة، حيث كتب إليهم يعرفهم قائلاً: "فلعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب، والآخذ بالقسط، والداين بالحق، والحابس نفسه على ذات الله".
وخطب صلوات الله عليه في جيش الحر بن يزيد الرياحي يوم التقى به في مسيره الى كربلاء، فقال لهم فيما قاله: "أيها الناس، إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله، يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله، أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم، انصرفت عنكم".
أعزاءنا مستمعي اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران في الدقائق التالية من حلقة اليوم من برنامجكم الاحتجاجات الحسينية نستمع معاً لحديث ضيفنا الكريم سماحة الشيخ نعمة العبادي الباحث الاسلامي من العراق عن موقعية الدعوة لإحياء السنة المحمدية وإماتة بدع الأمويين وغيرهم من ائمة الضلال في القيام الحسيني المقدس، نستمع معاً.
العبادي: عظم الله أجورنا وأجوركم بعاشوراء الحسين سلام الله عليه. لاشك أن الامام الحسين سلام الله عليه منذ اللحظات الأولى سار في مسلك المواجهة وكشف منهج التضليل والانحراف الأموي ومن قبله كان الامام امير المؤمنين سلام الله عليه ومن قبله الامام الحسن سلام الله عليه. الامام امير المؤمنين والامام الحسن سارا بمنهج كشف تضليل المنهج الأموي الذي حاول أن يؤسس الى دين جديد داعياً ومتذرعاً الى أن هذا الدين هو الدين المحمدي وأن هذا من وصايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبدأوا الهجوم تحت مظلة معاوية خال المؤمنين وغير ذلك من التوصيفات. اول إحتجاج مهم أثاره الامام الحسين سلام الله عليه عندما دعي الى المبايعة في المدينة وقيل له بايع يزيد لتسلم قال الامام الحسين سلام الله عليه "مثلي لايبايع مثله" بمعنى من المعاني أن المنهج الذي انتمي اليه لايمكن أن يلتقي مع المنهج الذي يلتقي اليه يزيد. وهكذا تواترت كلمات الامام الحسين سلام الله عليه لتؤكد أن الأساس لخروجه هو الاصلاح في أمة جده رسول الله وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لأن سنة النبي ونهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرفه آل أمية وهكذا عطلوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصبح امراً مباحاً لذلك الامام الحسين سلام الله عليه في محاججة اخرى بين للناس "ألا تنظرون الى المعروف لايؤمر به والى المنكر لايتناهى عنه" واستمرت هذه الاحتجاجات الحسينية حتى اللحظات الأخيرة والحسين سلام الله عليه لايحتج على هؤلاء القوم بعناوين شخصية بل يحتج على القوم بمتطلبات الايمان وموجبات الاسلام ويبين أن هذا الطريق وهذا النهج وهذا المسلك الذي يسلكونه وهذا النظام من الحكم وهذه الادارة القائمة على أساس التقتيل وتعطيل الفرائض وإشاعة الفحشاء والمنكر وتربية وتكوين طبقات من الإنتهازيين وقطاع الطرق على الناس وعلى الله تعالى والمستأثرين بالمال والسلطة، قبال ذلك الجور والفقر والحرمان والتقتيل والإبعاد والإقصاء والمحاربة لغرض الاختلاف على الرأي. كل هذه المظاهر الامام الحسين عليه السلام كان يواجهها سواء في خطاباته المتعددة في الطريق او في مقابلاته او في مواجهاته او حتى في نفس عملية الاستشهاد التي قام بها، عملية الاستشهاد هي عملية تفجير للضمير الذي استطاع الخوف والتنكيل أن يصمت هذا الضمير، الامام الحسين سلام الله عليه اراد أن يستفز الضمير العام الذي إنتابه السكوت والسبات جراء التقتيل وجراء الضغط الأموي وجراء سياسة الترغيب والترهيب ليعيد الأمة الى حياة الحيوية وحياة المواجهة وبالتالي أشعل شرارة الرفض لكل منهج مختوم وأسس لمنهج الاستقامة وبين ما أريد أن يكون من السنة المحمدية الصحيحة مقابل التأسيس لسنة او لمنهج أموي منحرف لاينتمي للاسلام لامن قريب ولامن بعيد.
المحاورة: كانت هذه توضيحات سماحة الشيخ نعمة العبادي فشكراً له ونتابع الحديث عن القيام الحسيني وإحياء السنة المحمدية وإماتة البدع التي اوجدها طواغيت بني امية.
كانت هذه أيها الأفاضلن توضيحات سماحة الشيخ نعمة العبادي، فشكراً له، ونتابع الحديث عن القيام الحسيني وإحياء السنة المحمدية وإماتة البدع التي أوجدها طواغيت بني أمية، فقد أبطلت الإحتجاجات الحسينية كل الإدعاءات والمدعيات، وخيبت كل أماني المدعين الذين أرادوا تبرير انحرافاتهم وزيغهم عن سبيل الحق، وهو يومها سيد شباب أهل الجنة أبوعبدالله الحسين بن علي وابن فاطمة، وسبط رسول الله وريحانته صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، وهو من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي..
جاء في (الكافي الشريف) للكليني، و(بصائر الدرجات) للصفار القمي، أن رجلاً لقي الحسين بالثعلبية وهو في طريقه عليه السلام الى كربلاء، فسأله الحسين:
"من أي البلدان أنت؟" قال الرجل: من أهل الكوفة، فقال له الإمام عليه السلام:
"يا أخا أهل الكوفة، أما والله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل من دارنا، ونزوله على جدي بالوحي، يا أخا أهل الكوفة، مستقى العلم من عندنا، أفعلموا وجهلنا؟ هذا ما لا يكون!".
وهكذا – أيها الإخوة الأكارم – تتوالى الحجج الحسينية في صيغ إحتجاجية متعددة ومتنوعة، تعريفية إلزامية، بيانية إستدلالية، شرعية حكمية.. فقد جاء في (تاريخ الطبري) و(الكامل في التاريخ) لإبن الأثير، أن الإمام الحسين خطب في أصحاب الحر الرياحي، فكان من خطابه عليه السلام فيهم قوله:
"أيها الناس، إن رسول الله قال: "من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرام الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله"، ثم قال عليه السلام:
"ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق ممن غيّر [أي أحق بالخلافة من هؤلاء المحرفين].. وقد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن أتممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم.. فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم، ولكم فيّ أسوة.."
فأي احتجاج مطبق على الحق ذاك، وأي حجة بالغة ملزمة تلك؟!
والنتيجة المحورية التي نخلص لها من كل ما تقدم أيها الأفاضل، هي أن القيام الحسيني المقدس قد هدى أجيال المسلمين الى أن سبيل نجاتهم يكمن في اتباع السنة النبوية النقية التي يحفظها لهم أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – والبراءة من بدع طواغيت الأمويين وأئمة الضلال.
وبهذا ننهي أيها الأكارم الحلقة الثالثة عشر من برنامجكم (الإحتجاجات الحسينية) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله منكم الإصغاء والمتابعة ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة