البث المباشر

عبد الرحمان بن عقيل

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 14:39 بتوقيت طهران

وقامت رجال للمنايا .. فأرخصوا

نفوساً زكت في المجد غرساً ومنبعا

تفرع من عليا قريش فإن سطت

رأيت أخا ابن الغاب عنها تفرعا

بدور زهت افعالهم كوجوههم

فسرتك مرأى إذ تراها ومسمعا

أبوا جانب الورد الذميم وأشرعوا

مناهل أضحى الموت فيهن مشرعا

فاكسبها المجد المؤثل أبلج

غشى نوره جنح الدجى فتقشعا

فتنثر أوصال الكميّ سيوفها

وتنظم بالرمح الطويل المدرّعا

الى ان ثووا صرعة الغداة كأنهم

ندامى سقوا كأساً من الراح مترعا

ينساب نسب آل هاشم من جدهم ابراهيم الخليل (سلام الله عليه)، أصولاً وديانة، فهم على ملته وهو سماهم المسلمين، فعاشوا أحنافاً موحدين، وتواصلوا مع النبوات والرسالات والوصايات الالهية الشريفة، فجاء نسلهم يحمل اعراق الايمان والاخلاق السامقة، فشهد لنا الناس في عمرو العلى هاشم، وعبد المطلب وأبي طالب رضوان الله تعالى عليهم، ثم أشرقت النبوة في المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله)، والامامة في عليّ أمير المؤمنين من نسل الصديقة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، صلوات الله عليهم أجمعين.
وكان في نسل أبي طالب اعراق شريفة نابضة بالغيرة والشهامة والعزّ والشرف العتيد، سيدهم الامام علي سيد الوصيين، وكان اخوته عقيل وطالب والشهيد جعفر الطيار قد نشأوا في تلك الاسرة الطالبية الكريمة وأما أولادهم وذراريهم، فقد كتب التاريخ فيهم صفحات مجد مشرقة، شارك منهم عدد كبير في واقعة عاشوراء العظمى حتى استشهدوا، وهم اولاد امير المؤمنين، وسيدهم أبو عبد الله الحسين، وأولاد الحسن والحسين، وأولاد عقيل وجعفر، وأولاد مسلم بن عقيل.
وكان فيهم رجل شهم نال شرفاً سامياً، ذلك هو عبد الرحمان بن عقيل بن ابي طالب (رضوان الله عليهم) جميعاً، الذي ورد ذكره في (كامل الزيارات) لابن قولويه، و(الارشاد) للشيخ المفيد، و(مقاتل الطالبيين) لأبي فرج الاصفهاني و(مقتل الحسين (عليه السلام)) للخطيب الخوارزميّ الحنفيّ، فما أمر هذا الشهيد السعيد يا ترى، وكيف كانت شهادته.
الاجابة عن هذا التساؤل نوكلها لما بعد الاجابة عن سؤال آخر هو عن سر تفاني هؤلاء الابطال الهاشميين في نصرة الحسين (سلام الله عليه) يوم عاشوراء، هل هو ناشئ من تعصب نسبي أم غيرة قيمية؟

*******

عن هذا التساؤل يجيبنا خبير برنامج (آل هاشم في طف كربلاء) سماحة الشيخ باقر الصادقي في الحديث الهاتفي التالي:
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين، في الحقيقة ثبات بني هاشم وموقفهم ليس موقفاً نتيجة النسب، يعني هذا التعصب ليس تعصب نسبي، وانما في الحقيقة هو عن ايمان بالمبادئ والاهداف وان الامام لابد ان يطاع ولابد ان ينصر ولا يخذل، ربما نستشهد بموقف ابي الفضل العباس (سلام الله عليه) حينما قطعت يمينه قال: "والله ان قطعتم يميني اني احامي ابداً عن ديني وعن امام صادق اليقين"، لم يقل عن اخي، ان العباس اخ الحسين ولكن قال: "اني احامي ابداً عن ديني وعن امام صادق اليقين، فاذن هذه الحمية وهذه البسالة ليست في الحقيقة نتيجة التعصب وانما عن ايمان وعن يقين وعن بصيرة، ومن هنا ورد في زيارته اشهد انك قد مضيت على بصيرة من امرك، مقتدياً بالصالحين، هكذا ورد في مسلم بن عقيل في زيارته: اشهد انك مضيت على بصيرة من امرك اشهد انك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله، فاذن هذه المواصفات تكشف ان تعصب الهاشميين في نصرة الامام الحسين ليس تعصباً نسبياً وانما من مبادئ وقيم، ولابد للامة من ان تنصح وتطيع ولي امرها، وفي ذلك اليوم كان الامام الحسين هو المفترض الطاعة وهو الذي ينبغي ان تضحى وتبذل الانفس والارواح دونه صلوات الله عليه وعلى المستشهدين بين يديه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

*******

اذن فالواضح من حديث سماحة الشيخ باقر الصادقي أن ما تجلى في الهاشميين يوم عاشوراء من نصرة لسيد الشهداء الحسين (عليه السلام) كان غيرة ايمانية وتوحيدية منزهة عن التعصبات القبلية بجميع صورها وبعد اتضاح هذه الحقيقة نعود الى شهيد هذه الحلقة من برنامج آل هاشم في طف كربلاء وهو السعيد عبد الرحمان بن عقيل (رضوان الله عليه) فمن هو وكيف استشهد؟
أما النسب، فهو عبد الرحمان بن عقيل بن ابي طالب بن عبد المطلب شيبة الحمد، ابن هاشم (عمرو العلى)، ابن عبد مناف. وهو أخو الشهيد مسلم بن عقيل، الذي غُدر به في الكوفة فاستشهد فيها، وأخو الشهيدين بكربلاء: جعفر بن عقيل، وعبد الله الاكبر بن عقيل. وأما زوجة عبد الرحمان بن عقيل فهي خديجة بنت الامام علي امير المؤمنين (عليه السلام) ابنة عمه وأمه، قيل: هي أم ولد.
خرج عبد الرحمان من المدينة فيمن خرج من آل ابي طالب مع امامهم وسيدهم أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، ورافقه الى مكة المكرمة، مقيماً فيها اشهراً. ثم كان الرحيل الى العراق، الى ارض كربلاء، ثم كان يوم عاشوراء، وكانت الملحمة الكبرى في الطفوف، وكانت حملة آل ابي طالب حينها هجموا هجمة واحدة، فوقع فيها عدة منهم شهداء اوفياء،مضرجين بدماء العزّ والتضحية والفداء، فيهم عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، ومحمد بن عبد الله أخوه، وجعفر بن عقيل، ومحمد بن مسلم بن عقيل (رضوان الله عليهم)، هكذا ذكر بعض المؤرخين مضيفين اليهم عبد الرحمان بن عقيل، يعرفونه بأنه ابن مسلم بن عقيل.
الا ان مؤرخين آخرين، كابن شهر آشوب في (مناقب آل أبي طالب)، والشيخ المفيد في (الارشاد)، يذكرون أن عبد الرحمان بن عقيل قد استأذن الامام الحسين (عليه السلام) لوحده، ثم توجه الى ساحة النزال والقتال بمفرده، وهو يرتجز ويقول:

أبي عقيل.. فاعرفوا مكاني

من هاشم.. وهاشم إخواني

كهول صدق ٍ سادة الاقران

هذا حسين شامخ البنيان

وسيد الشيب مع الشبان

فقاتل قتال الابطال حتى فرّق صفوف الاعداء، وأوقع فيهم سبعة عشر فارساً وعدداً كبيراً من الجرحى، فلما رأوا شجاعته الفائقة شدوا عليه من كل جانب، أحاطوا به واحتوشوه محاصرين له، فتولى قتله عثمان بن خالد بن أشيم الجهنيّ، وبشر بن حوط الهمداني القايضيّ. كما ذكر ابن شهر آشوب في (مناقب آل ابي طالب)، والشيخ المفيد في (الارشاد)، وابن الاثير في (الكامل في التاريخ).
أما في زيارة الامام المهدي (سلام الله عليه) للشهداء، فهكذا ورد: "السلام على عبد الرحمان بن عقيل، لعن الله قاتله وراميه عثمان بن خالد بن اشيم الجهنيّ".
ونقرأ في زيارة عاشورائية شريفة هذه العبارة: "السلام على الشهداء من ولد جعفر وعقيل". وقد تعرفنا على ثلاثة شهداء من الشهيد جعفر بن ابي طالب (الطيار)، هم أحفاده من ولده عبد الله بن جعفر: عون بن عبد الله، ومحمد بن عبد الله، وعبيد الله بن عبد الله.
أما الشهداء من أولاد عقيل فهم: مسلم بن عقيل، وجعفر بن عقيل، وعبد الرحمان بن عقيل ويتردد بعض المؤرخين في شهيد يسمونه مرة ً: أبا عبد الله بن مسلم بن عقيل، ومرة ً اخرى: أبا عبيد الله بن مسلم.
وربما هو شخص آخر، اسمه عبد الله الاكبر بن عقيل، الذي ورد ذكره في (كامل الزيارات) و(الارشاد) و(تاريخ الطبري) و(مقاتل الطالبيين) و(مروج الذهب) للمسعوديّ، أمه أم ولد. خرج الى ساحة كربلاء مرتجزاً:

صبراً على الموت يا بني هاشم

دفاعكم عن سيد الشباب

فنحن لا نخاف السيف لا ولا

قطع اليدين والرقاب

فما زال يضرب فيهم، ويطاردهم ويشقّ صفوفهم، حتى تمكن من قتل وجرح العشرات، ماضيا ً في تتبعهم، قيل: فكمن له عمرو بن صبيح الصيداويّ فغدر به فقتله ـ كما في (الكامل في التاريخ)، وقيل ايضاً ـ كما في (مقاتل الطالبيين): قتله عثمان بن خالد بن أسد الجهنيّ ورجل من همدان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة