البث المباشر

محمد بن مكي الجزيني العاملي

الإثنين 18 فبراير 2019 - 11:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 406

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين 
ومن مظلومي الصادقين ومن اعيان الصادقين هو احد اعلام اهل البيت وأحد رموز الطائفة الإمامية هو محمد بن مكي الجزيني العاملي هو ولي من اولياء الله وشهرته اشتهر بالشهيد الاول رضوان الله تعالى عليه وكتب عنه اكثر من كاتب ربما بالعشرات وقد ذكره المرحوم الأميني في كتابه شهداء الفضيلة، فيه ترجمة لمئتين وثمانية عشر عالم شهداء من علماء الإمامية استهدفت مدرسة القتل ومدرسة الإبادة التي تعمل بمنهج وفتاوى ابن يتمية ومحمد بن عبدالوهاب وهذه المدرسة سلطت سيفها ووسائلها في ابادة الكثير من رموز العالم الاسلامي فالشهيد الاول من ضحايا القتل الجماعي ومدرسة الدم، الشهيد الاول ولد في مدينة جزين جنوب لبنان عام 734 هجرية واستشهد عام 786 هجرية يعني مجموع عمره خمسين سنة وفي الواقع لواتيح له ان يبقى ثمانين او سبعين عاماً كان يغني العالم الاسلامي بالمزيد من العطاء والآثار، والرجل هذا ينتمي الى اسرة علمية عريقة والده وجده من كبار العلماء في منطقة جنوب لبنان، يذكر الشيخ الحر العاملي ان خمس علماء الشيعة هم من جنوب لبنان وهذه هي آثار وبركات الصحابي ابوذر الغفاري الذي نفاه الخليفة الثالث ومعاوية الى صرفند وهناك اسس ووضع بذرة هذه البركات.
المرحوم الشهيد الاول محمد بن مكي الجزيني سافر الى مختلف الاقطار الاسلامية وقد عرف بدماثة خلقه وبتواضعه، يعني يتحلى بجاذبية خاصة، سافر الى الحلة ويومها كانت حاضرة الفقة في العالم الإسلامي بعد ذلك سافر الى مصر، سافر الى القدس، سافر الى ايران سافر الى الديار المقدسة، وكان يدرس ثقافات المدارس الاسلامية كلها وكان حريصاً في جواباته، لا يعطي ثغرة او مستمسك لانه كان مرصوداً وكان يدس الابواب على الخصوم الا يمسكوا عليه اي نقطة فهو تعلم التكيف والتعايش مع بلد متجانس ومتعدد الطباع والتوجهات وكتب الكثير من المؤلفات، اربعة وعشرين مؤلفاً في الفقة والاصول والأدب والتفسير وآخر ما كتب شرح قصيدة الشفهيني، اشهر مؤلفاته هو اللمعة الدمشقية هذا الكتاب هو الذي من امهات الفقة عند الامامية، ولا يمكن لأي طالب او مجتهد او فاضل او متوسط المعلومات او مرجع ان يستغني عن اللمعة الدمشقية، وعلى صعيد الادب له الكثير من المقاطع الأدبية مثلاً عنده مقطع ادبي او مقطوعة شعرية كان دائماً يضعها في جيبه:

اني بحب محمد ووصيه وبنيهما

يارب قد علقت يدي

وقصدت بابك طالباً بولاءهم

حسن الكرامة يوم أبعث في غد

فبحق احمد والبتول وبعلها

وبني علي لا تخيب مقصدي

وامنن عليّ برحمة انجو بها

يوم الحساب بحق آل محمد

حبي لآل محمد حسبي وما القى

به ربي غداة الموعد

ومن هذا القبيل، هناك قرأت له شبه ارجوزة او قصيدة يجاري فيها شعر ابن الجوزي، سبط ابن الجوزي له قصيدة:

اقسم بالله وآلاءه اليهما القى به ربي

ان علي ابن طالب امام اهل الشرق والغرب

فسايره الشهيد الاول وكمل تقريباً بقوله:

لانه صنو نبي الهدى

وسيفه القاطع بالحرب

وقد وقاه من جميع الردى

بنفسه في الخصب والجدب

والنص في الذكرى

وفي انما وليكم كاف لذي لب

في الواقع كان الشهيد الاول عطاءه متعدد الاشكال فعلى صعيد السفر كان يلقي المحاضرات ويجتمع اليه الناس والعلماء وبايديهم محابرهم واقلامهم ويكتبون ويدونون وكان يعطي الاجوبة بشكل دقيق لكن اواخر عمره المبارك كانت فترة مماليك الشركس هؤلاء متطرفون وجهال وفي عصرهم كانت تنتشر وتنشط مدرسة النواصب يعني مدرسة القتل ولا نعرف من اين جاءوا بهذه الثقافة ثقافة الدماء، لعل ورثوها من الحبشة او الأباطرة او الرومان فهؤلاء تعظيهم فتاوى هذا ابن تيمية كانوا لا يعرفون الا كلمة الابادة وقطع الرؤوس والتمثيل بالاجساد والتوحش، حاكم المنطقة انذاك اسمه برقوق كانت ترفع اليه التقارير او الوشايات عن الشهيد الاول انه جعفري هذا امامي او في اصطلاحهم رافضي والصليبية العالمية كانت تسعى جاهدة في تنمية هذه المدرسة لتكفيها مؤونة ابادة المسلمين فتبيد المسلمين على ايدي من يتظاهرون بمظاهر اسلامية ويتسترون بشعارات اسلامية فالصليبية‌ العالمية قدمت الوسائل المباشرة وغير المباشرة، المباشرة المساعدة والتمكين لهذه المدرسة وهذه الجماعات وحتى اليوم ما نشاهده في العراق وما نشاهده من ارهاب يزعزع البلاد الاسلامية كلها، في الديار المقدسة، في كل العالم، هذه المدرسة‌ هي في الواقع الواضع لأسسها هي الصليبية العالمية والصهيونية وتتغطى وتتلحف بفتاوى مجموعة من هؤلاء يسمون انفسهم بالعلماء وهم ليسوا الا مفتين بالدم ويحملون عقدة الدم، هذا الحاكم رفعت اليه الوشاية دفع بهذه المعلومات الى القاضي والقاضي كان من هذه المدرسة، قاضي ناصبي اسمه برهان الدين المالكي فلما بلغه ان الشهيد الاول محمد بن مكي الجزيني مثلاً رافضي احضره واخذ يستجوبه الى آخر المطاف افتى بحبسه سنة كاملة والسجن كان جداً ضيق وصعب وقاسي وفي داخل السجن دون الشهيد الاول هذه المأثرة الكبيرة وهذا الكتاب الضخم اللمعة الدمشقية، بعد مرور سنة من سجنه اصدر هذا القاضي، من يسمى بالقاضي وهو ليس إلا جزار افتى بقتله، اصدر فتوى شرعية بقتله ولا ادري هنا هل يضحكني او يضحك السادة المستمعين او يحزنهم، ان هذا القاضي لما جيء بالشهيد الاول لتنفيذ الحكم ولإعدامه نهض القاضي والجلادون وتوضؤا هذه عيناً صارت الحالة مماثلة له يوم ذبح الخوارج زوجة رسول امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب، عبد الله بن خباب فلما ارادوا قتل زوجته توضؤا وصلوا ثم بعد ذلك مزقوا جنينها في بطنها وقطعوها ارباً ارباً، هذا القاضي برهان الدين المالكي قبل ان يقرأ فتوى قتل الشهيد الاول صلى ركعتين ثم اعلن قرار الحكم وقرأوا الادعية والاذكار وكأنهم ينفذون عملاً مقدساً كما هو الحال بالنسبة لعبد الرحمن بن ملجم الذي كان يعتكف في مسجد الكوفة واختيار ليلة القدر لارتكاب جنايته التاريخية في قتل الامام امير المؤمنين كعمل مقدس، فالجماعة هم القوم ابناء القوم واولهم كآخرهم وما يفعلوه اليوم في البلاد الاسلامية في العراق نفس الخط ونفس الصورة، ثم قطع رأسه رحمة الله عليه وبعد فترة طويلة من الصلب تمَّ احراقه، فأسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة