البث المباشر

اشتباكات في "تل أبيب" خلال "يوم الغفران"

الثلاثاء 26 سبتمبر 2023 - 17:29 بتوقيت طهران
اشتباكات في "تل أبيب" خلال "يوم الغفران"

أدان رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحداث، وألقى باللوم على "المتظاهرين اليساريين"

واندلعت اشتباكات وسط "تل أبيب"، الأحد، عشية عطلة "يوم الغفران"، إذ قال منظمو صلاة من اليهود المتدينين إنهم "تعرضوا لهجوم نفذه متظاهرون علمانيون".

وشرع منظمو الصلوات في فصل الرجال عن النساء باستخدام الأعلام الإسرائيلية كحاجز مؤقت، في انتهاك لحكم المحكمة وقرار بلدية "تل أبيب" الذي منع الفصل بين الجنسين في الصلاة.

ونظم ما يقدر بنحو 200 ناشط، وصفوا أنفسهم بأنهم "ضد تغليب مظاهر التدين في الحيز العام"، مسيرة احتجاجية في ميدان ديزنغوف في "تل أبيب"، وهتفوا بشعار: "عار عليكم".

وقبضت شرطة الاحتلال على أحد المتظاهرين بعدما صعد إلى المنصة التي أقيمت فيها الصلاة وأنزل الأعلام.

نتنياهو وغانتس يتقاذفان الاتهامات والمسؤولية

وقد دان رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحداث، وألقى اللوم على "المتظاهرين اليساريين"، فيما علّق رئيس "معسكر الدولة" وأحد أبرز زعماء المعارضة، بيني غانتس، على تصريحات نتنياهو، متسائلاً: "مَن غير رئيس الوزراء الذي هو أكبر مسبب للكراهية سيختار في هذا التوقيت تأجيج النار؟". 

أما بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية في حكومة نتنياهو، فقد وصف المتظاهرين بـ"مُحرقي المخازن"، في إشارة إلى الرواية التلمودية التي تتحدث عن إحراق المخازن التي حفظت الدقيق لفترة الحصار، والتي نفذها بعض اليهود الذين اختلفوا فيما بينهم.

بدوره، أعرب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عن "قلقه من خطورة الانقسام الداخلي" في كلمة ألقاها في المراسم الرسمية لذكرى مرور 50 عاماً على "حرب يوم الغفران"، وهي التسمية الإسرائيلية لحرب أكتوبر (تشرين الأول)، التي هاجمت فيها القوات المصرية والسورية بشكل مشترك كيان الاحتلال الإسرائيلي، واستعادت السيطرة على شبه جزيرة سيناء.

وقال هرتسوغ إنّ "الانقسام والاستقطاب والنزاع الذي لا ينتهي كلها تمثل خطراً حقيقياً على المجتمع الإسرائيلي وأمن إسرائيل"، محذراً من استمرارها بعد فقدان المبادرة التي أطلقها لحلّ الأزمة فرصها في النجاح.

لا خطة استراتيجية في "إسرائيل"

وفي سياق الوضع المتأزم داخلياً، تحدثت مراسلة الشؤون الدبلوماسية في صحيفة "إسرائيل هيوم"، شيريت كوهن، عن "ظاهرة مقلقة تتبدى في إسرائيل التي تواجه مشكلات حاكمية على طول الخريطة، بدءاً من أحداث عنف الأريتيريين في جنوب تل أبيب، مروراً بظاهرة الجرائم والجريمة الزراعية وفقدان الحاكمية في النقب، وصولاً إلى حقيقة أن الحكومة توقف أشغال إقامة توربينات في هضبة الجولان بسبب تهديدات السكان الدروز للنظام العام".

وأضافت كوهن أنّ "الحكومات على مرّ السنين كبتت، وقامت بردود أفعال موضعية، وأجّلت التعامل معها إلى يوم آخر. وهكذا تضخّمت أحداث صغيرة إلى أبعاد هائلة تلحق الضرر بشعور بالأمن"، مؤكدةً أنّ "الخطة الاستراتيجية هي شيء غير موجود حتماً".

ولا رؤية شاملة لمعالجة أزمة الأمن الداخلي

بدوره، الباحث من معهد "مسغاف"، كوبي ميخائيل، قال إنّ "المشكلة الأساسية في إسرائيل هي أن عقيدة الأمن الداخلي لم تكتب ولم تُبحث مثلما بُحثت عقيدة الأمن القومي العسكرية".

ويضيف ميخائيل: "عند الحديث عن عقيدة أمن داخلي، يفكّر الناس في الإرهاب أو علاقات يهود–عرب، لكن الأمن الداخلي أوسع من ذلك بكثير، ويتضمن عناصر أخرى تؤثر في أدائنا وقوتنا".

ويشرح الباحث الآخر من معهد مسغاف، العقيد احتياط في "جيش" الاحتلال غابي سيبوني، طبيعة الصِدام الحاصل بين الحكومة والمحكمة العليا، في محاولة لمعالجة موضوع الجولات السابقة التي بقيت دون نجاح، مبيناً: "في نهاية المطاف، فإنّ الجريمة الزراعية، والجريمة المنظمة، وحجم السلاح غير القانوني، كلها مشكلات حاكمية – أي كلها مشكلات عويصة لم تُعالَج معالجة جذريةً على مر السنين، وهذا يتراكم لوصولها إلى مشكلة استراتيجية خطرة".

ويضيف سيبوني: "في أحداث حارس الأسوار، رأينا أعمال شغب من قبل عرب على الطرقات وفي مدن مختلطة. هذه الأمور ستحدث مرة أخرى في المستقبل. وقد نكون في قتال متعدد الساحات. وفي الساحة الداخلية، لا يمكن للشرطة المواجهة".

فقدان سيطرة الحكومة "ليس مجرد ثغرة"

قدرة شرطة الاحتلال على التعامل مع أحداث "حارس الأسوار" (التسمية الإسرائيلية لعملية "سيف القدس") ثبُت أنها محدودة، إذ لم تنجح في النقب في التعامل مع أحداث واسعة، يؤكد سيبوني، الذي يضيف مستنتجاً أنها "ليست ثغرةً، بل هي خلل أساسي في البرنامج".

وأوضح سيبوني أنّ "ما حدث مع الأريتيريين يحدث في النقب يومياً، توجد هناك مناطق من دون أيّ حاكمية. الشرطة لا تفرض السيادة في تلك المناطق، لأن هذا غير مريح لها. الشرطة تفرض القانون على من هو مستعد للامتثال للقانون".

ويضيف: "إذا كان هناك من يعتقد أن العنف في المجتمع العربي سيبقى محصوراً في المجتمع العربي، فهو لا يعيش بيننا ولا يفهم ماذا يحصل. سينفجر هذا العنف في وجوهنا على نحو كبير، وينزلق إلى المجال اليهودي، ويمكن أن يُنزل كارثة على رؤوسنا، حين نجد أنفسنا عاجزين أمام جريمة قومية شديدة جداً".

ويعود ميخائيل ليتساءل: "أي قدرة للدولة للتعامل مع أحداث طبيعية متطرفة؟ زلازل، فيضانات، ارتفاع درجات الحرارة.. ليس هناك أي إعداد".

وينتقل ميخائيل إلى موضوع بالغ الأهمية، هو "الزراعة الإسرائيلية"، وقدرة "إسرائيل" على إنتاج الغذاء بنفسها، محذراً من غياب أي "مخازن طوارئ لحالة يكون فيها ثمة حصار بحري على إسرائيل يمنعها من الاستيراد"، محذراً من أنّ "هذا التفكير غير قائم على مستوى الدولة. وقد نجد أنفسنا بعد 10 سنوات مع مزارعين أقلّ بكثير مما تحتاجه إسرائيل". 

ويختم الباحث الإسرائيلي بأنّ "ما يحصل هو نتيجة ثقافة سلطوية في دولة فيها وزراء يريدون إنجازات فورية، وينتظرون الظهور في نشرات الساعة 8 مساء.. كلّهم يريدون أن تكون الثمار في ولايتهم، هنا والآن".

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة