البث المباشر

حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

السبت 11 مايو 2019 - 11:23 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأحبة ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نحييكم بها في مستهل لقاء جديد في رحاب أنوار الهداية الإلهية النقية التي تشع بها نصوص الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة المبينة لأسرار القرآن العزيز.
أيها الأعزاء، كانت لنا تأملات في حلقتين سابقتين من هذا البرنامج في نص حديث شريف روته المصادر المعتبرة عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – يهدينا فيه الى أربعة علاجات قرآنية لأربعة من الحالات الصعبة التي تمر بالإنسان، ويعلمنا – عليه السلام – أيضاً كيف نستنبط من كتاب الله جل جلاله ما نستهدي به لحفظ مسيرتنا على الصراط المستقيم.
وقد تناولنا ثلاثة من تلكم العلاجات، وبقي الرابع وهذا ما نتناوله في لقاء اليوم، فتابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأطائب، الحديث الصادقي المشار إليه من غرر الأحاديث الشريفة المستقاة من مدينة العلم المحمدية وجدير بكل مؤمن أن يحفظه، لذا نبدأ أولاً بالإستنارة نصه الشريف برواية الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي بسنده عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – قال: "عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع الى أربع: عجبت لمن خاف كيف لا يفزع الى قوله عزوجل:
"حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" فإني سمعت الله جل جلاله يقول بعقبها: "فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء"
وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع الى قوله عزوجل: "لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ".
وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع الى قوله:
"وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" فإني سمعت الله جل وتقدس يقول بعقبها: "فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا"
وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله تبارك وتعالى: "مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" فإني سمعت الله عز اسمه يقول بعقبها: "إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك" وعسى موجبة - يعني لنزول الخير من الله عزوجل-.
أيها الإخوة والأخوات، العلاج القرآني الرابع هو الذي يستنبطه الإمام الصادق – عليه السلام – من الآيات ۳۲ الى ٤٤ من سورة الكهف التي تتحدث عن حوار بين رجل مؤمن وآخر غرته الثروة، فيهدينا الإمام – عليه السلام – الى ذكر
"مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" لحفظ الثروة أولاً لصاحبها، أو حصول من لا يملكها عليها.
لنتأمل معاً في هذا النص القرآني الكريم، حيث يقول الله أصدق القائلين:

"وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{۳۲} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{۳۳} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{۳٤} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{۳٥} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{۳٦} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{۳۷} لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{۳۸} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{۳۹} فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{٤۰} أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{٤۱} وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{٤۲} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{٤۳} هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{٤٤}


مستمعينا الأفاضل، بالتدبر في هذه الآيات الكريمة، وعلى ضوء الفقرة الأخيرة من حديث مولانا الإمام الصادق – عليه السلام – يمكننا تسجيل الحقائق التالية فيما يرتبط بالعلاج القرآني لحفظ الثري لثروته أو حصول من لا يملكها عليها:
أولاً: إن الذكر القرآني المبارك "مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" يرسخ في قلب الإنسان الإعتقاد بربوبية الله وأن ما يحصل عليه الإنسان هو بالمشيئة والقوة الإلهية، وعليه يكون حفظ الثري لثروته بالإقرار بذلك واجتناب إنكار هذه الربوبية بسبب الإغترار بالثروة وإلا أصابه ما أصاب ذلك الثري دمرت مزارعه وعبر عن ندمه بقوله: "يا ليتني لم أشرك بربي أحداً".
ثانياً: وعلى الطرف المقابل، فإن الإكثار من ذكر "مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" وترسيخ مضمونه في القلب يفتح أبواب الخير على الفقير الذي لا يملك تلك الثروة ويبشره بأن الله سيؤتيه خيراً منها ببركة ثقته وإيمانه بربوبية الرب الرحيم الذي لا قوة إلا به تبارك وتعالى أرحم الراحمين.
والى هنا نصل مستمعينا الأطائب الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (آيات وأحاديث) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة