البث المباشر

هم قتلة وإن لم تكن يدهم على الزناد

السبت 16 مارس 2019 - 21:54 بتوقيت طهران
هم قتلة وإن لم تكن يدهم على الزناد

حملات التشويه التي تستهدف المسلمين في العالم الغربي والتي تسببت بظاهرة "الاسلاموفوبيا" تطفو نتائجها على السطح بين الحين والاخر في جرائم ارتكبت في حق ابناء الامة.

وكان آخرها المجزرة الارهابية البشعة التي ارتكبها أسترالي يميني متطرف، ضد المسلمين المصلين في مسجدين بنيوزيلندا.

تصاعدت ظاهرة الاسلاموفوبيا خلال الاعوام الاخيرة في الغرب نتيجة وصول احزاب سياسية يمينية وراديكالية الى الحكم في بعض البلدان الغربية والتي نشرت بدورها افكارها المتطرفة ضد كل من هو مسلم او غير ابيض.

كما ان الاعلام الغربي كان له دور كبير في انتشار هذه الظاهرة. فإذا تورط مسلم في جريمة ما يصفه الاعلام الغربي بالارهابي وانه اخذ افكاره من دينه، في حال اذا ارتكب غير مسلم نفس هذه الجريمة فسيطلق عليه الاعلام وصف المختل او وصفا يخفف من حدة ما اقترفه.

ولكن السبب الذي دفعنا لكتابة هذه السطور هو الجريمة الارهابية التي وقعت في نيوزلندا امس الجمعة، حيث كان من المقرر ان تقام صلاة الجمعة في مسجدي "النور" و"لينوود" في منطقة "كرايست تشيرش" الواقعة على السواحل الشرقية لهذا البلد كما جرت العادة، لكن ما قلب الموازين هو الهجوم الارهابي الذي ارتكبه الارهابي الاسترالي اليميني المتطرف "برينتون تارانت" ( 28 عاما)، الذي وُصف بانه اكثر دموية حيث استشهد فيه اكثر من 50 شخصا بينهم اطفال ونساء واصيب عشرون آخرون بجروح.

هذا وأكدت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، أن "الشرطة ألقت القبض على أربعة لهم آراء متطرفة، لكنهم لم يكونوا على أي قائمة من قوائم المراقبة"، مضيفة بأنه "تقرر رفع درجة التهديد الأمني لأعلى مستوى".، كما اشارت الى انه "برينتون تارانت" كان ينوي تنفيذ هجمات أخرى قبل القبض عليه.

وكشفت مصادر إعلامية وسياسية في العاصمة النيوزيلندية عن معلومات أولية حول جنسيات الضحايا في الهجوم الارهابي وكانوا كالتالي: سقط 3 شهداء من الاردن و7 جرحى، اما مصر فقدت 4 شهداء، بينما كان للعراق شهيدان، وللسعودية شهيد واحد ولفلسطين ايضا شهيد واحد وعدد من الجرحى، ولبنغلاديش 3 شهداء و4 جرحى ومفقود واحد، ولافغانستان شهيد واحد و3 جرحى ولسوريا شهيد واحد ولاندونيسيا 3 مفقودين.

الغريب ان الارهابي الاسترالي تارانت وقبل إقدامه على هذه الجريمة، نشر بيانا مطولا في 73 صفحة تحت عنوان The Great Replacementفي "فيسبوك" شرح فيه أهداف وخلفيات الهجوم الذي كان ينوي تنفيذه.

وفي البيان الذي يحمل أفكارا عنصرية متطرفة، يصف الارهابي تارانت نفسه بأنه "رجل أبيض عادي من عائلة عادية، قرر الوقوف من أجل ضمان مستقبل أبناء جلده". وذهب بخياله المريض بعيدا قائلا: "لا أتوقع إطلاق سراحي فقط، وإنما أتوقع منحي جائزة نوبل للسلام... ففي نهاية المطاف تم منح هذه الجائزة للإرهابي نيلسون مانديلا بمجرد أن حقق شعبه النصر وتولى السلطة... أتوقع أن يتم إطلاق سراحي خلال 27 عاما من سجني، وهو نفس عدد السنوات التي قضاها مانديلا وراء القضبان لنفس الجريمة".

هذا وتناقل روّاد موقع التواصل الاجتماعي صورا لأسلحة استخدمها منفذ الاعتداء وتظهر فيها صندوق سيارة المهاجم وبه أسلحة أوتوماتيكية، كما ظهر المتهم في مقطع فيديو مصور قبيل دخوله المسجد وتنفيذ مجزرته. وكتب منفذ الهجوم الارهابي عبارات عنصرية على سلاحه هاجم فيها الدولة العثمانية والأتراك، حسب ما أظهر مقطع الفيديو الذي بثه بنفسه عبر الإنترنت.

مواقف مؤثرة شهدتها حادثة نيوزلندا الارهابية

وبعد ساعات من المجزرة، تحوّلت عبارة "مرحباً أخي"، التي استقبل بها أحدُ الضحايا منفّذَ المجزرة، إلى وسم عالمي بعبارات الغضب والاستنكار.

وقال مغردون إن قائل تلك العبارة هو شيخ أفغاني يدعى داود نبي، ويبلغ 71 عاماً، وتصادف وجوده عند بوابة المسجد مع دخول القاتل برينتون تارانت.

وانتشر الوسم Hello Brothe على نطاق واسع في الإنترنت، حيث استخدمه مدونون للتعبير عن ردود أفعالهم الغاضبة والحزينة بقصائد ورسوم وعبارات مؤثرة.

ولم تكن هذه القصة المؤثرة الوحيدة في هذه الحادثة بل هناك الكثير من القصص المؤثرة منها استشهاد سيدة بنغالية حاولت إجلاء زوجها المعاق عن المسجد المنكوب، والفرار به من وابل الرصاص الذي أطلقه السفاح على المصلين.

وذكر أقارب البنغالية الضحية، أن حسنة آرا بارفين، لقت مصرعها بإطلاق النار في مسجد النور، عندما حاولت إنقاذ زوجها المشلول فريد الدين الذي أحضرته للصلاة في المسجد المنكوب.

وفي سياق متصل، اثار البعض تساؤلات حول ما اذا كان الارهابي الاسترالي تارانت، وجد تعاطفا من قبل مجتمعه وان كان مستترا استنادا الى ما قاله احد شهود العيان سعيد مجد الدين لصحيفة "New Zeland Herald" حيث اشتكى من بطء استجابة الشرطة وقال إنه "استغرق وصولها 20 دقيقة ونحن في وسط المدينة".

الحقيقة ان هذا التأخير امر مستغرب بالفعل خاصة وان وقائع الجريمة كانت تبث مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي والكل شاهدوها من ضمنهم رجال الشرطة والمسعفون انفسهم كما ان نيوزيلندا دولة متقدمة وهادئة غير مزدحمة وليس هناك مبرر قوي على هذا التاخير، خاصة ان الحكومة النيوزلندية كانت قد تلقت بيانا من منفذ الاعتداء قبل تنفيذ الهجوم على المسجدين بعشر دقائق، بحسب صحيفة نيوزيلندية نقلا عن المتحدث باسم مكتب جاسيندا آرديرن.

منفذ الحادثة الارهابية امام المحكمة

وبعد يوم دام، مثل الارهابي منفذ الهجوم المأساوي برينتون تارانت أمام المحكمة بتهمة القتل ووضعته الشرطة رهن الاحتجاز بدون إمكانية الإفراج عنه بكفالة.

واعلنت الشرطة أنه سيتم توجيه تهم أخرى غير القتل إلى مرتكب الهجوم في حين أمرت المحكمة احتجازه حتى الجلسة القادمة في 5 أبريل المقبل.

ولم يتحدث تارانت أمام المحكمة التي ظهر أمامها مكبل اليدين ومرتديا ملابس السجن البيضاء. ولم يطلب محاميه الذي عينته المحكمة إطلاق سراحه بكفالة، لكنه قام بعمل إشارة في يده تشير إلى فئة "المتفوقين البيض".

ولايبدو ان حادثة نيوزيلندا الارهابية وضعت النهاية لمعاداة الاسلام الناشئة عن انتشار ظاهرة الاسلاموفوبيا ففي بريطانيا، ذكرت الشرطة البريطانية أن مجهولين هاجموا حشدا من المسلمين بالعصي والمطارق أمام أحد المساجد شرقي لندن، بعد ساعات من هجوم نيوزيلندا الدموي أمس الجمعة.

كل هذه الجرائم التي تقع ضد المسلمين في بلاد الغرب هي في الحقيقة نتيجة لسياسات احزاب راديكالية متطرفة واعلام يسهم في تشديد ظاهرة الاسلاموفوبيا، فالقاتل ليس فقط من وضع يده على الزناد بل كل من ساهم في خلق اجواء الكراهية والعنف والتحريض ضد الاخر كما ان حكومات بعض البلاد الاسلامية التي لم تتخذ موقفا حازما ضد السياسة الممنهجة لتعميق الاسلاموفوبيا هي ايضا مسؤولة امام سقوط الشهداء والجرحى.

 

المصدر : قناة العالم

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة