البث المباشر

شرح فقرة: "ربنا آمنا بما أنزلت وأتبعنا الرسول..." حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول سبل الثبات على الايمان الحق

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 14:35 بتوقيت طهران

الحلقة 162

لا نزال نحدثك عن المقاطع الاخيرة من زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام، ونعني بها: الجامعة الكبيرة، حيث نحدثك الان عن احد مقاطعها الاخيرة، وهو المقطع البادئ بهذه العبارة (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، سبحان وعد رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً).
ان هذا المقطع من الزيارة هو مقطع دعائي قرآني كريم: كما هو واضح، ويجدر بنا ان نعقبّ عليه بكلمات موضّحة، فنقول: ان مقطع الزيارة او الدعاء هو: التوجه الى الله تعالى اولا ً بعبارة «رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ».
ولعل السؤال المهم هو: ما هي النكتة الكامنة وراء صياغة عبارتين، احدهما تقول (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ) والثانية تقول (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ)، حيث ان العبارة الاولى القائلة باننا آمنا بما انزل الله تعالى كافية للتعبير عن رسالة الاسلام اي: اننا آمنا بما انزل الله تعالى على رسوله(ص) وهو القرآن الكريم ومبادئ الرسالة الاسلامية، فلماذا جاءت العبارة الثانية لتقول (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ)؟ أليس الايمان بما انزل منه هو اتباع للرسول؟ فلماذا هذه العبارة الثانية؟
الجواب: مما لا شك فيه ان المقصود من انزاله تعالى هو: القرآ ن ومبادئ الاسلام على الرسول(ص)، ولكن النكتة هي: ان اتباع الرسول(ص) لم يتحقق لدى المؤمنين بالله تعالى بالنحو الكامل، فمثلاً لقد انزل الله تعالى على الرسول(ص) بأن يطيع الناس الله تعالى والرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ ، وانزل تعالى على رسوله(ص) اليوم اكملت لكم دينكم، واوحى الى رسوله(ص) بأن يجعل الامام علياً(ع) وصياً له، ولكن هل اتبع الناس جميعا ما قاله الرسول(ص)؟ 
كّلا، اذن ثمة نكتة بالغة الاهمية الا وهي: ان اتباع الرسول لم يكن متحققا لدى جميع الناس، بل ان من اتبع السول(ص) في توصياته جميعاً هي: الفرقة الناجية التي اطاعت الله تعالى ورسوله(ص) وَأُولِي الأَمْرِ عليهم السلام.
بعد ذلك تواجهنا عبارة (فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)، ان هذه العبارة من الاهمية بمكان كبير، انها تأكيد لما سبق من الايمان بما انزل الله تعالى واتباع رسوله(ص) حيث توسل الدعاء بالله تعالى بان يكتبنا نحن المؤمنين بما انزل تعالى على رسوله، وعملنا بما اوصانا به رسوله، بان يكتبنا تعالى مَعَ الشَّاهِدِينَ على هذا الامر، حيث ان الحساب المقبل في اليوم الآخر سوف يكشف الحقائق كما هي، وحيث ينجح الشاهدون على ما امر به تعالى من الاطاعة له تعالى ولرسوله(ص) ولاولي الامر عليهم السلام، ويُثار هنا سؤال مهم هو: كيف نثبت على هذا الايمان الحق؟ 

*******

هذا ما يجيب عنه خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في اللقاء الهاتفي التالي، نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، تقبل الله اعمالكم مستمعينا الافاضل والسلام عليكم، نرحب بكم وبخبير البرنامج سماحة الشيخ الصادقي، سماحة الشيخ من الاسئلة المهمة التي تثيرها عبارات وفقرات الزيارة الجامعة قضية تأكيدها على ضرورة الثبات على الايمان الحق بجميع فروعه التوحيد، المعاد، النبوة، الامامة، ما هي سبل الثبات على الايمان الحق؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً بلا شك ولا ريب ان الايمان بالاعتقادات الحقة قضية مهمة جداً وخصوصاً للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله والائمة المعصومين الاثنى عشر، ومن هنا ورد في بعض النصوص كما ورد عن الامام الصادق عليه السلام انه سأله احد اصحابه سيدي علمني قولاً انا اذا قلته يكمل ايماني ويستقر ويثبت، يعني انه لا يكون ايماناً مستودعاً، فالامام سلام الله عليه من جملة الامور التي اشار في هذا المعنى علمه هذا الدعاء بعد كل فريضة (ورضيت بالله رباً وبالنبي محمد صلى الله عليه وآله نبياً وبالقرآن كتاباً وبالكعبة قبلة وبعلي ولي واماماً وبالحسن والحسين وعلي ابن الحسين ومحمد ابن علي وجعفر ابن محمد وموسى ابن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد ابن علي وعلي ابن محمد والحسن ابن علي والحجة ابن الحسن، اللهم اني رضيت بهم ائمة فارضي بهم انك على كل شيء قدير)، هذا في الحقيقة احدى الوسائل يعني تصوير وتجسيد للاعتقاد بالنبي والائمة عليهم السلام.
المحاور: الا انه يتضمن طلباً من الله تبارك وتعالى استعانة بالله للثبات على الدين؟
الشيخ باقر الصادقي: احسنتم هذه نقطة، النقطة الثانية بلا شك الابتعاد عن الذنوب والمعاصي مهما امكن هذه تلعب دورها في المحافظة على الايمان كما ان الالتزام ببعض المستحبات اضافة الى الواجبات لان الواجبات لابد للانسان ان يأتي بها لكن فضلاً عن الواجبات يلتزم ببعض المستحبات والتزامه ببعض المستحبات هذه تقوي عنده الايمان وتجعله راسخاً، ولعل من ابرز هذه المستحبات المحافظة على صلاة الليل وصلاة الجماعة واداء الصلاة في وقتها، كذلك مثلاً من جملة الامور زيارة الائمة عليهم السلام، طبعاً تلعب دور ولاية اهل البيت عليهم السلام الحضور في مجالسهم اقامة الشعائر، هذه تجعل هذا الايمان راسخاً، كذلك من جملة العوامل استخدام نعم الله عز وجل فيما يرضي الله عز وجل وعدم صرف هذه النعم في معاصي الله والعياذ بالله، لانه من جملة آثار صرف النعم في المعاصي تسلب حسن العاقبة وتورث العبد سوء العاقبة والعياذ بالله وبالتالي قد تسلب منه ولاية اهل البيت ومعرفة اهل البيت، كما ورد في زيارة المعصوم سلام الله عليه في الدعاء يطلب العبد "وان لا يسلبنا معرفتكم"، ظاهراً ان الذنوب وبعض المعاصي والاستعانة ونعوذ بالله وصرف النعم الالهية في معاصي الله هذه مما تسلب من العبد حسن العاقبة يعني تورثهم سوء العاقبة والعياذ بالله والاعتقاد الحق يسلب منه، ثبتنا الله واياكم وجميع المؤمنين ان شاء الله على هذا الاعتقاد وولاية اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين.
المحاور: اللهم آمين، سماحة الشيخ الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احبائنا وانتم تتابعون مشكورين هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان وشرح الزيارة الجامعة.

*******

بعد ذلك: نواجه عبارة (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)، هذه العبارة بدورها تتضمن نكتة مهمة مرتبطة بسابقها الا وهي: الا يجعل تعالى قلوبنا زائغة عن الحق بعد اذ هدانا، حيث ان الهداية هي: الايمان بالله تعالى ورسوله واولي الامر، ولكن بعض الناس زاغوا عن طاعة الرسول(ص) وطاعة أُولِي الأَمْرِ، ولذلك جاءت عبارة (لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا) مؤكدة للمبدأ القرآني الآمر لاطاعة الله تعالى ورسوله(ص) وَأُولِي الأَمْرِ عليهم السلام.
ثم نواجه عبارة (وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)، هذه الفقرة بدورها امتداد للدلالات السابقة، ان طلب الرحمة منه تعالى هو: ان نبقى محافظين على طاعة الله تعالى ورسوله(ص) وَأُولِي الأَمْرِ، وتكرار الاشارة الى الرحمة يعني: اهمية الاطاعة المذكورة، اي: الاطاعة الثلاثية حيث تجسد رحمته تعالى كلّ التجسيد: كما هو واضح، ويجيئ التأكيد بانه تعالى هو الوهاب، حيث ان اداة التوكيد (انك) واداة التوكيد الثانية (انت) تجسد لنا معني رحمته تعالى المطلقة في توفيقنا الى اطاعته تعالى واطاعة الرسول(ص) واطاعة أُولِي الأَمْرِ عليهم السلام.
اخيرا تجيئ العبارة التي تختتم مقطع الدعاء وهي (سبحان وعد رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً) تأكيداً اخيراً على رحمته بأن يكتبنا من الشاهدين على ما امرنا به، وان وعده تعالى مفعول لا تشكيك في تحققه: كما هو واضح.
اذن تبين لنا ما تضمنه مقطع الدعاء من التوسلات بالله تعالى بان يكتبنا من الشاهدين، ويهب لنا رحمته، ومن ثم: ما يترتب على ذلك من الشكر لله تعالى على ذلك، والدعاء بان يوفقنا لطاعته، انه ولي التوفيق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة